نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
صناعة المنهج الدراسي! - الهلال الإخباري, اليوم السبت 26 أبريل 2025 08:34 مساءً
تعتبر صناعة المنهج من أعتى الأمور التي يجابهها صنّاعه وذلك لأن عناصر كثيرة تتعاضد للخروج بمنهج سوي وليس "سلق بيض - كما يقال". فعنصر المتعلم حاضر في الصناعة، والبيئة التعليمية تؤخذ بعين الاعتبار، والمعلم عنصر حيوي كذلك، وقبل أن يلج المؤلف في التأليف فهو يضع تلك العناصر نصب عينيه كي يأتي المنهج موائما لهذه العناصر ولتكون ثمرته يانعة للقطف. وحينما يتقهقر عنصر من هذه العناصر تحل الكوارث التي لا تحمد عقباها. ومن المصائب التي ندرسها في المرحلة الجامعية هي تلك المناهج التي وضعت للغة الإنجليزية العامة والتي يستطيع أن يؤلفها كل من تمكن في اللغة أكان من أهلها أو من غيرهم. والعلة لا تكمن في المهارات التي يقدمها المنهج من استماع وتحدث وقراءة وكتابة وإنما في المحتوى الهزيل الذي جلب لنا الغث والسمين من الأمثلة التي ظن - مؤلف - الكتاب هي جزء من الثقافة العربية فأصابنا في مقتل.
ومن المناهج التي ندرسها لطلابنا وطالباتنا منهج جميل الصور والإخراج لكنه يبث في عقل المتلقي أمورا لعل المؤلف قصد بثها عمدا لعدة أسباب. أذكر على سبيل المثال في تدريس القواعد فقد أتى المؤلف بمثال لممثلة عربية لم أعرفها إلا من خلال المنهج وكيف يتم ربط القاعدة اللغوية بالسؤال عن ميلادها ونشأتها وحياتها كفنانة. وكأن المجتمع العربي لا يفقه من الحياة إلا الفن والتمثيل. وكأنه عجز أن يجد في الوطن العربي من المحيط للخليج أي مفكر أو عالم أو فيلسوف أو مؤرخ أو أو أو. أم أن المؤلف يريد أن يقول للطالب إن المعرفة والدرجة العلمية لن تقودك للهدف بل اختصر الطريق واتجه للفن والهز واللّز ليتخلد اسمك في منهج دراسي كالذي تدرسه الآن. ولا أعلم أين لجنة مراقبة المناهج عن هذه الأمثلة الممسوخة التي تعج بها الكتب الإنجليزية وأين مضمون "التبيئة" عن هذه الثقافة الهزيلة التي نريد أن نصنع بها الأجيال.
لا نزال نظن بما أن المنهج إنجليزي فمؤلفه إنجليزي معصوم من الخطأ ولديه "عصى موسى" لتحريك دفة التعلم وتسريعها وفقا للهدف المنشود، لا نزال ننشد من الإنجليزي أن يصنع منهج أبنائنا بالطريقة التي يريدها دون أدنى تدخل منا، لأننا نعلم أن الغربي هو صاحب الشأن وأنه يعلم كيف يعلمك اللغة وفق أسهل الطرق وأكثرها براعة. بل ومن العجب الذي نجده في هذه المناهج التي ندرسها في الجامعة مقطوعات صوتية لتطوير مهارة الاستماع، ولكن حينما يرتبط المقطع الصوتي باسم متحدث عربي تجد الرطانة الصوتية صارخة في المقطع وكأن الرطانة سمة لازمة لكل عربي يتحدث الإنجليزية. والرطانة، إن أردنا أن نبسط القول بتعريفها، هي الخروج عن المألوف من الحديث إلى غير المألوف. لعل المؤلف إنما أراد أن يبين للمتعلم أنها ليست بحاجز للحديث في اللغة ولكنه نسي أن المناهج حينما وضعت إنما وضعت لتجسّد للمتعلم أنموذجا تعليميا، والاستماع أحد مهارات التعلم بل وأهمها مهارة، فالأذن أول قناة يتلقى المتعلم من خلالها الأصوات والخطاب، فلماذا نقدم لأذن المتعلم أصواتا مصطنعة ومشوبة بالرطانة، ونريد منه أن يتجاوز الرطانة ويتقن اللغة!!؟
أخبار متعلقة :