نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بعد وفاته.. من هو الشيخ ربيع المدخلي؟ - الهلال الإخباري, اليوم الخميس 10 يوليو 2025 02:25 صباحاً
الشيخ ربيع المدخلي .. تصدر محركات البحث خلال الساعات القليلة الماضية وذلك تزامنًا مع إعلان وسائل الإعلام المختلفة عن وفاة الشيخ الدكتور ربيع بن هادي عمير المدخلي، أحد أبرز أعلام المدرسة السلفية التقليدية، عن عمر ناهز الثانية والتسعين عامًا، بعد مسيرة علمية ودعوية استمرت لأكثر من نصف قرن.
وفيما يلي إضاءة شاملة على سيرته، ومكانته العلمية، وإرثه الفكري الذي أثار جدلًا واسعًا بين المقرّظين والمنتقدين.
النشأة والتعليم: من قرية جرادية إلى أروقة الجامعات
ولد الشيخ ربيع بن هادي المدخلي عام 1933 في قرية الجرادية بمنطقة جازان جنوب المملكة العربية السعودية، في بيئة ريفية محافظة. فقد والده في سن مبكرة، فنشأ يتيمًا وتعلّم القرآن والعلوم الشرعية على أيدي المشايخ المحليين.
في عام 1961، التحق بالجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، حيث درس على يد عدد من كبار علماء العصر، وتخرج فيها عام 1964 بدرجة امتياز. ثم واصل دراساته العليا بجامعة الملك عبد العزيز بجدة، ونال درجة الماجستير برسالة حول "بين الإمامين مسلم والدارقطني" عام 1397هـ، ثم الدكتوراه عام 1400هـ في تحقيق كتاب "النكت على ابن الصلاح".
المسار الأكاديمي والدعوي: بين الجامعة والحرم النبوي
بعد تخرجه، التحق الشيخ ربيع بالهيئة التدريسية للجامعة الإسلامية، وتولى رئاسة قسم السنة بالدراسات العليا، كما درّس في المسجد النبوي الشريف لفترة من الزمن. عُرف باهتمامه الخاص بعلوم الحديث، ولا سيما علم "الجرح والتعديل"، وهو العلم الذي تخصّص فيه وتميّز به على مستوى العالم الإسلامي.
حظي بثناء كبار العلماء، منهم الشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ الألباني، والشيخ ابن عثيمين، والشيخ مقبل الوادعي، الذين اعتبروه حامل لواء الدفاع عن العقيدة السلفية الصافية.
المؤلفات والمنهج: الدفاع عن العقيدة ونقد التيارات الإسلامية
ألف الشيخ ربيع عشرات الكتب والرسائل في الحديث والعقيدة والمنهج، كان من أبرزها:
منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله فيه الحكمة والعقل
أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب وفكره
تفصيل الحديث بين الصحيح والحسن والضعيف
تحقيقات علمية على كتب أئمة الحديث، منها كتب ابن رجب والدارقطني
تميّزت كتاباته بشدة في الطرح، خصوصًا عند تعامله مع المفكرين الإسلاميين المعاصرين، أبرزهم سيد قطب، إذ كرّس جانبًا كبيرًا من مشروعه الفكري لنقد ما اعتبره انحرافًا عقديًا وفكريًا عن منهج السلف.
التيار المدخلي: بين الولاء للحكام والتحذير من البدع
منذ أوائل التسعينات، تشكّل حوله تيار دعوي صار يُعرف إعلاميًا بـ "المدخليّة"، وهو امتداد سلفي محافظ يركز على طاعة ولي الأمر، والتحذير من "البدع" الفكرية والسياسية، ورفض الخروج أو الثورة على الحكام، حتى وإن وُجد الظلم والفساد، ما دام لا يصل إلى الكفر البواح.
وقد أثار هذا التيار الجدل بسبب مواقفه السياسية، التي تماهت في بعض السياقات مع السلطات القائمة، سواء في السعودية أو خارجها، كما حدث في دعمه العلني للواء خليفة حفتر في ليبيا، ورفضه لثورات الربيع العربي، التي رأى فيها فتنة ودمارًا للأمة.
الجدل السياسي: ما بين العلماء والدولة
رأى البعض في مواقفه السياسية امتدادًا لما عُرف بـ "السلفية المدخلية" المرتبطة بالمؤسسة الدينية الرسمية، في مقابل التيارات السلفية الحركية أو الجهادية. وُجهت له انتقادات بأنه يُوظف العلم الشرعي لتحصين الأنظمة السياسية، غير أن مناصريه يرون في منهجه سلفية نقية متمسكة بالنصوص، تنبذ الفوضى والتمرد، وتحذر من البدع والأهواء.
الوفاة وردود الفعل: غياب مرجعية كبرى للتيار السلفي
في التاسع من يوليو 2025، ودّع الشيخ ربيع الحياة بعد عمر حافل بالعطاء العلمي، تاركًا خلفه تيارًا واسع الانتشار في الخليج، والمغرب العربي، وشرق إفريقيا، وأوروبا. وقد نعاه عدد من العلماء والمؤسسات، ووصفوه بأنه من كبار المحدثين والدعاة إلى التوحيد، فيما رأى فيه خصومه أحد أعمدة التيار المحافظ الذي عارض بشدة الإصلاحات الفكرية والسياسية.
أثره المعاصر: بين الحضور العلمي والانقسام الفكري
لا يُنكر أن الشيخ ربيع المدخلي ترك أثرًا كبيرًا في مدرسة الحديث والجرح والتعديل، كما أعاد الاعتبار للمنهج السلفي في صورته النصية الصارمة. وبالرغم من الجدل حول مواقفه، فإن مؤلفاته تدرّس وتناقش في العديد من المحافل العلمية، ويُرجع إليها في نقد الانحرافات الفكرية والسلوكية.
وقد شكّل رحيله نهاية مرحلة فكرية ضمن التيار السلفي، وربما بداية جدل جديد حول مستقبل السلفية التقليدية في عالم إسلامي متغير.
0 تعليق