الهلال نيوز

حفل الزفاف.. تكاليف باهظة تجهض فرحة المقبلين على الزواج - الهلال نيوز

تحقيق: عهود النقبي

يواجه الشباب المقبلون على الزواج، ضغوطات مادية أخرى بخلاف نفقات تأسيس منزل الزوجية، منها الأسعار المبالغة لقاعات الزفاف، بحسب موقعها وسعتها وتجهيزاتها، وتكلفة العشاء لضيوف الحفل والتصوير، أما خبيرة التجميل التي ستقوم بتزيين العروس، تتقاضى من 6 إلى 8 آلاف درهم، مقابل أن تخرج العروس ب«طلة» ملفتة أمام المدعوين لمدة لا تزيد عن ثلاث ساعات، تحرص خلالها على الحفاظ على «المكياج» وقصة الشعر بعد أن أنفقت آلاف الدراهم.
بالرغم من المبادرات المجتمعية التي تهدف للحدّ من تكاليف الزواج، كمبادرة صندوق الزواج ومبادرة «أعراس دبي» التي تنظمها هيئة تنمية المجتمع لفهم التحديات والمسؤوليات الأسرية وكيفية التعامل معها، إلا أن مشاريع خبيرات التجميل قد بات تحدياً يتعارض مع كل هذه التوجهات، حيث إن أسعارهن تختلف بحسب خبرتها والمسافة التي تقطعها من المنطقة التي تسكن بها وحتى المنطقة التي سيقع بها حفل الزفاف، وكلها أسباب غير منطقية، لاستغلال قلة وعي الفتيات، في الوقت الذي يتوجب عليهن أن يتمتعن بفنّ حفظ المال وادخاره في بداية الحياة الزوجية. 


وعبر عدد من الفتيات عن استيائهن حينما توجهوا بالاستفسار من خبيرات تجميل متخصصات في المكياج وتصفيف الشعر، عن أسعار خدمتهن المقدمة، وكانت الصدمة في الأسعار التي تتراوح بين 6000 وال8000 درهم، وطالبن أن تضع دائرة التنمية الاقتصادية حداً معقولاً لهذه التجاوزات، يقابلها مجهود دائرة حماية المستهلك في منع وجود مثل هذه الأسعار المبالغ بها في السوق. 
وقالت (ن.س) أن مثل هذه المبالغ تضع المقبلين على الزواج في دوامة من الضغوطات المالية وحتى النفسية، في حين أن أصحاب مثل هذه المشاريع هم من عليهم أن يكونوا أكثر وعياً وحرصاً وتفهماً، والأمر لا يتعلق بالشخص المقتدر مادياً من دونه، بل إن كل تلك التكاليف مبالغ فيها على أن توضع في حفلة زفاف لن تستمر أكثر من 3 ساعات. 
فيما ذكرت (ش.ط)، أن كل خبيرة تجميل تطالب بمقدم لا يقل عن ال1000 درهم، وهو مبلغ لا يسترد حتى بأشد الظروف التعجيزية، وتساءلت عن سماح الجهات المختصة بذلك، ومقابل هذه المبالغ قد لا تعطي خبيرة التجميل وقتها الكافي للعروس، وتُسرع في تقديم الخدمة لأنها ترتبط بمواعيد أخرى، حيث يمكن لها أن تتعامل مع 3 زبائن في ذات اليوم. 
وبعد هذه الشكاوى، استطلعت «الخليج» آراء بعض خبيرات التجميل، وقالت (ر.أ) إنها لا ترى أن هناك أسباباً حقيقة في رفع أسعار الخدمات المقدمة للعرائس، فهي تعمل بهذه المهنة لأكثر من 15 عاماً.
وأضافت إنه حتى في حالة غلاء أسعار أدوات التجميل، فالخبيرات لن يضطررن لشراء هذه الأدوات بشكل يومي، إضافة إلى أنهن لا يعملن في مركز تجميل يضطر لرفع الأسعار لتغطية إيجار المركز، وفي كل الأحوال فهي لا ترى أن من المعقول أن تتجاوز أسعار الخدمات 4000 درهم، ولكن أسلوب المبالغة والمغالاة أصبح متبعاً من الجميع، وهو الأمر المؤسف في وجود كل البرامج التوعوية التي تهدف إلى الحد من التكاليف ورفع سلوك الادخار. 


