الهلال الإخباري

الهوية الثقافية في الرؤية السعودية - الهلال الإخباري

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الهوية الثقافية في الرؤية السعودية - الهلال الإخباري, اليوم الأربعاء 30 أبريل 2025 01:40 صباحاً

لا يقاس وجود الإنسان فقط بما يملكه من عمران ومبانٍ، بل بما يحمله من ذاكرة ثقافية حيّة، تنعكس في عاداته، لغته، موروثاته، وفنونه، هذه الذاكرة التي لا تُلمس، بل تُعاش في تفاصيل الحياة اليومية، تُعرف بـ"التراث الثقافي اللامادي"، وهي من أغنى ما تملكه الشعوب حين تسعى لتعزيز هويتها وتجديد ارتباطها بالجذور.

في المملكة العربية السعودية، كان لهذا النوع من التراث مكانة خاصة، فالرؤية الوطنية 2030 وضعت الثقافة في قلب التحول المجتمعي، وكعامل أساسي في بناء هوية متجددة تعتز بالماضي وتنظر إلى المستقبل، وانطلاقا من هذا التوجه، عملت الجهات الثقافية على صون عناصر التراث غير المادي، ليس باعتبارها موروثات ماضية، بل كأصول حية قابلة للتطوير والابتكار.

وتتجلى مظاهر التراث اللامادي في الأمثال الشعبية، والحكايات المتناقلة، والموسيقى، والرقصات التقليدية، إضافة إلى حِرف متوارثة والعادات الاجتماعية الراسخة، وقد حرصت المملكة على تسجيل عدد منها في قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي، من بينها القهوة السعودية، والقصب، والصقارة، والمجالس، والنقش الحائطي، وغيرها مما يعكس تنوع المجتمع السعودي وغناه الثقافي.

أحد أبرز الأمثلة على توظيف التراث اللامادي برؤية معاصرة، هما مشروعا الخط الأول والخط السعودي، واللذان أطلقتهما وزارة الثقافة كمبادرة لإحياء الخط العربي المستلهم من أقدم النقوش والمصاحف، وتحويله إلى خط رقمي حديث قابل للاستخدام.

ما يجعل هذا المشروع مختلفا هو أنه لم يُعد الخط العربي كمنتج جمالي فقط، بل كنموذج ثقافي ومرئي يعكس هوية المملكة، ويستند إلى إرثها العميق في فنون الكتابة والتعبير، عبر دراسة علمية دقيقة للنقوش والمخطوطات، تم تطوير خطوط تحمل روح التراث، لكنها مصممة بأدوات الحاضر وتخدم المستخدمين عبر مختلف المنصات.

هذا التحول من الذاكرة إلى التطبيق، من النقوش الحجرية إلى الشاشات الذكية، يعكس كيف يمكن للتراث اللامادي أن يصبح جزءا من الحياة اليومية، وأن يُستثمر ثقافيا واقتصاديا في آنٍ معا.

رغم الزخم الذي يشهده هذا المجال، يبقى السؤال الأهم: كيف يمكن للمجتمع أن يشارك فعليا في صون تراثه اللامادي؟

أخبار متعلقة :