من البداية حتي الآن.. التفاصيل الكاملة حول سفينة مادلين - الهلال الإخباري

الفجر 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
من البداية حتي الآن.. التفاصيل الكاملة حول سفينة مادلين - الهلال الإخباري, اليوم الاثنين 9 يونيو 2025 06:07 مساءً

 

لم تكن "مادلين" مجرد قارب خشبي صغير يشق عباب البحر الأبيض المتوسط، بل كانت حكاية محمولة على الأمل، تبحر ضد التيارات السياسية والعسكرية، وتحمل بين ألواحها الخشبية وعدًا بالكرامة الإنسانية لأرضٍ أنهكها الحصار.

انطلقت السفينة في صباح الأول من يونيو 2025 من ميناء كاتانيا الإيطالي، تحت شمس متوسطية حانية لا تعلم ما ينتظر في الأفق. كانت السفينة صغيرة، لا يتجاوز طولها 18 مترًا، لكنها حملت على ظهرها أحلام 12 ناشطًا دوليًا، ومساعدات إنسانية ضمت أدوية، معدات تحلية مياه، أغذية، وأطرافًا صناعية لأطفال فقدوا أطرافهم ولم يفقدوا أرواحهم.

أُطلق عليها اسم "مادلين" تكريمًا لصيّادة فلسطينية شابة من غزة، هي مادلين كلاب، التي فقدت والدها ومركبه البسيط في أحد الاعتداءات الأخيرة. تحوّلت مادلين إلى رمز، وصارت السفينة امتدادًا لحكايتها، تحمل رسالتها إلى العالم.

على متنها، اجتمع أطباء، وصحفيون، ونشطاء من خلفيات مختلفة وجنسيات متعددة. من بينهم كانت الناشطة البيئية السويدية غريتا ثونبرغ، التي انتقلت من التظاهر لأجل المناخ إلى ركوب الموج لأجل غزة. إلى جانبها، ظهرت ريما حسن، نائبة فرنسية من أصول فلسطينية، وعشرات من الوجوه التي آمنت بأن الصمت لم يعد خيارًا.

لكن البحر لم يكن وحده في استقبال "مادلين". فبعد أيام قليلة من الإبحار، وفي موقع ما من المسافة بين إيطاليا وسواحل غزة، بدأ الخطر يتكشّف. طائرات مسيّرة إسرائيلية حلّقت فوقها، تشويشٌ إلكتروني عطّل بعض أجهزتها، وزوارق بحرية بدأت تقترب منها، كمن يحيط بفريسة لا يريد افتراسها الآن، بل إرهابها أولًا.

ظلت السفينة تواصل المسير، وتجاوزت المياه المصرية، مرت بالإسكندرية ثم شمال دمياط، كانت تقترب شيئًا فشيئًا من شواطئ غزة المحاصرة، تبحر في آخر ميل بحري من الحلم. لكنها كانت تقترب أيضًا من الخط الأحمر الذي رسمته إسرائيل، ذاك الذي لا يُسمح لأحد باجتيازه.

في فجر اليوم السابع من الرحلة، تحركت البحرية الإسرائيلية. جاءت الزوارق سريعة، ومروحيات تحلق فوقها، وطائرات مسيرة تطلق "مواد بيضاء مجهولة". نفذ كوماندوز البحرية عملية خاطفة، سيطر على السفينة واقتادها إلى ميناء أشدود. اعتُقل النشطاء الـ12 جميعهم، وتم نقلهم إلى سجن “جفعون” قرب الرملة، حيث قُيدت حركتهم وانقطع التواصل معهم لساعات.

وصلت القصة إلى الإعلام الدولي. فيديو وثق مطاردة الطائرات المسيرة للسفينة انتشر كالنار، وأثار ضجة، لكن الصمت كان سيد الموقف على المستوى الرسمي، إلا من بعض الانتقادات الخجولة من منظمات أوروبية ودولية.

لم تصل المساعدات إلى غزة. بقيت في أشدود، تمامًا كما بقيت "مادلين" راسية على رصيف الاحتلال. لكن شيئًا من رسالتها وصل: القصة، النية، والمشهد الذي شاهده العالم بأسره.

"مادلين" لم تنجح في كسر الحصار، لكنها كسرت الصمت. جعلت العيون تعود إلى غزة، وجعلت من البحر المتوسّط ساحةً أخلاقية جديدة، حيث لا تُقاس المعارك بالبارود، بل بالإنسانية.

وبينما تتحدث المنظمات عن ضرورة الإفراج عن النشطاء، وتُثار التساؤلات القانونية حول مشروعية الحصار، تظل "مادلين" تبحر – وإن كانت الآن ساكنة – في وجدان كل من يؤمن بأن القوارب الصغيرة قد تغيّر مجرى التيار.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق