عندما يتحول البرّ إلى دين! - الهلال الإخباري

في زمن تتشابك فيه القيم بالمصالح، وتذوب فيه الفطرة السليمة في جليد الجحود، نجد أنفسنا أمام مشهد يثير الدهشة والأسى، لا تستطيع الروح أن تتقبله، ولا المنطق أن يستسيغه.

ابنٌ يطالب بميراث ليس بميراث، بل بفاتورة حساب أقسم أن والده مدين بها له! فتخيلوا المشهد: ابن ينصب نفسه دائنا، وأب راحل يعامل كمدين، وفواتير نفض عنها غبار أربعة عقود ترفع في وجه الموتى وكأنها صكوك ملكية للرحمة!

أي قلب هذا الذي ينبض بالجمود بدلا من الرحمة؟ أي روح تلك التي تحمل بين أضلعها مدونة حسابات بدلا من الذكرى الطيبة؟

لقد جبلت الفطرة الإنسانية على البر بالوالدين، وجبلت النفوس السوية على رد الجميل بالدعاء لا بالمطالبات، وعلى حفظ المعروف بالشكر لا بالحسابات.

فهل أصبح الأب دينا يجب تسديده؟ وهل صار العمر الذي أفناه في تربية أبنائه مجرد استثمار يبحث عن عوائد؟

في المملكة، حيث العدالة تنصف المظلوم، وحيث الأنظمة الحديثة تيسر الحقوق وتضع حدا للعبث بالميراث، لا يمكن لمثل هذه النماذج أن تشوه وجه الحقيقة.

فالأمر هنا ليس مسألة قانونية بقدر ما هو سقوط أخلاقي مروع، يدق ناقوس الخطر: هل تحول بعض الأبناء إلى وحوش ترتدي ثوب الورثة؟!

لا شيء أفظع من أن يقف الأبناء على قبر أبيهم، لا ليبكوه، بل ليطالبوه بالفواتير!

Idrees2030E@