نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
عبادة الجيرة - الهلال الإخباري, اليوم الأربعاء 5 فبراير 2025 05:00 مساءً
ثقافة الجيرة وفلسفة الجوار لن يدركها سوى ذلك المستشعر للمعنى الحقيقي لعبادة الجيرة؛ نعم هي من أعظم العبادات التي فرضها رب العباد على العباد لنتعامل من خلالها بالسلوكيات اللفظية بانتقاء أجمل الكلمات والعبارات، والفعلية بتقديم أرقى الهدايا والعطايا، والإيمائية بالابتسام والاحترام؛ وهذا يعني أن يكون التقارب في الشعور أقوى من التقارب في الصخور، وهي دلالة مجازية رمزية بأن يشعر الجار بجاره يتفقده باستمرار أكثر من كونه التصاق الجدار بالجدار.
الكثير يعلمون ظاهرا من الحديث النبوي الشريف "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه"؛ ولكن القليل يعرفون باطن الحديث من خفايا لا يتلمسها سوى ذلك المؤمن الحق الذي يستحضر ما وراء عبادة الجيرة التي استحضرها سيد الأخلاق عليه الصلاة والسلام بظنه أن التكرار والإصرار الموصى من جبريل عليه السلام سيعقبه وحي يضمن حق الميراث للجار من جاره، وهذا هو حسن الظن المعنوي لعلاقة الجيرة.
في سورة النساء الآية 36 قال تعالى "واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب"؛ نستدل من سياق الآية الكريمة أن الله جل وعلا قرن عبادته وعدم الإشراك به والإحسان بالوالدين والقرابة واليتامى والمساكين بعلاقة الإحسان للجار القريب والبعيد بالحيز نفسه العمراني الواحد، وهذا أسمى معاني التجسيد القرآني المتسلسل في الأجور الربانية للتعاملات الإنسانية.
قال صل الله عليه وسلم "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره" وكان يستعيذ في دعائه من جار السوء؛ فأين نحن من هذا الإيمان؟ هنالك من الجيران من يتشاتم ويتقاتل ويشتكي بعضه بعضا في أقسام الشرطة، وهنالك من يتعدى أخلاقيا على كرامة جاره بالظلم والعدوان، وهنالك من لا تؤتمن بوائقه على عورات جاره ومحارمه؛ فأين نحن من الإسلام كسلوكيات وممارسات تجسد المعنى الحقيقي للدين المعاملة.
هذه الشواهد القرآنية والنبوية تعكس ثلاثة مفاهيم عظيمة يجب استدراكها في ممارسات الجيرة اليومية:
- المفهوم الديني بالانصياع للتكليف الشرعي للأمر القرآني النبوي للاهتمام بعلاقة الجيرة.
- المفهوم النفسي وذلك بتحقيق الأمان بين الجيران والراحة بوجود السند والعضد.
- المفهوم المجتمعي لسد الاحتياجات التبادلية وتقفي أثر الجار وستر عيوبه وإطعامه، وهو أساس الدين، وفي الحديث "ليس المؤمن بالذي يشبع وجاره جائع إلى جنبَيه".
قال عليه الصلاة والسلام "أول خصمين يوم القيامة جاران"؛ فهل نحن منتهون واعون ندرك معنى ثقافة الجيرة وفلسفة الجوار؟
Yos123Omar@
أخبار متعلقة :