أما عن الضغوطات المالية التي تتعلق بتكاليف إيجار قاعات الزفاف ومشتملاتها من عشاء وتصوير وتجهيز، أكد عدد من الشباب المقبلون على الزواج، أنها أسعار باهظة ومبالغ فيها، وقال (ش.ح) إنه توجه بالاستفسار عن تكلفة إيجار قاعتين في ذات المنطقة، فطلبت الأولى 60 ألف درهم دون تقديم أي خدمات، أي أن هذا سعر تأجير القاعة فقط، أما القاعة المقابلة طلبت 40 ألف درهم مقابل خدمات شاملة، لا سيما الهدايا والخصومات التي يتضمنها العرض، وهو ما عبر عنه الشباب بالاستغلال الواضح والصريح، لا سيما في وجود جميع مبادرات توعية بخفض تكاليف الزواج. 
فيما حذر الشرع من الطمع الذي يصيب البعض، وخصوصاً كل من يستغل المقبلين على الزواج فيعرضون عليهم أسعاراً خيالية ترهق كاهلهم، لأن في ذلك ضرراً عظيماً يلحق بالشباب في بداية حياتهم، وهو ضرر لا يمكن أن يخفى على عاقل.
وأشار إليه الدكتور سعيد العقيد النقبي، أستاذ الفقه المقارن في جامعة الذيد، والمأذون الشرعي في محكمة الذيد، أن الشريعة الإسلامية قدمت نموذجاً عظيماً في تقدير الحياة الزوجية، وبينت ما لها من أهمية عظمى في بناء الأسرة المسلمة المتمسكة بدين الله تعالى، حيث يقول النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «يا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ»، أخرجه البخاري.
أما فيما يتعلق بالكرم والإنفاق في حفلات الزواج، لفت إلى أن الشريعة أشارت إلى قاعدة مهمة، ألا وهي استحباب إقامة الوليمة لكن ضمن حدود معينة وعلى قدر إمكانات الزوج دون تكلّف، وحدث ذلك عندما قال نبينا الكريم للصحابي الجليل عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه عند زواجه: «أوْلِمْ ولو بشاةٍ» أخرجه البخاري.
كما أكد أن الادخار في بداية الحياة الزوجية ماهو إلا قاعدة من القواعد الأساسية لاستمرار الزواج، والسبب الرئيسي لتحقق السعادة بين الزوجين، ولقد بيّن الشرع أهمية هذا الأمر وحذر من تضييعه، فقد قال تعالى: «وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا»، أي: ليسوا بمبذرين في إنفاقهم فيصرفون فوق الحاجة، ولا بخلاء على أهليهم فيقصرون في حقهم فلا يكفونهم، بل عدلاً خياراً، وخير الأمور أوسطها، لا هذا ولا هذا. في تفسير ابن كثير.
وأضاف: إنه في الحديث القائل: «كُلوا واشرَبوا وتَصدَّقوا والْبَسوا ما لم يخالِطْهُ إسرافٌ أو مَخيَلةٌ»، صحيح ابن ماجه. تنبيه إلى أهمية الإدخار وعدم الإسراف، فإنَّ السَّرَفَ في كلِّ شيءٍ يُضِرُّ بالجسَدِ وبالمعيشةِ، فيُؤدِّي إلى الإتلافِ.
وأشار الدكتور سعيد، إلى بعض الضوابط الشرعية لكل من يقبل على حياة زوجية جديدة، سواءً كان زوجًا أو زوجة، بأن ينبغي على الأسرة المسلمة ترك الطمع، وتقليل الطلبات التي تؤدي للإسراف المبالغ فيه من قِبل الزوج، وأن يكون هناك اتفاق بينهما ومصارحة صادقة قبل المضي في عقد الزواج، وبيان حالتهما المادية، إضافة لأهمية الوسطية في الإنفاق وهو خير الأمور التي أرشدنا إليها النبي عليه الصلاة والسلام، والنظر في المآلات (ذلك الواقع المصار إليه وعواقبه) ومراعاتها والنظر في المفاسد والمصالح، وأخيراً الالتفاف حول نصوص القرآن والسنة، التي تحث على الادخار والاستثمار وتحذر من الإسراف في غير الضروريات.
25 ألف درهم لتأجير فستان زفاف
وعي متأخر، طال عروس بعدما أكملت عاماً على زواجها، عبرت من خلاله عن ندمها الشديد في أنها دفعت مبالغَ طائلةً لتتمتع ب«الطلة» التي كانت تحلم بها كفتاة، حيث إنها دفعت ما يقارب 25 ألف درهم لتأجير فستان زفاف، إضافة إلى 8000 درهم إلى خبيرة تجميل لم تُكمل عملها على أحسن وجه. وأشارت أن بهذا المبلغ كان يمكنها فعل الكثير به برفقة شريك حياتها، كقضاء شهر العسل التي استغنت عنه، أو شراء بعض أثاث المنزل الجديد، أو ادخار المبلغ لدفع مقدم سيارتها التي لم تستطع شراءها حتى اللحظة.
ونصحت الفتيات المقبلات على الزواج في التأني والبحث الدقيق وعدم التسرع، فالخيارات كثيرة، وليلة الزفاف لا تعبر على الإطلاق عن الزواج السعيد، فقد تكون تلك البداية المكلفة غير المثالية بداية أخرى لحياة مضطربة بالديون والمشاكل المادية والأسرية كذلك.

أخبار متعلقة :