نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مصطفى الروبي: المحاكم الاقتصادية في مصر دعامة للاستثمار والتنمية - الهلال الإخباري, اليوم الأحد 20 يوليو 2025 02:11 مساءً
في إطار حوار خاص حول الدور المحوري للمحاكم الاقتصادية في مصر، أكد الدكتور مصطفى الروبي أن إنشاء هذه المحاكم جاء كاستجابة استراتيجية للتطورات الاقتصادية العالمية المتسارعة، بهدف توفير بيئة قانونية مستقرة تشجع على جذب الاستثمارات وتدعم مسار التنمية المستدامة في البلاد.
وأوضح الدكتور الروبي أن الهدف الرئيس من تأسيس المحاكم الاقتصادية يتمثل في "تحرير التجارة، دعم الاستثمار، وجذب رؤوس الأموال"، من خلال إزالة العقبات التي تعيق كفاءة الأداء الاقتصادي وتسريع الفصل في المنازعات، ما يعالج بطء الإجراءات القضائية التقليدية، ويعزز من الكفاءة القضائية ويرفع من تصنيف مصر في تقارير "سهولة ممارسة الأعمال" على المستوى الدولي.
وأشار إلى أن هذه المحاكم تسهم في خلق مناخ من الطمأنينة والثقة لدى المستثمرين، بما يقلل من المخاطر المتوقعة، ويشجع على تدفق رؤوس الأموال، ما ينعكس إيجابًا على الاستقرار الاقتصادي للبلاد، ولفت إلى أن المحاكم الاقتصادية أُنشئت بموجب القانون رقم 120 لسنة 2008، وتم تعديل اختصاصاتها لاحقًا بالقانون رقم 146 لسنة 2019 لتشمل مجالات مستحدثة مثل التجارة الإلكترونية، البرمجيات، ومنازعات النقل البحري، إلى جانب تعديل جديد أُجري في عام 2024، ما يعكس مرونة المشرع المصري وقدرته على مواكبة التغيرات الاقتصادية والتكنولوجية المتسارعة.
وبيّن الدكتور الروبي أن هيكل هذه المحاكم يتألف من دوائر ابتدائية واستئنافية، وتختص بنظر القضايا المدنية التي لا تتجاوز قيمتها 10 ملايين جنيه، كما تشمل اختصاصاتها نزاعات تجارية عامة، قضايا الإفلاس وإعادة الهيكلة، الأوراق التجارية، تأسيس الشركات، حقوق المساهمين، الملكية الفكرية، التجارة عبر الحدود، إلى جانب الجرائم الاقتصادية المتنوعة كجرائم التفالس، ومخالفات قوانين التأمين، وسوق رأس المال، والمنافسة، وجرائم الإنترنت، وغسل الأموال.
وأكد أن جمع هذه القضايا المدنية والجنائية تحت مظلة قضائية متخصصة يهدف إلى تبسيط الإجراءات وتعزيز سيادة القانون وتوفير مناخ تشريعي ملائم لجذب الاستثمارات. كما أوضح أن المحاكم الاقتصادية تُعد من المحاكم المتخصصة التي تعمل وفق نظام الدرجتين، وتخضع رقابيًا لمحكمة النقض في حالة صدور الحكم ابتدائيًا من المحكمة الاستئنافية، لضمان سلامة التطبيق القانوني.
وأضاف أن أي اعتماد هذه المحاكم على نظام التقاضي الإلكتروني الذي يشمل كافة مراحل التقاضي، من رفع الدعوى وحتى تنفيذ الأحكام، وهو ما يسهم في تسريع العدالة وتعزيز الشفافية والوصول السلس للخدمات القضائية، ما يعد تطورًا ضروريًا لتحسين البيئة القانونية والاستثمارية في مصر.
وفيما يتعلق بدورها التنموي، أشار إلى أن المحاكم الاقتصادية تُعد "ركيزة أساسية للتنمية"، و"فاعلًا اقتصاديًا مهمًا"، حيث تسهم في تخفيف العبء عن المحاكم العادية وتطبيق مبادئ المنافسة المشروعة، والإنصاف، والشفافية، ما يعزز ثقة المستثمرين ويسهم في تحسين تصنيف مصر في مؤشرات التنافسية الدولية وجذب الاستثمارات الأجنبية.
ورغم النجاحات التي حققتها المحاكم الاقتصادية، أشار الدكتور الروبي إلى عدد من التحديات التي ما زالت تواجهها، منها ارتفاع رسوم التقاضي التي تصل إلى 7.5% من قيمة المنازعة، وهو ما قد يمثل عبئًا على المتقاضين ويُعد عائقًا محتملًا أمام الاستثمار. كما نبه إلى تداخل الاختصاصات المحتمل مع مجلس الدولة، وضعف بعض عناصر الحوكمة مثل طول فترات التقاضي، وضعف فعالية الجهاز القضائي، واستمرار بعض الممارسات البيروقراطية، ومحدودية حماية حقوق الملكية.
وشدد على أن مواجهة هذه التحديات يتطلب تطويرًا مستمرًا لاختصاصات المحاكم، وتحديثًا للتشريعات بما يتماشى مع تطور الأسواق، الأمر الذي يمثل التزامًا وطنيًا بتهيئة بيئة قانونية ملائمة تدعم النمو الاقتصادي وتجذب الاستثمارات.
وفيما يخص آفاق التطوير، أكد على أهمية دعم المحاكم الاقتصادية، وتحديث آليات عملها، وتدريب القضاة على القوانين الاقتصادية الحديثة، إلى جانب تبسيط إجراءات تسجيل العقارات، وتفعيل آليات تنفيذ الأحكام إلكترونيًا، ومنح القضاة صلاحيات إصدار الأوامر القضائية مثل الحجز التحفظي والتنفيذي، بما يعزز سرعة تنفيذ الأحكام ويبعث الطمأنينة في نفوس المستثمرين.
أما على صعيد الأداء العملي، فأشار إلى أن مصر تضم حاليًا ثماني محاكم اقتصادية، نجحت في الفصل في نحو 35 ألف قضية خلال عام 2023، من بينها نسبة إنجاز بلغت 88.6% في القضايا الجنائية الابتدائية، و84% في القضايا الجنائية الاستئنافية، فيما بلغت نسبة الإنجاز في القضايا المدنية الاستئنافية 60%، ما يعكس تعقيد بعض القضايا المدنية وطول أمدها.
واستعرض أبرز القضايا التي نظرتها المحاكم، والتي تنوعت بين الاحتيال المالي، والمحتوى الرقمي، والتشهير، وقضايا "البلوغرز" مثل "أنوش" و"مودة الأدهم"، بالإضافة إلى قضايا الإفلاس وإعادة الهيكلة، وغسل الأموال، والتعامل غير المشروع بالنقد الأجنبي خارج السوق المصرفية.
وفي ختام حديثه، أكد أن المحاكم الاقتصادية تُعد آلية مستحدثة تهدف إلى توفير بيئة قانونية مستقرة وجاذبة للاستثمار، وتعزيز الاستقرار القانوني، مؤكدًا أن التطوير المستمر لهذا النموذج القضائي يُعد ضرورة حتمية لزيادة قدرة مصر على جذب الاستثمارات الأجنبية، لا سيما في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة.
وأضاف أن تفعيل دور هذه المحاكم بشكل كامل في دعم التنمية الاقتصادية يتطلب استكمال منظومة الإصلاح التشريعي والقضائي، ومعالجة التحديات الأوسع المرتبطة بالحكم الرشيد، لتعزيز مناخ الثقة وتحقيق التنمية المستدامة المنشودة.
أخبار متعلقة :