نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أبحاث «التصلب اللويحي» تمنح أمريكياً وإيطالياً «أوسكار العلوم» - الهلال الإخباري, اليوم الأحد 6 أبريل 2025 02:30 مساءً
حصل طبيب الأعصاب الأمريكي ستيفن هاوزر، وخبير الأوبئة الإيطالي ألبرتو أسكيريو، السبت، على جائزة «بريكثرو»، وهي بمثابة «أوسكار العلوم»، عن أبحاثهما في شأن التصلب المتعدد (التصلب اللويحي)، وهو مرض تنكسي عصبي يصيب نحو 3 ملايين شخص في العالم.
وأحدثت الدراسات التي أجراها كل من هاوزر وأشيريو طوال عقود تطوراً ثورياً في ما يتعلق بهذا المرض المناعي الذاتي الذي اعتبر لزمن طويل لغزاً.
وتمكّنا من توسيع المعرفة بهذا المرض وتوفير معطيات جديدة عنه؛ إذ أضاء أحدهما على المقاومة المناعية له من بدايته، فاتحاً الطريق أمام علاجات، فيما بيّن الآخر ارتباط المرض بفيروس.
ويروي ستيفن هاوزر لوكالة «فرانس برس» أن القصة بدأت قبل أكثر من 45 عاماً باللقاء مع مريضة تدعى أندريا، «وهي امرأة شابة موهوبة جداً، كانت محامية تعمل في البيت الأبيض». إلاّ أن «مرض التصلب المتعدد ظهر لديها بشكل مفاجئ ودمّر حياتها وأنها لم تكن قادرة على الكلام، مشلولة في جانبها الأيمن، لا تستطيع البلع، وكانت ستفقد قريباً القدرة على التنفس من دون مساعدة».
وما كان من الطبيب الذي كان يبلغ وقتها السابعة والعشرين، إلاّ أن قرّر أن يكرس حياته لهذا المرض. ويضيف الباحث البالغ حالياً الرابعة والسبعين ويتولى إدارة معهد علوم الأعصاب في جامعة كاليفورنيا في سان فرنسيسكو (UCSF)، «في ذلك الوقت، لم يكن لدينا علاج لمرض التصلب المتعدد، وكان التشاؤم سائداً في شأن إمكان التوصل إلى واحد».
وكان المعروف حينها أن هذا المرض الذي يصيب الجهاز العصبي المركزي ويسبب اضطرابات حركية وإدراكية معوقة، ناجم عن فرط نشاط الجهاز المناعي. لكن العلماء كانوا يعتقدون أن الخلايا اللمفاوية التائية، وهي نوع من خلايا الدم البيضاء، هي السبب الوحيد للإصابة به.
وأعاد ستيفن هاوزر النظر في هذه الفرضية، ومن خلال إجراء أبحاث مع زملائه على قرود المارموسيت (قرود القشة)، تمكّن من إعادة إنتاج آفات عصبية مطابقة لتلك التي تُسجَّل لدى البشر، وذلك بفضل فكرة أحد زملائه لدراسة دور الخلايا اللمفاوية البائية، وهي نوع آخر من خلايا الدم البيضاء. غير أن الهيئة الأمريكية المسؤولة عن الأبحاث الطبية أجابت الباحثين بأن هذا الاستنتاج «غير محتمل بيولوجياً»، ورفضت طلبهم الحصول على تمويل للتجارب السريرية.
مع ذلك، تمكّن ستيفن هاوزر وفريقه المقتنعون بفكرتهم، من تحقيقها بفضل دعم شركة «جينينتيك» لصناعة الأدوية. وفي صيف عام 2006، ظهرت النتائج، وتبيّن أن الأدوية التي أعطيت للمرضى واستهدفت الخلايا الليمفاوية البائية أدّت إلى «انخفاض مذهل بأكثر من 90 في المئة في الالتهاب الدماغي». وفتح هذا التطوّر الثوري الطريق لإنتاج أدوية تبطئ تقدّم المرض لدى الكثير من المرضى، لكنه أثار أيضاً أسئلة كثيرة أخرى، من بينها آلية عمل خلايا الدم البيضاء ضد الجسم.
وكان هذا السؤال محور أبحاث الدكتور ألبرتو أسكيريو الذي أصبح اليوم أستاذاً في جامعة هارفارد، وأجرى أبحاثاً في شأن تفشي حالات التصلب المتعدد في النصف الشمالي للكرة الأرضية. ويشرح أسكيريو لـ «فرانس برس» أن «التوزيع الجغرافي لحالات التصلب المتعدد لافت جداً»، ملاحظاً أن المرض «نادر جداً في البلدان الاستوائية وتلك القريبة من خط الاستواء». وفي سعيه إلى معرفة أسباب هذا التفاوت، طرح الباحث الإيطالي احتمال وجود فيروس وراء المرض، وهي نظرية ثبتت صحتها لاحقاً. وبعد متابعته وفريقه لأكثر من 20 عاماً ملايين الشباب الذين التحقوا بالجيش الأمريكي، أكدوا عام 2022 الارتباط بين التصلب المتعدد وفيروس إبستين بار الشائع والمسؤول عن مرض آخر معروف هو التهاب الغدة النكفية المعدي.
ويوضح ألبرتو أسكيريو (72 عاماً) أن «معظم الأشخاص الذين يصابون بفيروس إبستين بار لن يصابوا أبداً بالتصلب المتعدد، إلا أن المرض يحدث فقط لدى الأفراد الذين أصيبوا بالفيروس أولاً». وبالتالي، فإن الإصابة بالفيروس شرط ضروري لكنها لا تفسر وحدها ظهور المرض. ويحيي هذا الاكتشاف الآمال في ابتكار أدوية جديدة وسبل للوقاية من المرض، علماً أن علاج التصلب المتعدد لا يزال غير ممكن، والأدوية التي تُبطئ تقدمه ليست فاعلة لدى جميع المصابين.
ومن شأن هذا التقدم أن يفيد أيضاً أمراضاً أخرى. ويقول ألبرتو أسكيريو: «نحاول توسيع نطاق بحثنا لدراسة دور العدوى الفيروسية في أمراض عصبية تنكسية أخرى، كمرض الزهايمر أو التصلب الجانبي الضموري (المعروف بداء لو غيريغ)». ومع أن هذا الرابط لا يزال نظرياً، ثمة «عناصر» تبيّن وجوده.
0 تعليق