انتقاء معلّمي مدارس خاصة.. معايير عفا عليها الزمن - الهلال نيوز

الخليج 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تحقيق: محمد إبراهيم

في الوقت الذي يرى فيه بعض خبراء التعليم، أن انتقاء معلمي المدارس الخاصة، عملية دقيقة تحتاج إلى مراجعة شاملة مستمرة، لا سيما وأنَّ كثيراً من الإجراءات التقليدية باتت روتينية «عفَّى عليها الزَّمَنُ»، وتضعف فرص استقطاب الكفاءات التي يمكن أن تحدث فارقاً حقيقياً، بات هناك سؤال يطرح نفسه حول المعايير الحالية لاختيار معلمي هذا القطاع، وهل لا تزال قادرة على مواكبة التحديات العصرية والتغيرات في عصر الذكاء الاصطناعي؟
«الخليج» تناقش مع الميدان التربوي بمختلف فئاته، مدى فاعلية هذه العملية، ومعايير تحرير إخطارات التعين، ومدى مواكبتها لاحتياجات المرحلة الراهنة ومتطلبات الذكاء الاصطناعي.
أكد تربويون أن التقدم للحصول على إخطارات تعيين الكوادر، بات إجراءً روتينياً، لم يشهد أي تطوير منذ سنوات طويلة، ولا يواجه أية معوقات حتى لو كان الطلب «منقوصاً» لإحدى الشروط، في حين أشار معلمون إلى أن عملية الانتقاء لا تركز في الأغلب على الكفاءات والخبرات والمؤهلات فحسب، بل هناك اعتبارات أخرى ترتبط بصلة القرابة والوساطة، موضحين أن إخطارات التعيين عبارة عن عملية ترتيب أوراق أكثر من كونها «مقابلة» لقياس قدرات ومهارات المعلم.
تكليفات داخلية
أكد المعلمان «إبراهيم. ق، ريبال.غ، ومراد.م، منى.ا، سامية.ح»، أن هناك معلمين يحملون مؤهلات علمية لا تناسب المواد الدراسية التي يدرسونها، وإن تعثر حصولهم على إخطار لتدريس المادة، هناك تكليفات داخلية تمكنهم من تدريس مواد أساسية مثل الرياضيات والعلوم واللغتين العربية والإنجليزية، موضحين أن بعض المعلمين يدرسون أكثر من مادة بإخطار تعين واحد، وهنا لا يستطيع الرفض حفاظاً على مصدر رزقه.
وفي شرحهم لآليات الحصول على الإخطارات، أفادوا بأن إدارات المدارس تُعد المسؤول الأول، عن الترشيح سواء للمعلمين أو الكوادر الأخرى للحصول على الإخطار، الكل حسب تخصصه، إذ تتم المقابلة والتقييم والاعتماد لإصدار الإخطار من قبل لجنة مختصة في الهيئات أو المجالس التي تشرف على المدارس الخاصة، وفق معايير واشتراطات محددة.
وأشاروا إلى أن عملية الانتقاء تحكمها الحالات المحاباة والمحسوبية في معظم المدارس، أما إشكالية الإخطارات طالت أيضاً القيادة المدرسية، إذ أن هناك مديري مدارس لا علاقة لهم بالتعليم من قريب أو بعيد، فكيف يكون لمهندس لا خبرة له تربوياً أو إدارياً أن يكون مدير مدرسة، وكيف يصبح محاسب نائباً للمدير، ويتم إصدار إخطار له أو لها، على الرغم من افتقاره للخبرة التربوية والإدارة المدرسية، ما يؤكد أن العملية في النهاية «ترتيب أوراق».
ضرورة التطوير
في وقفة مع عدد من مديري المدارس، أكد كل من «إلهام.م، سلمى.ع، خلدون.م، سامح.ع» أهمية تطوير معايير انتقاء المعلمين والكفاءات التربوية لاسيما مع تطورات تكنولوجيا التعليم المتوالية، وحضور الذكاء الاصطناعي في مجتمع التعليم بشكل لافت، وينبغي أن تبقى الخبرات والمعايير والضوابط، الفيصل الحاسم عند إقرار تعين الكوادر بمختلف فئاتها.
