طوَّر باحثون نظام ذكاء اصطناعي قادراً على التنبؤ بخطر الإصابة بتسوس الأسنان في مرحلة الطفولة المبكرة، على مستوى كل سنٍّ على حدة، بناء على الخصائص الميكروبية للفم، بدقة تتجاوز 90%.

Spatial-MiC أول نظام ذكاء اصطناعي يتوقع التسوس

تمكَّن فريق صيني من ابتكار نظام ذكاء اصطناعي ثوري يُدعى Spatial-MiC وهو الأول من نوعه في العالم، يعمل على تحليل الميكروبيات لكل سن لتقييم مخاطر الإصابة بالتسوس.

ووفقاً للدراسة المنشورة في مجلةCell Host & Microbe، حقق النظام:

• دقة 98% في اكتشاف التسوس الموجود بالفعل.

• ودقة 93% في التنبؤ بظهور التسوس قبل شهرين من اكتشافه الفعلي.

يمثل ذلك تفوقاً ملحوظاً مقارنة بأساليب التقييم التقليدية التي تعتمد على الفم بالكامل وتفتقر للدقة المبكرة.

تسوس الطفولة المبكر.. أكثر الأمراض شيوعاً لدى الأطفال

يُعد تسوس الأسنان في الطفولة المبكرة (ECC) أكثر الأمراض المزمنة انتشاراً لدى الأطفال في جميع أنحاء العالم.

وقد كان تركز التسوس على أسنان معينة دون غيرها لغزاً طبياً، ظلّ غير مفهوم حتى الآن.

وعن طريق تتبُّع ميكروبي دقيق لـ2,504 عينات أسنان، استخدم الباحثون تقنية تسلسل الحمض النووي (16S rRNA) جنباً إلى جنب مع الميتاجينوميات الدقيقة لتحليل التكوين الميكروبي ووظائفه.

وتمَّت دراسة عينات الأسنان من 89 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 3 إلى 5 سنوات، على مدار عام تقريباً، للكشف عن أنماط ميكروبية تشير إلى بداية التسوس.

اكتشاف «تدرّج ميكروبي» من الأسنان الأمامية إلى الخلفية

أحد أبرز ما توصّل إليه الباحثون هو وجود تدرّج ميكروبي طبيعي يمتد من الأسنان الأمامية (القواطع) إلى الأسنان الخلفية (الأضراس) في الفم السليم.

وقد وُجد أن كل مجموعة من الأسنان تستضيف مجتمعات بكتيرية مختلفة، تتوزع بطريقة يمكن التنبؤ بها.

لكن عند بداية التسوس، تختلّ هذه التوازنات وتبدأ البكتيريا بالانتقال من القواطع إلى الأضراس والعكس، مما يمثل مؤشراً على تسوس محتمل قبل ظهوره الفعلي.

تعاون علمي بين جامعات ومستشفيات صينية رائدة

جاء هذا الابتكار من خلال تعاون بحثي بين كلية طب الأسنان بجامعة هونغ كونغ (HKU)، ومعهد الأكاديمية الصينية للعلوم (CAS-QIBEBT) ومستشفى كينغداو لطب الفم ومستشفى كينغداو للنساء والأطفال.

وأكَّد الباحثون أن هذا الاكتشاف قد يحدث ثورة في الوقاية من تسوس أسنان الأطفال.

من التنبؤ إلى الوقاية.. مستقبل طب الأسنان

قال البروفيسور شي هوانغ، أستاذ مساعد في قسم علوم الفم التطبيقية بكلية طب الأسنان بجامعة هونغ كونغ: «لقد غيّرت هذه النتائج جذرياً فهمنا لتسوس الأسنان.. لم نعد نعتبره أمراً حتمياً، بل أصبح بإمكاننا التنبؤ به ومنعه على المستوى الميكروبي، سناً بسن».

ويتطلع الفريق البحثي إلى توسيع نطاق النظام واختباره على مجتمعات متنوعة حول العالم، بهدف تطوير اختبارات سريرية تُستخدم في عيادات الأسنان وتمكّن الأطباء من رصد التسوس في مراحله المبكرة بدقة عالية.