نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
خسة إخوان الأردن وخداع الأمة برغيف الخبز - الهلال الإخباري, اليوم الأربعاء 16 أبريل 2025 09:00 مساءً
المملكة الأردنية الهاشمية كانت على موعد مر. كما هي المواعيد السابقة. الفرق بين الماضي والحاضر يختلف في التفاصيل الدقيقة. كان الملك الراحل حسين بن طلال ذكيا في المقاربة الحذرة مع جماعة الإخوان المسلمين. تحولت تلك السياسة إلى مكاشفة، يعمد على ممارستها العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني.
سأعود للوضع الحالي؛ لكن مناقشة ملف كهذا بحاجة إلى تمحيص التاريخ السياسي للجماعة في الأردن. حاول الإخوان المناورة مع الملك حسين. وقابل الراحل تلك المماحكات بكثير من الدهاء والحنكة. بلغ به الأمر يوما ما، دفع الجماعة للمشاركة في الحكومة من خلال تولي بعض الحقائب الوزارية، لماذا؟ لأنه يعي فشلهم السياسي. لذا أراد أن يصطدموا بالشارع، وخسارة أوراق الدعم بأوساط الرأي العام الأردني.
الوقت الحاضر يختلف. يمارس العاهل الأردني الملك عبد الله أسلوبا سياسيا ذكيا، تعتبره الجماعة مستفزا. ما هو؟ تسمية الأمور بمسمياتها ووضع النقاط على الحروف. يجد الملك عبد الله أن الحالة والظروف السياسية الحالية، ليست كما كانت إبان حقبة والده. ما الدليل؟ أنه شكى من الجماعة علانية عقب ما يسمى بالربيع العربي. قال في لقاء مع شبكة بي بي سي الأمريكية عام 2014 "إن جماعة الإخوان المسلمين اختطفت الربيع العربي".
بعد ذلك بحسب مصادر البحث المفتوحة، فإن القصر الملكي كان مستاء من حركة حماس المنتمية في الأصل للجماعة. بل إن القصر رفض طلب زيارة هنية للعاصمة عمان. ما السبب؟ مشاركة زعيم الحركة إسماعيل هنية في تشييع قاسم سليماني قائد فيلق القدس، المتهم بالضلوع في مخططات على أراضي المملكة.
وما يشير لذلك، أن الملك عبد الله، لم يخفِ في حديث تلفزيوني مع "قناة فرانس 24"؛ تصاعد التهديدات الإيرانية على نحو غير مسبوق، خلال عام 2019.
معروف أن الجماعة في الأردن اعتادت على القفز على الأحداث المحيطة في المنطقة العربية. وإن لم تجد ملفا تضعه كحصان طروادة، تلجأ لتحريك الشارع للمطالبة بإصلاحات دستورية داخلية، وهو ما كانت القيادة الأردنية تقابله بالصبر والحكمة.
فبعد اندلاع "الخريف العربي" خرج المراقب العام للجماعة في الأردن همام سعيد، منتقدا تعديلات دستورية أجرتها الحكومة الأردنية، واعتبرها غير ملبية لطموحات الشعب الأردني الرامية للإصلاح. والحقيقة لم يكن الأمر كذلك، بل كان رد فعل من الجماعة، لانتقادات أبداها الملك عبد الله للجماعة حينها.
واستمرت تخبطات الجماعة في الأردن حتى هذا اليوم. وهذا يمكن الاستدلال به من خلال النظر إلى موقفها من الحرب على غزة. فقد قادت الحركة بذراعها السياسي "حزب جبهة العمل الإسلامي"، حملة تشكيك في موقف الدولة تجاه الحرب.
وانبرى عضو الجماعة، النائب في البرلمان الأردني ينال فريحات، لمحاولة إحراج القيادة والجيش، فيما يتعلق بموقفها حيال حرب غزة.
بل إنه مارس الخبث المعهود على جماعته، عبر وضع مقارنة بين تصرف الراحل الملك حسين، الذي أجبر الموساد الإسرائيلي على جلب الترياق، لإنقاذ رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في عمان عام 1997، بعد أن حاولت إسرائيل اغتياله آنذاك، وبين عدم وضع الملك عبد الله الثاني اتفاقية وادي عربة - وهي معاهدة سلام بين الأردن وإسرائيل أبرمت عام 1994 - كلفت حدودا آمنة بين الدولتين.
ما الاستنتاج من ذلك؟ أن جماعة الإخوان المسلمين تعتمد في منهجيتها وأدبياتها على إلغاء الولاء للوطن. لماذا؟ ليسهل غرس الولاء للجماعة وأذرعتها وتنظيماتها المتفاوتة. ما الحجة؟ الحجة تضحية ذاك النائب بتلك المعاهدة، لتحقيق أكبر قدر من المكاسب للثلة التي ينتمي إليها.
إن ما كشفت عنه المخابرات الأردنية الثلاثاء الماضي، من إحباط مخطط تخريبي ممنهج يستهدف أمن البلاد، يتضمن ولأول مرة تغيير تموضعات الجماعة، من استخدام الشارع وتأجيج تجاه الدولة، إلى العداء الصريح عبر تصنيع الصواريخ، ينبئ بتصميم على أن تطال النار الأردن، لتحقيق الفوضى والتخريب، الذي قامت على أساسه الجماعة المارقة. ولا يمكن بالوقت نفسه أن يكون بمعزل عن تاريخها الأسود، المؤسس على تجريد الإنسان من أخلاقياته وعفته الوطنية.
أجزم أن إخوان الأردن يعانون من الإحباط والفشل. لأنهم لم يعتبروا من تجاربهم السابقة، فقد فشلوا بدول عديدة. اعتقدوا أن الأردن حل استعادة الأمجاد، وأنها لقمة سائغة.
حاربوا الاستقرار وعدوه ذنبا كبيرا. أرادوا أن يختنق الصوت فيها ولا ينطفئ، وأن يكون الإنسان الأردني وحده، يرقد بلا حراك. وأن تصبح بلاده جريحة لا علاج لها. ولا إخوة له ولا أصدقاء.
لم ولن يفهموا أن الاستسلام لأيديولوجية أثبت الدهر أنها مقيتة غير وارد. وأن ورقة إصدار براءة ذمة أمام الرأي العام العربي، وإخراج القيادة الأردنية أنها إما عاجزة أو متجاهلة للأمة، احترقت وتجاوزها البشر والحجر.
يعتبرون اقتلاع الشعوب من أرضها تجليات سياسية، وهي جريمة. إنهم أغبياء، يحاربون اقتلاع الشعب في غزة، ويعملون عليه في الأردن!
أكتب بقلم سعودي، وضمير أردني. لذا يحق لي القول إنهم سقطوا في وحل التاريخ، ودونت قصصهم في أوراقه القذرة.
لن ينالوا من الأردن بخستهم وحملات التخريب.. ولن يخدعوا الأمة برغيف الخبز. قاتلهم الله.
0 تعليق