الشاطر.. يتصدر! - الهلال الإخباري

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الشاطر.. يتصدر! - الهلال الإخباري, اليوم الأربعاء 30 أبريل 2025 10:22 مساءً

فتح المجال لمناقشة تحولات مفهوم "المنصب" داخل مؤسساتنا، بات ضرورة ملحّة، لا سيما في ظل ما نشهده من صعود غريب لأسماء غير معروفة في سجل الإنجاز أو حتى في الأهلية المفهومة... أسماء تظهر فجأة، تتصدر المشهد، وتجلس على مقاعد لم تصلها عبر تراكم جهد، ولا حتى من بوابة الحد الأدنى من الموهبة، بل دخلتها من أبواب خلفية لا علاقة لها بالكفاءة: باب العلاقات، أو كما يقال في لغة الشارع "فهلوة آخر زمن".

وهذا التحول في فهم المنصب، خصوصا لدى بعض عناصر الجيل الجديد، يكشف لنا أزمة عميقة في بنية الوعي الإداري، فبينما كان المنصب يوما يمنح لمن جد واجتهد، أصبح اليوم يقتنص بأساليب لا تعتمد على الكفاءة بل على من "تعرف.. لا ما تعرف".

هذا لا يعني أن الجيل الجديد كله على هذا النمط، بل فيه من هو موهوب ومبهر وصاحب فكر حقيقي، لكن المشكلة ليست في الجيل، بل في "المصفاة" التي تسمح بمرور الماء العكر مع النقي. لقد باتت بعض المناصب مكافأة اجتماعية أو علاقاتية أكثر من كونها استحقاقا وظيفيا أو مهنيا.

رأينا إقصاء الكفاءات، وتهميش من أفنوا أعمارهم في البناء والتطوير، فقط لأنهم لا يُجيدون فن التقرب، ولا يملكون "الظهور المناسب". ومن هنا، لا عجب أن تتحول بعض المؤسسات إلى كيانات خاوية، تدار بالشكل لا بالجوهر، وبالصوت لا بالصمت الحكيم.

المؤسف أن بعض من يصلون إلى المناصب بهذه الطرق، يعتقدون أنهم حققوا "نصرا ذكيا"، ويعاملون المنصب كمساحة نفوذ شخصية، لا مسؤولية عامة. بينما الحقيقيون، الذين منحهم الله فطرة القيادة وسعة العقل وصدق الفعل... يُركنون على الرفوف، لأنهم لا يعرفون من أين تؤكل الكتف.

نحن لا نعارض أن تتغير الوجوه، ولا أن يُمنح الشباب الفرص، ولكن أن تكون "الفرصة" لمن لا يملك "العدة"، فهنا مكمن الخلل. لا بد من إعادة الاعتبار للمعايير، ووضع آليات تعيد للمنصب هيبته، وللمؤهلين ثقتهم، وللمؤسسات توازنها.

أما أن يرفع البعض شعار "الشاطر يتصدر"، بمعناه المبتذل، فهنا الكارثة الكبرى، لأن الشطارة ليست في الوصول، بل في ماذا تفعل بعد أن تصل. فكم من "شاطر" جلس في المقعد الخطأ، فأسقط معه مؤسسة كاملة دون أن يشعر.

Idrees2030E@

0 تعليق