نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
إكرام السائح... احترامه! - الهلال الإخباري, اليوم الثلاثاء 29 أبريل 2025 01:22 صباحاً
بعض الناس - حفظهم الله - يبدو أنهم بحاجة إلى دليل إرشادي بعنوان «كيف تكرم السائح دون أن تفزعه؟»، مع مقدمة توضح أن إكرام السائح لا يعني إرباكه أو إخافته بنيّة طيبة، بل إكرام السائح احترامه!
قدِّم له الاحترام، ولا تبخل عليه بنظرة ودودة أو كلمة طيبة، وسترى السائح يبتسم لك وكأنك فتحت له أبواب التقدير كلها على مصراعيها. أما إذا بالغت في الكرم المفرط خاصة مع الاختلاف الثقافي، فاستعد لرؤية نظرة تجمع بين الحيرة والخوف، كأنه يقول في نفسه «هل أنا سائح أم مشروع تسمين؟» أو يقول «ماذا يريد مني هذا الرجل؟».
دعني أخبرك بخبر لطيف واعتبره سرا: ليس من إكرام السائح أن تستضيفه في بيتك من الباب «للشباك»! صحيح أن النية طيبة، ولكن السائح غالبا سيفكر ألف مرة قبل أن يقبل الدعوة، خصوصا إذا تخيل أنه قد ينتهي به الحال محاصرا بين طبق مفطح بحجم طاولة الاجتماعات وعشرات المجاملات التي لا تنتهي، ولو قبل فإني أتخيله يقول: متى أزور موسم الرياض والعلا؟!
ولا أسوأ - والله - من أن تمد يدك إلى جيبك وتعطيه مالا! وكأنك تخبره بطريقة غير مباشرة «أنت مسكين وجئتنا بلا زاد ولا زوّادة». السائح، يا صديقي، لم يركب الطائرة ويعبر القارات ليعتمد على مصروفك الشخصي، بل جاء وهو يخطط لسعادة نفسه من خلال التسوق وتجربة المطاعم السعودية وزيارة الأماكن التي خطط لزيارتها فلا تعكس الأمور وتصبح أنت الراعي الرسمي له!
ومن محاسن الإكرام ألا تثرثر أمامه بلغة لا يفهمها ثم تضحك ضحكة «غامضة»، أو تسجل هذا الحدث في منصات التواصل الاجتماعي ليرى صورته ويرى تعليقات قد لا يحبها، تخيّل نفسك في بلد غريب وهم يتهامسون عليك ويقهقهون... شعور مزعج جدا، أليس كذلك؟! ولو كنت تمدحه فعلا، فمن الأفضل أن يعرف ذلك بدلا من أن يظن أنك تستهزئ به بسبب لون قبعته أو غرابة كاميرته!
وهنا المفاجأة الكبرى التي سأهمس بها في أذنك: أرقى أنواع إكرام السائح أن... تحترم نظام بلدك! نعم، لا تتفاجأ. السائح ينبهر حين يراك لا تلقي القمامة عشوائيا، ولا تكسر إشارة المرور وكأنك ملك الفوضى، وتحترم صف الانتظار، وتعطي الأولوية لذوي الإعاقة وتعتني بالأطفال، بل أجمل ترحيب فيه أن يراك حضاريا، نظيفا، راقيا. هذا أعظم انطباع تتركه في قلبه.
وقد ذهبنا، ورأينا، وصار بعضنا يتغزل بحضاراتهم، رغم أن أحدا منهم لم يعطنا دولارا واحدا ولا حتى كوب ماء مجاني. كل ما فعلوه أنهم احترمونا، التزموا بالنظام، وتحدثوا معنا بابتسامة راقية دون أن يلحوا علينا بحفلات شواء مفاجئة، وما زلنا نتحدث عن تلك الدول اللطيفة.
أخيرا: لا تحوّل كرمك الفيّاض إلى فيلم درامي بعنوان «الإنفاق على السياح»، فالنية طيبة، ولكن أحيانا الطيبة المفرطة تجرح أكثر مما تفيد وتفهم بطريقة خاطئة، وإن كان ثمة كرم في خاطرك، فاحتفظ به لأهلك فهم أحق فيه.
أخبار متعلقة :