وقالوا: إن هناك كوادر قيادية في بعض المدارس لا تربطها أية صلة بالتعليم، كما أن مؤهلاتهم العلمية لا ترتقى للمهام الوظيفية، وليس لديهم تراكم معرفي أو خبرات ومهارات، وهذا يؤثر سلبياً على مسارات العملية التعليمية، وجودة المخرجات والمستوى المعرفي للمتعلمين، ودائماً ما تأتي القرارات الخاطئة في بعض المدارس، نتيجة عدم تأهيل قيادتها وافتقار كوادر لماهية العملية التعليمية.
وأكدوا ضرورة تطوير آليات إصدار الإخطارات، والارتقاء بمنظومة المعايير والاشتراطات لترشيح الكوادر، بدءاً من المعلم وصولاً إلى المدير، لضمان اختيار كوادر تربوية قادرة على مواكبة المرحلة ومتغيراتها، فضلاً عن ضمان وجود كفاءات وخبرات تفيد الميدان، وتنعكس إيجابياً على المخرجات.
مهارات المرشحين
أكد فريق آخر ضم «سهام. ك، وصلاح. م، ومهران. ع، ورنا. ح»، أن إدارتهم المدرسية تركز على عملية انتقاء دقيقة سواء للمعلمين أو الكوادر الأخرى، إذ تستند إلى التكنولوجيا كعنصر أساسي في مهارات المرشحين، فضلاً عن استراتيجيات التدريس والإدارة المطورة التي تواكب عصر الذكاء الاصطناعي.
وقالوا: إنهم يستندون إلى الذكاء الاصطناعي في عملية الانتقاء من خلال أدوات تحليل متقدمة تساعد على اختيار الكفاءات الأنسب، بطريقة أكثر دقة وموضوعية، نظراً لقدرتها تحليل السيرة الذاتية ومهارات المعلمين، إذ أن خوارزميات تعلم الآلة قادرة على تحليل الملفات المهنية للمعلمين بسرعة كبيرة وتحديد المهارات الأساسية والخبرات المطلوبة للمناصب التعليمية المتاحة.
وأشاروا إلى أن الذكاء الاصطناعي يسهم في تصميم اختبارات تقييم تركز على سمات الشخصية والقيم التربوية، ومدى توافق المعلمين مع أهداف المؤسسة التعليمية، ومن خلال نماذج تحليل البيانات، يمكنه أيضاً التنبؤ بمستوى الأداء المتوقع للمعلم بناءً على أدائه السابق ونتائج تقييماته وخبراته، مما يساعد على اتخاذ قرارات توظيف مبنية على البيانات.
وأفادوا بأنهم استخدموا الذكاء الاصطناعي في تحليل المقابلات المسجلة للكوادر المرشحة، للتعرف إلى نقاط القوة والضعف لدى المتقدمين، وذلك باستخدام تقنيات التعرف إلى الصوت ولغة الجسد، ما يوفر تقييماً أكثر عمقاً للمتقدمين، فضلاً عن مواءمة المهارات المحددة للمعلم مع متطلبات الوظيفة الشاغرة، لتحديد مدى ملاءمتها لاحتياجات المؤسسة التعليمية بدقة.
وقالوا إنهم في طريقهم لتحليل ردود الفعل وتقييمات الطلاب عبر استخدام بيانات الأداء السابق وآراء الطلاب، إذ يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة المؤسسات التعليمية في تحديد المعلمين الذين أثبتوا كفاءة في تحسين التجربة التعليمية وجودة التعليم، كما توفر أدواته توصيات للتطوير المهني المستمر بناءً على التحليل الدوري لأداء المعلمين، مما يساعد في تحسين مستوى الكفاءة التعليمية مع مرور الوقت.
وأكدوا أن هذه العمليات تعزز من دقة انتقاء المعلمين وتقلل من الأخطاء البشرية المحتملة، مما يؤدي إلى تحسين جودة التعليم واستقطاب معلمين مؤهلين يتوافقون مع احتياجات المؤسسة التعليمية وتوجهاتها.
