الهلال الإخباري

الشيخ عبد الله بن دريويش: سيرة رجل لا تنسى - الهلال الإخباري

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الشيخ عبد الله بن دريويش: سيرة رجل لا تنسى - الهلال الإخباري, اليوم الخميس 19 يونيو 2025 12:19 صباحاً

في زمن تكثر فيه الأسماء وتقل فيه المواقف، يرحل عنا رجال خلقوا ليكونوا علامات فارقة في مجتمعاتهم، لا يُعرفون بكثرة ظهورهم، بل بعِظم أفعالهم. ومن هؤلاء الأفذاذ، الشيخ عبد الله بن دريويش - رحمه الله - الشيخ الجليل، وأحد أعلام المملكة العربية السعودية، وابن قبيلة بالحارث الكريمة.

رجل بحجم وطن
لا نزكي على الله أحدا، ولكننا نشهد بما رأيناه ولمسناه من هذا الرجل الصالح. فكم من موقف وقفه، وكم من مظلوم نصره، وكم من محتاج سدّ حاجته، دون أن يسعى لشهرة أو يُطلب منه شكر. لم تكن الأضواء تستهويه، بل كان يُضيء حياة من حوله بالفعل الصامت، والعمل المتقن، والبذل الهادئ.

لقد عُرف الشيخ عبد الله بمواقفه الوطنية الرفيعة، وحرصه على لحمة المجتمع، وسعيه الدائم في إصلاح ذات البين، ومناصرته لكل ما فيه خير للوطن وأبنائه، سواء من داخل القبيلة أو خارجها. كان نموذجًا يُحتذى في الحكمة والرزانة، وعَلمًا من أعلام العطاء الخفي الذي لا يُنتظر منه مقابل.

صفات لا تُحصى

  • شيخ حكيم لا يساوم على مبادئه.
  • صاحب أيادٍ بيضاء في أعمال الخير، من دون إعلان أو ضجيج.
  • حاضر القلب، سريع في النصرة، كريم في الدعم.
  • وفي لأهله وقبيلته، لكن ولاءه الأسمى دائما كان لله ثم للوطن.
  • شديد العزم، لا يعرف التراخي في مواقف الحق، وسريع الغضب إذا رأى إساءة للكبار أو تعديًا على الآخرين بالكلام أو التصرف.
  • لا يقبل الظلم أو الاضطهاد، وكان يقف وقفة صارمة لا تقبل التفاوض في نصرة المظلوم، وكأن عدالة السماء تمشي على الأرض من خلاله.
  • من أعظم خصاله السعي في عتق الرقاب، والمساهمة في فك الكرب، وإصلاح ذات البين، والتستر على الناس، وتفريج همومهم.
  • سعى في أعمال خير كبيرة مثل الزواج الجماعي، وكانت آخر مساهماته المشاركة في عتق رقبة عيد الحنيشي، في موقف نبيل لا يُستهان به، يدل على سموّ خلقه وحرصه على الخير.
  • رجل عظيم، لا يقبل إهانة الآخرين، لبقٌ في حديثه، مؤدب في سلوكه، كريم كرما حاتميا، وبيته لا يخلو من الضيوف صباح مساء، ليلا ونهارا، يفتح بابه لكل من قصده دون تردد.
موقف شخصي لا يُنسى
أكتب هذه السطور وأنا أسترجع موقفا شخصيا عميق الأثر لا يعرفه أحد. في إحدى السنوات، فقدت زوجتي وابنتي في حادث أليم. لم يكن بيني وبين الشيخ عبد الله أي معرفة شخصية، ولا تربطني به علاقة مباشرة. لكنه، حين علم بما حدث، لم يتردد. اتصل بي بنفسه، وقدم واجب العزاء، وواساني بكلمات صادقة صادرة من قلب رجل يعرف معنى المواساة، ويدرك أن اللحظات الصعبة لا تُقاس بصلات الدم فقط، بل بالرحمة والإنسانية والانتماء.

كان هذا الموقف من أكثر ما ترك أثرا لا يُمحى في نفسي، وغرست في داخلي احتراما لا ينتهي لهذا الرجل، الذي لم يكن محتاجا لأن يفعل، لكنه فعل لأنه من معدن لا يتكرر.

رحيله فاجعة، لكن أثره باقٍ
رحل الشيخ عبد الله بن دريويش، لكن الرجال أمثاله لا يموتون في قلوب من عرفهم. ترك خلفه إرثا من السيرة الطيبة، والذكر الحسن، والدروس العملية في كيف يكون الإنسان نافعا لدينه، ولوطنه، ولمن حوله.

رحمك الله يا أبا محمد، وجعل قبرك روضة من رياض الجنة، ورفع درجتك في عليين، ونسأل الله أن يجزيك عنا، وعن أبناء قبيلتك، وعن وطنك، خير الجزاء.
"الناس شهود الله في أرضه"، وإننا اليوم نشهد بأنك كنت من أهل الخير، وأنك غادرت هذه الدنيا وقد خلّفت فينا درسا عظيما في معنى الإنسانية والنُبل.

أخبار متعلقة :