نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
حوار الإنسان والآلة وفلسفة الإسقاط على نوبل - الهلال الإخباري, اليوم الأحد 13 أبريل 2025 10:13 مساءً
وللدكتور العميد عواد تواجد قوي ومعتبر في المملكة، مسجلا إنجازات مهمة استراتيجية من خلال مؤلفاته وكتاباته ومشاركاته العلمية في العديد من المؤتمرات والندوات، وله من المقترحات المهمة والمنفذة التي تنم عن خبرة ومعرفة وذكاء استراتيجي، ومن ضمنها ما يتعلق بحقوق الإنسان وإدارة الكوارث والأمن الإنساني والقانون الإنساني ومحاربة الإرهاب.
ولعله من الضروري الاهتمام بالمبادرة العلمية لثقافة الحوار الإنساني وبقاؤها صامدة؛ من خلال الحذر من اختراق تعلم الآلة بتعمق لثقافة الحوار الإنساني، والتريث في صياغة التقارير من خلالها دون التحقق والتدقيق الإنساني، بسبب التحيز المتوقع في مخرجات الذكاء الاصطناعي وارتباطه بالسياسات المهيمنة، إلى حين خلو ساحة الوسائط التقنية المفتوحة للتصادمات العنيفة والتجاذبات الضعيفة، وهو أمر في غاية الصعوبة وشبه المستحيل للحد من الاستفزازات التي يتم استغلالها لزراعة الكراهية لدى العقول البسيطة.
في الوقت ذاته لفت نظري منح جائزة نوبل للسلام لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الفيزياء والكيمياء لعام 2024، والسبب يكمن في الدور الكبير والمتسارع لتوجهه لشتى مناحي الحياة العلمية والعملية، مع ما يمليه فضولي للتطرق عن الخوف المتزايد من اختراقه للأمور الحساسة التي تمس الخصوصية والرقابة المتعلقة بها، والتقاط ما يمكن التقاطه من تلك الخصوصية واستغلالها وإظهارها بصور مختلفة في التطبيقات وما يرتبط بها من إقحام التحيز الانتقائي المعلوماتي، والتأثير به على استصدار التقارير النزيهة وصناعة القرار، وهو ما أظهرته المواصفات العالمية في الايزو للذكاء الاصطناعي بإيمانها بتحييد التحيز في عمليات الذكاء الاصطناعي تحت مواصفة أو وثيقة ISO/IEC TR 24027:2021، والتي تتناول التحيز في أنظمة الذكاء الاصطناعي، وخاصة فيما يتعلق باتخاذ القرارات بمساعدة الذكاء الاصطناعي، مؤيدا شخصيا بهذا التوجه المهم لتحييد التحيز وتحجيمه بحكم مشاركتي في لجنتي الخبراء لتأسيس هذه المواصفات مع الابتكار ممثلا المملكة وداعيا لأخذهما بعين الاعتبار في صناعة القرار الحاد الموثوق.
فهل منظمو جائزة نوبل اتخذوا هذه المواصفة أو الوثيقة وغيرها من المواصفات التي تقيس الموثوقية المدرجين في عائلة مواصفات الذكاء الاصطناعي (AI) ISO/IEC JTC 1/SC 42 ضمن تقييم استخدام الذكاء الاصطناعي في الفيزياء والكيمياء لعام 2024؟
والخوف المشار إليه سابقا، لا يعني بالضرورة أن الذكاء الاصطناعي يبتعد عن الفائدة والمنفعة مقابل الأذى والضرر النسبي حسب الاستخدام والبرمجة الخوارزمية الموجهة المتحيزة، بل يقترب رويدا رويدا نحو التغلغل والسيطرة والهيمنة المحمودة في جهة.. والمذمومة في جهات أخرى.. أو العكس.. حسب التوسع والالتزام بالمواثيق، وهو ما أثار جدلا في الأوساط العلمية من ارتباط الممنوحين للجائزة عام 2024 بشركات التقنية العالمية، وخوفا من صعوبة المنافسة مستقبلا لمن هم في الأبحاث العلمية التقليدية.
وقد بدأ الذكاء الاصطناعي بكسر حواجز مادية كثيرة، وما عداها من حواجز إنسانية فلن يستطيع أن يخترقها، لصلابة الإنسان بضميره الحي وطريقة ترجمة الضمير في حواراته وثقافته إذا تجرد من كل ما يؤثر عليه ويغير سلوكه وتعاملاته ويعكر صفو حياته، وصمد في عالم متوحش لا يرحم.
ولا أعتقد أن منظمي وفاحصي الجائزة بعيدون عن الذكاء الاصطناعي واستخدامات تعلم الآلة في البحث والتقصي والتقييم، وهو ما قد يحدث نفورا وجدلا عند المترشحين هذه السنة وما يليها، والذين يأملون خوض المنافسة الشريفة البعيدة عن التحيز الذي يصنعه تعلم الآلة إذا ما تم القصد دون علم المستخدمين، ولربما يضعف من مصداقية الجائزة المعنية أصلا بالسلام بما لديها من مآخذ مع تكرار الجدل سنويا في استمرار إظهارها الاعتماد على الذكاء الاصطناعي دون الدمج ما بينه وبين النماذج العلمية التقليدية.
ونقلا عن موقع الأمم المتحدة للإشارة إلى تجلي الحوار في أكثر من موقع لديها لأجل السلام، وما نهدف إليه لرفع سقف مفهوم ثقافة الحوار الإنساني وفلسفة إسقاطها على جائزة نوبل للسلام، كون الإنسان هو الأصل في التقارب ابتداء قبل الحضارات والثقافات.
«تحتفي اليونسكو في 21 أيار/مايو من كل عام باليوم العالمي للتنوع الثقافي من أجل الحوار والتنمية، ليس لإبراز ثراء ثقافات العالم وحسب، وإنما كذلك لإبراز الدور الأساسي للحوار بين الثقافات في تحقيق السلام والتنمية المستدامة»، وبما أن السلام هو المحور الأساسي لجائزة نوبل والتوجه الأسمى المفترض للأمم المتحدة، مما يدفعني لطرح فكرة التغيير لهذا اليوم العالمي وإعادة صياغته مع بقاء ما يهدف إليه التنوع الثقافي بمسمى «اليوم العالمي لثقافة الحوار الإنساني»، لأن التنوع الثقافي لا يمكن أن يتحقق قبوله من الأطراف إلا بالإيمان بنقاء النفس الإنسانية واحترامها وغلبة الضمير والأخلاق التي تنادي بها كل الأديان، ودخول تعلم الآلة على الخط مع ما قد يعبر بسببها من معلومات وثقافة في مواقع غير محكمة أو مشبوهة؛ مما سيثير تعارضا وجدلا وامتعاضا ضد المعلومات غير الموثوقة ومنها الثقافات والتاريخ.
zuhairaltaha@
0 تعليق