في مثل هذا اليوم، 26 يوليو، وُلد الفنان الكبير الدكتور سيد عبد الكريم، الذي استطاع أن يخلّد اسمه في وجدان المشاهدين من خلال أدواره المتقنة والبسيطة في آنٍ واحد، والتي جسّد من خلالها ملامح المواطن المصري الأصيل.

لم يكن مجرد ممثل، بل أستاذ جامعي وباحث في علوم الزراعة، ومع ذلك سطّر اسمه في سجل عظماء الدراما بفضل موهبته وصدقه الفني.

النشأة والدراسة

وُلد سيد عبد الكريم عام 1936  بمدينة الإسكندرية، وتخرج في كلية الزراعة بجامعة الإسكندرية، حيث حصل على درجة البكالوريوس بتقدير جيد جدًا، استكمل مسيرته الأكاديمية بحصوله على الدكتوراه من ألمانيا في مجال مقاومة الآفات، ليعود ويعمل أستاذًا بقسم المبيدات في كلية الزراعة بجامعة بنها.

رغم تفوقه العلمي، لم يتخلَ عن عشقه الأول، التمثيل، والذي بدأه منذ طفولته على مسارح المدارس والجامعات.

البداية الفنية

بدأ عبد الكريم خطواته الجادة في التمثيل من خلال المسرح الجامعي، وهناك التقى بالمخرج محمد فاضل الذي اكتشف موهبته، قبل أن ينصحه المخرج الكبير نور الدمرداش بالاتجاه إلى العمل الفني بشكل احترافي. 

وجاء أول ظهور له على شاشة التلفزيون في مسلسل "النصيب"، حيث أدى دور "العربجي"، ليلفت الأنظار ويبدأ رحلته مع الأدوار المؤثرة.

محطات بارزة في مشواره الفني

تميّز الدكتور سيد عبد الكريم في تجسيد الشخصيات الشعبية البسيطة التي تنبض بالواقعية، وسرعان ما أصبح عنصرًا ثابتًا في أعمال المؤلف أسامة أنور عكاشة والمخرج إسماعيل عبد الحافظ، اللذين قدّما معه أنجح الأعمال الدرامية.

من أبرز أدواره:

 زينهم السماحي في ليالي الحلمية: شخصية الفتوة الشعبي صاحب المقهى، التي أصبحت علامة مميزة باسمه في الشارع المصري.

عبودة أفندي في الشهد والدموع: الموظف البسيط الذي تحول إلى مناضل بعد ثورة يوليو.

 المقدس بشاي في خالتي صفية والدير: شخصية رجل الدين المسيحي الصعيدي الذي اتسم بالحكمة والسلام، كما تألق في أعمال أخرى مثل الراية البيضاء، أميرة في عابدين، زيزينيا، الضوء الشارد، الأصدقاء، التوأم، وهي والمستحيل وغيرها.

السينما

على الرغم من تركيزه الأكبر على الدراما، إلا أن حضوره السينمائي لم يكن عابرًا، فقد شارك في أفلام بارزة مثل:

 المهاجر للمخرج يوسف شاهين، كتيبة الإعدام مع النجم نور الشريف، أيام السادات، وخطة بعيدة المدى، والجبلاوي، وكرسي في الكلوب

شخصية متميزة داخل وخارج الشاشة

لم يكن عبد الكريم ممثلًا فقط، بل كان شخصية تُجسد القيم الأخلاقية خارج العمل كما جسدها داخله، اشتهر بتواضعه ودماثة خلقه، لدرجة أن أحد اللصوص الذي حاول سرقة سيارته تراجع فور معرفته بهويته، قائلًا: "معرفتش إنها بتاعت المعلم زينهم!".

رحيله المفاجئ ووداع محبّيه

في 31 مارس 2012، رحل الفنان الدكتور سيد عبد الكريم عن عمر يناهز 75 عامًا، بعد صراع مع المرض، حيث أصيب بفشل كلوي وجلطات دماغية متتالية.

ترك رحيله أثرًا بالغًا في الوسط الفني وبين محبيه، الذين اعتادوا رؤيته في أدوار نبيلة تعكس قيم الشرف والكرامة.