٥٥ عامًا على عار قصف أطفال مدرسة بحر البقر - الهلال الإخباري

الفجر 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
٥٥ عامًا على عار قصف أطفال مدرسة بحر البقر - الهلال الإخباري, اليوم السبت 12 أبريل 2025 03:16 صباحاً

والمآساه تكرر اليوم بقصف الأطفال والمدنيين في خيام الإيواء

في صباح الثامن من أبريل عام 1970، كانت الحياة تسير في قرية بحر البقر بمحافظة الشرقية كما اعتادت، قرية ريفية هادئة، ومدرسة ابتدائية بسيطة تتكون من ثلاثة فصول دراسية، مكتظة بتلاميذ صغار يحملون أحلامهم في حقائبهم المدرسية، كان يومًا دراسيًا عاديًا، بدأ بنداءات المعلمين وترتيب الجلوس في الفصول، بينما تعالت ضحكات الصغار في فناء المدرسة، ولم يكن أحد يدري أن تلك الضحكات ستنقطع إلى الأبد بعد دقائق قليلة.

 

وعند الساعة التاسعة وعشرين دقيقة صباحًا، شُقت سماء بحر البقر بصوت رهيب، خمس طائرات إسرائيلية من طراز "فانتوم F-4" تحلق على ارتفاع منخفض، وتحمل في أحشائها حممًا جهنمية تزن ألف رطل من المتفجرات ولم يكن هناك إنذار أو تحذير مسبق، لم تكن هناك فرصة للهروب، فقط وميض خاطف تلاه انفجار مدوٍ، ثم صمت ثقيل لم يقطعه سوى صرخات الأطفال الجرحى.

 

في لحظات، تحولت المدرسة إلى كومة من الأنقاض الملطخة بدماء 30 طفلًا قتلوا في الحال، بينما أصيب 50 آخرون، بعضهم فقد أطرافه، وبعضهم عاش بعاهات مستديمة، ولم يكن المشهد مجرد قصف عابر، بل كان مجزرة متعمدة، استهدفت أطفالًا صغارًا في فصلهم الدراسي، تاركة وراءها كراسات محترقة وأحلامًا لم تكتمل.

 

وكعادة الاحتلال، لم يعترف بجريمته، بل زعم وزير دفاعه آنذاك " موشي ديان"، أن القصف استهدف "هدفًا عسكريًا"، مدعيًا أن الأطفال كانوا يرتدون زيًا عسكريًا ويتلقون تدريبًا، وكأن العالم بأسره سيصدق أن طلاب مدرسة ابتدائية يتحولون فجأة إلى جنود، لم تكن تلك سوى كذبة أخرى تضاف إلى سجل الاحتلال الحافل بالمجازر والتبريرات الواهية والخيالات الصهيونية في نسج سيناريوهات لا تمت للواقع بصلة. 

 

في مصر، لم يكن الصمت خيارًا، فقد شنت الدولة حملة دبلوماسية واسعة لفضح الجريمة أمام العالم، لكن رد الفعل الدولي كان باهتًا، كما هو الحال اليوم تجاه مجازر غزة ومع ذلك، لم يكن الرد المصري مقتصرًا على الإدانات، بل جاء ميدانيًا في ساحة القتال بتنفيذ مصر لعملية "السبت الحزين"،. ففي الثلاثين من مايو عام 1970، وبعد مرور أقل من شهرين على مجزرة بحر البقر، قررت القوات المصرية الرد بشكل مباشر على جرائم الاحتلال الإسرائيلي، فنفذت عملية نوعية أطلق عليها اسم "السبت الحزين". 

 

كانت العملية بمثابة ضربة موجعة للعدو، حيث نصبت قوات الصاعقة المصرية كمينًا محكمًا لرتل إسرائيلي كان يتحرك في منطقة شمال القنطرة شرق، على طريق العريش - القنطرة، واعتمدت الخطة على عنصر المفاجأة واستغلال الطبيعة الصحراوية للمنطقة، حيث تمركزت مجموعة من أبطال الصاعقة المصرية في أماكن استراتيجية وانتظرت وصول القوات الإسرائيلية إلى نقطة الاستهداف، وبمجرد دخول الرتل الإسرائيلي إلى منطقة الكمين، فتحت القوات المصرية نيرانها بكثافة، مستخدمة الأسلحة الخفيفة وقذائف الـ RPG، مما أدى إلى تدمير عدد كبير من المركبات الإسرائيلية، وإيقاع خسائر فادحة في الأرواح.

 

استمرت المواجهات لعدة ساعات، حاول خلالها العدو طلب الدعم الجوي، لكن الطيران المصري كان في حالة استنفار، ما صعب من إمكانية التدخل الإسرائيلي لإنقاذ قواته المحاصرة، وأسفرت العملية عن مقتل وجرح العشرات من الجنود الإسرائيليين، بالإضافة إلى أسر عدد منهم، وهو ما شكل ضربة نفسية قوية للقيادة الإسرائيلية التي كانت تعيش نشوة استهداف المدنيين في بحر البقر، وجاءت هذه العملية كرسالة واضحة بأن الجيش المصري لم يكن ينسى دماء أبنائه، وأن لكل مجزرة إسرائيلية ثمنًا ستدفعه قوات الاحتلال في ساحة المعركة.

 

 وقد أثرت هذه العملية بشكل كبير على الروح المعنوية للقوات الإسرائيلية، كما كانت واحدة من العمليات التي ساهمت في إعادة الهيبة للجيش المصري خلال حرب الاستنزاف، والتي مهدت فيما بعد لنصر أكتوبر 1973.

 

لم يكن ذلك الرد الوحيد، بل استمرت الضربات المصرية حتى انتهت حرب الاستنزاف، وتوجت ببناء حائط الصواريخ، الذي قلب موازين القوى وأسقط العديد من الطائرات الإسرائيلية، مما مهد الطريق لنصر أكتوبر العظيم بعد ثلاث سنوات فقط من تلك المجزرة ليعود حق أطفالنا من شهداء مدرسة بخر البقر.

 

اليوم وبعد 55 عامًا، لم يتغير شيء القاتل نفسه، والضحايا أنفسهم أطفال لا حول لهم ولا قوة، والصمت العالمي ذاته، الفرق الوحيد أن المجازر لم تعد تقتصر على مدرسة صغيرة في الريف المصري، بل أصبحت تغطي مدنًا بأكملها في غزة، حيث تتكرر مشاهد الأطفال القتلى تحت الأنقاض، وتستمر الأكاذيب ذاتها لتبرير الجريمة.

لكن كما أثبتت مصر أن الدم لا يضيع هدرًا، ستبقى القضية الفلسطينية حية، ولن تُنسى جرائم الاحتلال، حتى يحاسب عليها يومًا أمام عدالة التاريخ، إن لم تكن عدالة الأرض قد أدركته قبل ذلك.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق