متقاعدون على رأس العمل - الهلال الإخباري

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
متقاعدون على رأس العمل - الهلال الإخباري, اليوم الأحد 16 فبراير 2025 05:25 مساءً

يعد الهدر في الموارد البشرية من المشكلات التي تؤرق قطاعات الأعمال المختلفة، ولقد أدركت الإدارات بمختلف مستوياتها بأن الإنتاجية هي هدف أساسي، ولكن الأمر الذي لم تدركه كثير من الإدارات والمؤسسات هو أن الإنتاجية تعتمد إلى حد كبير على تطبيق قانون الأداء البشري المتكامل، فالقوى العاملة هي الوسيلة لتحقيق أهداف المنظمة، وهي القوة التي تكسبها الحياة والحيوية والمقدرة، ومن خلال التوزيع المنطقي والعادل للأعمال المناطة بالإدارة على الموظفين الموجودين بها، وتناسب عدد الموظفين مع حجم الأعمال، وتنظيم هيكل القوى العاملة في المؤسسة، بحيث تكون أكثر كفاءة في تحقيق أهدافها وزيادة إنتاجيتها من خلال الحفاظ على العدد الصحيح من العاملين ومواءمته مع الاستراتيجية التنظيمية وحجم العمل.

ولكن يحصل في كثير من الإدارات - لا سيما الحكومية - لا يمثل هذا المفهوم على الإطلاق، ففي كثير من الإدارات نجد أن عدد الموظفين يفوق حجم العمل بكثير، بحيث يتم تركيز المهام فيها على عدد محدود من الموظفين، في حين أن عددا آخر لا يقومون بأداء أي مهام - بحجة أنهم لا يعرفون!! - مع تهميشهم وغض النظر عنهم، في ظل تحمل عدد قليل من زملائهم المبادرين أعباء ومهام هي أكثر من طاقتهم الإنتاجية، كما أن بعض الإدارات تعمد إلى تهميش الموظفين - بصورة غير مباشرة - خاصة الذين شارفوا على التقاعد ولم يتبق لهم سوى سنتين أو ثلاث، مع العلم بأنهم ثروة معلوماتية، فلا يتم تكليفهم بأي أعمال، مما قد يشكل عبئا إداريا وماليا على المؤسسة، مع تجاهل الإدارة العليا أو المسؤولين وتغاضيهم عن ذلك، لمجرد أن الأعمال تسير وفق ما يرغبون، وبغض النظر عن من يقوم بهذه المهام والأعمال، وعن العبء الذي يتحمله العدد القليل من المبادرين، مما يؤثر - مع مرور الوقت - بشكل سلبي على أداء المنظمة بوجه عام.

كما أن ذلك يعد هدرا في الموارد البشرية والمالية على حد سواء، فالموظفون (المهمشون) لا يقومون بأي مهام أو أعمال - سوى الحضور والانصراف - وكأنهم متقاعدون ولكنهم ما زالوا على رأس عملهم، ومع ذلك فإنهم يتقاضون رواتب توازي ما يتقاضاه زملاؤهم المبادرون والمنتجون، وربما تزيد عنها، وبمباركة الإدارة العليا، طالما أن الأعمال تسير، بل والأدهى من ذلك والأمر أن الموظف المهمش أو قليل الإنتاجية ربما يكون في مقدمة من يحصلون على العلاوات والترقيات، فقط لمواظبته على الحضور أو لعلاقاته الخاصة أو لأي سبب آخر، وفي المقابل تجد أن زميله المنتج والمبادر لا يحصل على ما يستحقه من المزايا الوظيفية.

ومما يزيد الأمر غرابة أن كثيرا من الإدارات الحكومية قد عمدت في الآونة الأخيرة إلى التعاقد مع خبرات من خارج القطاع، وبمبالغ تعاقدية باهظة!! في ظل وجود عدد كبير من الموظفين الذين أمضوا سنوات في أروقتها دون تغيير يذكر، والذين لو تم استغلال تلك المبالغ التعاقدية في تدريبهم وتطوير مهاراتهم، ربما كانت النتائج أفضل.

لقد حان الوقت للتغيير، في ظل الرؤية التي نسعى لتحقيقها والتطوير الذي نطمح إليه، وإلى إعادة النظر في كيفية توجيه الموارد البشرية والاستغلال الأمثل لها، ومواءمة استراتيجيات ومبادرات القوى العاملة مع الاستراتيجية التنظيمية بما يساهم في تلبية الاحتياجات وتحقيق العائدات المطلوبة، ومراعات التوجهات المستقبلية للقوى العاملة ورفع كفاءة الإنفاق، وأصبح لزاما على الإدارات الإدراك بأن القوى العاملة - إذا ما أحسن استغلالها - هي المحرك الأساس للمنظمة والعنصر الأهم في رفع الإنتاجية - من خلال تخطيط برامج أكثر شمولية، فالركيزة الأساسية التي تقود عجلة الاقتصاد والتنمية هي رأس المال البشري، ولذلك فإن الحفاظ على الكفاءات والمواهب وتطويرها ووضع المبادرات الاستراتيجية لها، وتشجيع جهات العمل على تبنيها وتطبيقها بفعالية، هو القرار الأول والمهم الذي يجب أن يُتخذ كخطوة أولى في أي منظمة، للوصول إلى بيئة عمل ناجحة ومميزة ولديها القدرة على العطاء والابتكار، مع زيادة قيمتها وتأثيرها على العمل وكفاءته تدريجيا.

osamazaitooni@

أخبار ذات صلة

0 تعليق