التكرار الإداري
أكدت الخبيرة التربوية أمنة المازمي، أن المعايير الحالية للانتقاء، والتكرار الإداري في إخطارات التعيين باتت أموراً تعيق التطور والتقدم، مما يجعل من الضروري إعادة النظر في آليات الاختيار والتوظيف لتتوافق مع تطلعات المستقبل، وتلبي احتياجات الطلاب الذين يستحقون تعليماً نوعياً يواكب روح عصر الذكاء الاصطناعي والتطور التكنولوجي.
وأفادت بأن اختيار الكوادر التدريسية أو التربوية أو الإدارية بالمدارس الخاصة، أمر يحتاج إلى اهتمام خاص، ودقة عند نظر المقومات وتراكم الخبرات وتعدد المهارات، فقوة القيادة المدرسية تقاس بجودة أدائها، وواقعية تخطيطها، وبمهارات المعلم وقدراته نرتقي بالمخرجات، وبفهم الإداري وعمق خبراته، نحظى بمرونة الأداء.
وأضافت: إن الأهم من الاختيار، يكمن في دور اللجان المتخصصة بالجهات المعنية بالتعليم الخاص، التي تقرر صلاحية الكوادر المرشحة أو احتياجها للتطوير، إذ أنها مخولة بمقابلة المرشحين من قبل المدارس الخاصة، لوظائف مثل «مدير مدرسة أو معلم أو إداري»، ومسؤولة عن تقييمهم، وقياس قدراتهم ومهاراتهم وكفاءتهم، قبل منحهم إخطار التعيين وتحديد من يستحق.
معايير ممنهجة
وفي شرحها لضوابط إصدار الإخطارات، أفادت أمنة المازمي، بأن هناك معايير وضوابط محددة، يتم من خلالها الإصدار، وما يوجد من حالات في الميدان يعني أن هناك ضرورة ملحة لوضع آليات جديدة لتطبيق الاشتراطات والمعايير، فضلاً عن تطوير مهام اللجان المختصة بهذا الشأن وضوابط عملها، لاسيما أن هناك معلمين يدرسون مواد لا تتوافق مع تخصصاتهم العلمية «بتكليفات داخلية» غير مرئية للرقابة، وآخرين حصلوا على الإخطار، ولم يتمكنوا من تجديده بنفس المسمى، وفئة ثالثة لم تتمكن من استخراج الإخطار عند الانتقال للعمل في مدرسة أخرى، وهذا يعني أن هناك خللاً في مسألة إصدار الإخطارات. وأوضحت أن اختيار المعلمين مسؤولية كبيرة، وترشيح مدير أو نائب لمدير مدرسة، مسؤولية أكبر، فإذا كانت قدرات المعلم تقودنا إلى مخرجات عالية الجودة، تواكب تطورات ومتغيرات الحاضر وتحاكي المستقبل، فإن كفاءة القيادة المدرسية تمكنا من الارتقاء بالمعلمين والإداريين والفنيين، ومن قبلهم المتعلمين، وتمتد فاعليتها إلى الارتقاء بالمنظومة، وهنا تكمن أهمية الدقة قبل إقرار عمل الكوادر التربوية المرشحة من عدمه.
إخطارات التعيين
أفادت الخبيرة التربوية أمنة المازمي، أن مسألة إصدار إخطارات التعيين، تحتاج لمزيد من الرعاية، والنظر بجدية في أمر الكوادر الحالية، لاسيما في عصر الذكاء الاصطناعي الذي بدأ يتمكن من مفاصل العملية التعليمية، وأوصت بضرورة إعادة النظر في معايير وآليات وضوابط منح إخطارات المعلمين والقيادة المدرسية.
رخصة المهن
أكد تربويون أن رخصة المهن التعليمية تسهم في اختيار العناصر التربوية الجديدة ذات الكفاءات العلمية والخبرات التي تسهم في الارتقاء بالعملية التعليمية ومخرجاتها، ومن الأفضل الاعتماد على الرخصة بدلا عن جميع الاخطارات في المدارس سواء كانت حكومية أو خاصة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق