نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
السعودية واستعادة بوصلة العرب - الهلال نيوز, اليوم السبت 1 فبراير 2025 03:05 مساءً
ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل حملت هذه الزيارة 6 دلالات مهمة، تعكس مكانة المملكة العربية السعودية الريادية في خارطة السياسية العالمية، أولها استمرار الدور السعودي القيادي في تحقيق الاستقرار الإقليمي والعمل على إيجاد حلول للأزمات العربية، وثانيها حرص الرياض على تعزيز العلاقات الثنائية مع دمشق، أما ثالثها فهو التزامها بدورها في إعادة بناء سوريا.
ويتمثل رابع تلك الدلالات في المضي قدما نحو الوصول إلى اتفاقات في الملفات الإقليمية المشتركة كعودة اللاجئين السوريين، ومكافحة الإرهاب، ومواجهة النفوذ الأجنبي في سوريا، أما الخامسة فهي العمل على تعزيز الدور العربي في الملف السوري، في حين تتجسد الأخيرة في إعادة بناء الثقة من خلال إيجاد أرضية مشتركة مع القيادة الجديدة لحل سياسي شامل للأزمة السورية بما يضمن وحدة واستقلال البلاد.
هذه الزيارة بما تحمله من رسائل ومضامين مهمة، تأتي في وقت طالبت فيه المملكة بأهمية استعجال المجتمع الدولي لإنهاء ملف العقوبات عن سوريا، وكشفت عن انخراطها في حوار مع الدول ذات الصلة لرفع العقوبات، فيما أكدت على لسان وزير خارجيتها أن هناك إشارات عديدة إيجابية تصب في مصلحة هذا الهدف.
كما أن الأمير فيصل بن فرحان أراد أن يؤكد علانية مصداقية الإدارة السورية الجديدة، وذلك خلال مشاركته في جلسة عامة على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي 2025 في دافوس، وهذا ينبع من تأكيداته على أن الإدارة السورية الجديدة تقول الأشياء الصحيحة في السر والعلن، وأنها منفتحة على العمل مع المجتمع الدولي للتحرك في الاتجاه الصحيح.
وهذا يعكس أمرين يتمثل أولهما في أن المملكة بثقلها تملك كل المقومات والمعطيات التي تدعمها للوقوف وراء الإدارة الجديدة بناء على واقع سوري حقيقي وصادق، له الرغبة في الانخراط مع المجتمع الدولي، أما الأمر الآخر فهو اهتمام السعودية بلملمة شتات الشارع السوري، من خلال إرسال رسائل للسوريين، لا سيما اللاجئين منهم في الخارج، بأن الوقت قد حان لعودتهم والعمل على بناء الدولة، بما يضمن استقرار وأمن سوريا ووحدة أراضيها.
ويؤكد ذلك التوجه السعودي الإنساني من خلال تقديم جميع أشكال العون والمساندة التي يعمل عليها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، لتستعيد البلاد دورها، وتعمل على تفعيل دور المؤسسات الوطنية، بما يتواكب مع تطلعات الشعب السوري.
إن الحديث عن زيارة الوفد السعودي لسوريا الجديدة، كما يسميها العالم بعد هروب بشار الأسد، يكاد يكون غير مكتمل، دون النظر للزيارة التي سبقتها إلى بيروت، بعد ابتعاد سعودي عن لبنان دام قرابة 15 عاما، بعد أن فقدت معنى الدولة على حساب تسيد مفهوم الميليشيا، التي كرسها حزب الله طوال العقد ونصف الماضي.
وفي تلك الأثناء تجلى الموقف العفوي الذي أبداه الرئيس اللبناني جوزيف عون خلال استقباله الأمير فيصل بن فرحان، عندما قال "أخيرا"، فيما أجابه الوزير السعودي بالكلمة نفسها "أخيرا"، وهذا يعكس معاني كبيرة وكثير، منها يخفي وراء أكمته ما يخفي، لكن ما يهمنا أن تلك المفردة العفوية كشفت عما بداخل شريحة كبرى من اللبنانيين، بعد أن مارست ميليشيا حزب الله أبشع أشكال الوصاية على لبنان.
وتسببت الميليشيا بخسارة لبنان دولة وشعبا، إقليمه العربي وحاضنته، واستبدلته بحاضنة وضعت البلاد والعباد لسنوات مضت على كف عفريت، كما هو حال سوريا التي عزلها بشار الأسد عن محيطها العربي، وحولها إلى محافظة إيرانية خالصة، لم تجنِ سوى القتل والخراب والدمار، وبنهاية الأمر فر مهزوما ومهزوزا إلى غير رجعة.
إن الشعبين السوري واللبناني هما ضحايا لأنظمة أقل ما يقال عنها دموية، تستخدم الشعارات الرنانة التي تستعطف بها الشعوب باسم الوطنية والقومية، وهي في الأصل مأجورة للخارج، ما جعل الشعوب قبل النخب السياسية تعيد التفكير مليا في التوجهات المعتدلة في المنطقة، وتوجه بوصلتها للحضن العربي الحقيقي، وأكبر دليل على ذلك حالة الفرح التي تعيشها شعوب البلدين بعودة الرياض، وهو ما يقطع الشك باليقين بأن المملكة العربية السعودية تُعد لدى الشعوب بمثابة الملجأ العادل الذي لا يمكن الاستغناء عنه.
كيف لا، وهي التي وضعت الإنسان في تلك الدول، أولا وقبل كل شيء، ولم تتخلَّ عنه، رغم رميها بسهام مسمومة اعتاد البعض على توجيهها ضدها، إلا أنها وكعادتها تتجاوز تلك الممارسات البغيضة، وترفض خذلان الشعوب العربية، فها هي الرياض تأخذ زمام المبادرة في التعامل مع القضايا العربية دون الاعتماد فقط على العمل مع القوى الدولية، وتسعى من خلال دورها القيادي إلى تحقيق الاستقرار الإقليمي والعمل على إيجاد حلول للأزمات العربية بما يخدم الشعوب ومصالح المنطقة.
أخبار متعلقة :