الهلال الإخباري

التحرر قرارك - الهلال الإخباري

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
التحرر قرارك - الهلال الإخباري, اليوم الأربعاء 12 فبراير 2025 02:43 مساءً

كم مرة وجدت نفسك أسيرا لفكرة أو ذكرى تؤلمك منذ سنوات طويلة؟ قد يكون سببها موقف مؤذٍ، أو ظلم وقع عليك، أو خيانة هزت ثقتك بالآخرين.

تمر السنوات، ويتغير كل شيء حولك، إلا ذلك الجرح العالق داخلك، لكنه ليس جرحا جسديا يلتئم مع مرور الزمن، بل هو ألم نفسي يعيد نفسه كأنك تعيشه يوميا، ويجدد فيك مشاعر الغضب والحقد التي قد تستهلكك دون أن تدرك.

الحقد شعور ثقيل، يكبل النفس ويقيّد الروح، ويجعل صاحبه سجين الماضي.

هو رغبة غير واعية في الإبقاء على الجرح حيا ظنا أن ذلك نوع من الدفاع عن النفس، أو استرداد للكرامة، أو حتى شكل من أشكال العدالة. لكنه في الواقع لا يؤذي إلا صاحبه. فمن يظل يحمل الحقد بداخله كمن يحمل جمرة مشتعلة بين يديه، ظنا منه أنه سيؤذي غيره، بينما الحقيقة أن النار لا تحرق إلا يديه.

مع ذلك، الحقد ليس مجرد شعور يُستهان به أو يُلام عليه صاحبه بسهولة. هو انعكاس لجرح عميق لم يجد مساحة للتعبير أو الشفاء. قد يكون غياب الاعتذار، أو إنكار الآخرين لما فعلوه، أو حتى شعور الشخص بالعجز وقت وقوع الأذى هو ما يجعله متمسكا بهذا الغضب. لكن المشكلة أن هذا التمسك يصبح مع الوقت عبئا لا يمكن التخلص منه إلا بقرار واعٍ وشجاع.

الوعي الذاتي هنا هو المفتاح. أن تسأل نفسك: ماذا جلب لي هذا الحقد خلال كل هذه السنوات؟ هل أعاد حقي؟ هل أصلح الماضي؟ أم أنه زاد من معاناتي وأبعدني عن الحاضر؟ إدراك أن الحقد يسرق منك اللحظة التي تعيشها، ويحولك إلى رهينة للماضي، هو الخطوة الأولى للتحرر. لأن التحرر الحقيقي لا يعني أن تنسى ما حدث أو تقلل من قيمته، بل أن تعترف به، ثم تتجاوزه بوعي ناضج.

أما على مستوى الوعي الاجتماعي، فإن استمرار الحقد لا يضر فقط بصاحبه، بل يفسد العلاقات ويؤثر على التفاعل مع الآخرين. قد تجد نفسك تُسقط غضبك على أشخاص لا ذنب لهم، أو تفقد الثقة في الجميع بسبب تجربة واحدة. كما أن تمسكك بهذا الشعور قد يدفع الآخرين للابتعاد عنك، إذ لا أحد يحب أن يكون حول شخص يعيش في حالة مستمرة من الاستياء والغضب.

لتجاوز هذه المشاعر، تحتاج إلى التصالح مع نفسك قبل أن تصالح الآخرين. التصالح ليس ضعفا، بل قوة تمنحك السلام الداخلي. قد لا يكون ذلك سهلا، ولكنه يستحق الجهد. عبر عن مشاعرك بالكتابة، أو التحدث مع شخص تثق به، أو حتى طلب مساعدة مختص.

ختاما، الغفران لا يعني التصالح مع من آذاك، بل يعني أن ترفض السماح له بالسيطرة على حياتك. الحياة أقصر من أن تُستهلك في حمل أثقال الماضي.

aziz33@

أخبار متعلقة :