«مجهول» ينتحل شخصية وزير الخارجية الأمريكي ويخدع عدداً من المسؤولين - الهلال الإخباري

كشفت برقية دبلوماسية أمريكية أن جهة مجهولة استخدمت الذكاء الاصطناعي لانتحال شخصية وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، وتواصلت مع ما لا يقل عن خمسة أشخاص، بينهم ثلاثة وزراء خارجية، وحاكم ولاية أمريكي، وعضو في الكونغرس، في محاولة واضحة للحصول على معلومات أو اختراق حسابات خاصة.

تحذير رسمي للدبلوماسيين حول العالم

جاء في البرقية بحسب BBC أن وزارة الخارجية تنبه دبلوماسييها في الخارج إلى أن جهات تهديد إلكتروني تنتحل شخصيات مسؤولين رسميين أمريكيين، وتنصحهم بتحذير الشركاء الخارجيين من هذه الهجمات السيبرانية.

ووصفت البرقية هذه العملية بأنها جزء من «حملتين مميزتين» تتعقبهما الوزارة، حيث يستخدم المهاجمون تطبيقات بريد إلكتروني ومنصات مراسلة تجارية لانتحال هوية مسؤولي الوزارة واستهداف الحسابات الشخصية لأفراد بعينهم.

إنشاء حساب وهمي باسم وزير الخارجية على تطبيق Signal

بحسب البرقية والتي تم إرسالها يوم الخميس الماضي، أنشأ المهاجم حساباً على تطبيق Signal منتصف يونيو باستخدام اسم «[email protected]» بهدف إقناع المستهدفين بأنه الوزير روبيو.

وأكدت الوثيقة أن الجهة المهاجمة تركت رسائل صوتية على Signal لشخصين على الأقل، وأرسلت رسالة نصية لأحدهم تدعوه للتواصل عبر التطبيق، في محاولة لاستدراجهم بمحتوى صوتي ونصي مُنتج بواسطة الذكاء الاصطناعي.

حملة قرصنة ثانية مرتبطة بروسيا استهدفت نشطاء وخبراء

كشفت البرقية أيضاً حملة سيبرانية ثانية بدأت في إبريل تقف وراءها جهة مرتبطة بروسيا، استهدفت حسابات Gmail الشخصية لـباحثين في مراكز فكر، ونشطاء في أوروبا الشرقية وصحفيين ومسؤولين سابقين، عبر رسائل تصيد احتيالي تقمصت شخصية مسؤولين أمريكيين وهميين.

أرسلت تلك الجهة رسائل تدعو الضحايا لاجتماعات مزعومة وتطلب منهم ربط تطبيقات خارجية بحساباتهم على Gmail، ما كان سيمنح المهاجمين وصولاً دائماً لمحتوى بريدهم الإلكتروني.

أساليب متطورة وانتحال شديد الإتقان

كشفت البرقية أن القراصنة أظهروا معرفة دقيقة بأساليب التسمية في الوزارة ووثائقها الداخلية، مما يشير إلى تخطيط محكم واختراق معلوماتي عميق.

ذلك النشاط أكدته أيضاً أبحاث من مختبر Citizen Lab بجامعة تورونتو بالتعاون مع Google، حيث وثّقوا حملة تجسس متقنة انتحلت هوية دبلوماسيين أمريكيين لاستهداف أكاديميين منتقدين لروسيا، بحسب CNN.

استهداف خبير روسي بارز باستخدام بريد إلكتروني وهمي

أحد أبرز المستهدفين كان كير جايلز، خبير شهير في شؤون النفوذ الروسي، حيث استُخدمت أربعة حسابات بريد إلكتروني مزيفة تحمل النطاق «state. gov» لإضفاء الشرعية على المراسلات الاحتيالية.

ووفقاً لـ Citizen Lab، فإن المهاجمين استغلوا حقيقة أن نظام البريد الإلكتروني لوزارة الخارجية لا يصدر رسائل ارتداد (bounce) عند إرسال بريد إلى عنوان غير موجود، مما جعلهم يستفيدون من تلك الثغرة.

وتُرجح Google أن الجهة المنفذة للحملة هي مجموعة APT29، المرتبطة بجهاز الاستخبارات الخارجية الروسية (SVR)، وتشتهر بحملاتها السيبرانية الواسعة النطاق.

قالت الباحثة الأمنية غابي رونكوني من Google إن الهجمات الأخيرة تختلف عن أنشطة APT29 السابقة، حيث كانت الحملة أكثر خصوصية، وشملت بناء علاقة طويلة الأمد مع الضحية قبل الاستهداف.

تشابه مع هجمات سابقة ضد مسؤولين أمريكيين

أشارت البرقية إلى أن هذه المحاولة تشبه نشاطات سابقة تم التحقيق فيها من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، والتي شملت محاولة لانتحال شخصية كبيرة مستشاري الرئيس السابق دونالد ترامب، سوزي وايلز، والتي أوردت سي إن إن تقريراً عنها في مايو.

دعوة للإبلاغ والتعاون مع الـFBI

دعت البرقية الشركاء الخارجيين إلى إبلاغ مركز شكاوى الجرائم الإلكترونية التابع لمكتب التحقيقات الفيدرالي عند رصد أي محاولة انتحال مشابهة، فيما طُلب من موظفي وزارة الخارجية الإبلاغ داخلياً لقسم الأمن الدبلوماسي عند التعرض لأي هجمات مماثلة.

من جهته، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن الوزارة على علم بالحادث وتحقق فيه حالياً، مؤكداً أن الوزارة تأخذ على محمل الجد مسؤوليتها في حماية المعلومات، وتعمل باستمرار على تحسين أمنها السيبراني.

ورفض مكتب التحقيقات الفيدرالي التعليق على القضية.

تهديدات الذكاء الاصطناعي تتصاعد داخل المؤسسات الحكومية

أصبحت ظاهرة انتحال الشخصيات باستخدام الذكاء الاصطناعي شائعة بشكل متزايد داخل الوكالات الحكومية الأمريكية.

وقد أوردت برقية وزارة الخارجية أن الحساب الذي استخدمه منتحل شخصية ماركو روبيو أُنشئ في منتصف يونيو، مشيرة إلى تشابه واضح مع نشاط احتيالي وقع في مايو، عندما تقمّص أحدهم شخصية مسؤولين أمريكيين كبار.

ويرجّح أن تكون هذه إشارة إلى الحادثة التي انتحل فيها أحد المهاجمين شخصية رئيسة موظفي البيت الأبيض سوزي وايلز، حيث تواصل مع جهات اتصالها الشخصية وحتى مع أحد المشرعين.

مستشار أوباما السابق: هذا هو الواقع الجديد

في تعليق حاد، قال ديفيد أكسلرود، المستشار البارز للرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، إن عملية الاحتيال التي استخدمت الذكاء الاصطناعي باسم روبيو كانت «مسألة وقت فقط»، داعياً إلى تحرك عاجل لمواجهة هذا النوع من التهديدات.

وكتب أكسلرود عبر منصة «X»: «منتحل شخصية ماركو روبيو يستخدم صوتاً مولّداً بالذكاء الاصطناعي للاتصال بمسؤولين رفيعي المستوى..هذا هو العالم الجديد الذي نعيش فيه، وعلينا أن نُحسن الدفاع عن أنفسنا، لما لهذه الظواهر من تداعيات على ديمقراطيتنا والعالم بأسره».