نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مناكفات لا تستفز الإبداع! - الهلال الإخباري, اليوم الثلاثاء 11 مارس 2025 12:28 صباحاً
في لحظات ما، شكك هيوم في السببية، وأن العلاقة بين السبب والنتيجة ليست ضرورية، وهذا أيقظ الفيلسوف الألماني كانط. فزع الأخير من سباته الدوغمائي وهو الذي لم يفزعه شيء فقد كانت مدينة كونيغسبرغ أو كالينينغراد حاليا تضبط ساعتها على موعد نزهته اليومية، الذي كان يعتقد بأنه بإمكان العقل تفسير كل شيء، وأثمر هذا السجال الفكري لكانط عن إنتاج كتابه نقد العقل الخالص. هذه هي المناكفة التي تستحق أن ندعو لها بالاستمرار!
أما لايبنتز ولوك، فقد كانا كقطبي مغناطيسٍ متنافرين. لايبنتز، الفيلسوف الألماني الموسوعي، ولوك، الفيلسوف الإنجليزي العملي، فقد لفتت هذه المناكفة نظر العالم أكثر نحو لوك وجذبت أنظار العالم أيضا نحو لايبنتز، خاصة عندما رد لوك عليه تعريضا قائلا «إننا نعيش مرتاحين جدا في جوار السادة الألمان، وسبب ذلك أنهم لا يعرفون ما نكتب، ونحن لا نقرأ ما يكتبون.» هذه الدبلوماسية الفظة والتعريض المقلق أنتجا كتاب مقالات جديدة في الفهم الإنساني.
لكن مناكفاتنا في الساحة الثقافية مختلفة، ولا تدور حول السببية، ولا الفلسفة التجريبية، ولا حتى تتطلع إلى مناكفاتٍ مثل مناكفات جان جاك روسو أو فولتير مع خصومهم، ولا تنتج إلا نارا خفيضة مثل لهب السعف «ما أسرع ما تلتهب، ما أسرع ما ترتفع، ما أسرع ما تكون محتوى، ما أقل الفائدة فيها، وما أسرع ما تموت أيضا لتترك رمادا مضحكا مثل الغاز الذي يسبب الضحك».
جاءت المقدمات لهذه المناكفات: هل قرأتَ لـ أسامة المسلم أم لا؟ هل هو روائي أصلا أم لا؟ هل اطلعتَ على كتب أسامة المسلم أم لا؟ ما نوعية جمهور أسامة المسلم؟ مقارنة أسامة المسلم بعبده خال وأميمة الخميس وبدرية البشر! وهل بدرية البشر وعبده خال وأميمة الخميس بمستوى نجيب محفوظ؟ ليرد الآخر: قرأتُ رواية كاملة لأسامة المسلم! لقد أنصفتُ أسامة المسلم، وأخيرا «بلغوا الدكتور عني، فقد لا يرى ما كتبت لأنه قد حظرني!»
هذه هي مخرجات هذه الحوارات الفكرية الأخيرة، ويمكن أن تكون المخرجات أكثر جمالية، مثلا: نقد الأدب الجديد، اتجاهاته، هل ثمة مدرسة ناتجة عنه، جمهور الأدب الجديد، ولغة هذا الأدب أهي سقوط أم بداية طلائعه؟ على الأقل، بالنسبة للساخرين المناكفين المصطادين بالماء العكر يقترحون دراسة عنوانها: النقد الأدبي الساخر، كيف تنقد كاتبا دون أن تقرأ أعماله؟ أو كيف تجعل خصمك يقرأ تغريداتك حتى لو كان محظورا!
ويمكن أن نخرج بعناوين أخرى مثل «لا تتحدث إلا عندما تقرأ»، و»رواية واحدة لا تكفي للأحكام»، و»لا تقف مع روائي مناكفة لناقد»، و»عندما تقول شيئا، اجعله يصل دون أن تطلب إيصاله»، والحياة تكون أكثر حلاوة عندما يكون الاستفزاز محفزا للإبداع بدلا من أن يكون محرضا لصناعة محتوى لمن لا محتوى له في مواقع التواصل الاجتماعي.
أخبار متعلقة :