نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بين الانقلابات والإصلاحات.. بابانجيدا وكواليس الحكم في نيجيريا - الهلال الإخباري, اليوم السبت 8 مارس 2025 10:18 مساءً
يعد كتاب «رحلة في الخدمة» السيرة الذاتية للرئيس النيجيري الأسبق إبراهيم باداماسي بابانجيدا، عملاً يسلّط الضوء على تفاصيل حياته الشخصية والعسكرية والسياسية، منذ طفولته في مدينة مينا وحتى قيادته لنيجيريا خلال فترة شهدت تحولات كبيرة في تاريخ البلاد.
يتناول الكتاب الصادر في فبراير/شباط 2025 تجاربه في الجيش، ووصوله إلى الحكم، وقراراته المثيرة للجدل، والانعكاسات السياسية التي تركتها فترة حكمه، مقدماً رؤيته الخاصة حول أهم الأحداث التي مرّت بها نيجيريا بين عامي 1985 و1993.
يركز بابانجيدا في كتابه على جوانب مختلفة من حياته، بدءاً من طفولته وتعليمه الأولي، حيث فقد والديه في سن مبكرة، وتأثره بمعلمه با أونيمولي، الذي زرع فيه الإلهام للانضمام إلى الجيش. كما يروي تفاصيل مهمة حول نشأته العسكرية، وتأثير ياكوبو غاوون، الذي أصبح لاحقاً رئيساً للدولة، في مسيرته المهنية. ومن المحطات المهمة التي يتطرق إليها الكتاب، قراره بإضافة «بابانجيدا» إلى اسمه لتجنب أي التباس عرقي، وهو أمر يعكس الأبعاد المعقدة للهوية في نيجيريا.
يغوص الكتاب في الدور الذي لعبه بابانجيدا خلال الحرب الأهلية النيجيرية، حيث كاد يفقد حياته جراء إصابة خطرة، ما شكّل نقطة تحول في حياته الشخصية والمهنية. كما يستعرض زواجه من مريم بابانجيدا، التي برزت كواحدة من أبرز السيدات في تاريخ نيجيريا، لدورها الرائد في تعزيز قضــايا المرأة، خصوصاً في المناطق الريفية.
يخصص بابانجيدا قسماً مهماً من مذكراته للحديث عن مشاركته في سلسلة من الانقلابات العسكرية، حيث كان جزءاً من الإطاحة بـياكوبو غاوون عام 1975، ثم شارك في إسقاط الرئيس محمد بخاري عام 1983، قبل أن يتولى بنفسه السلطة عام 1985. ويستعرض الكتاب اللحظات الحاسمة التي عاشها، بما في ذلك تصديه للانقلاب الذي قاده بوكا سوكا ديمكا عام 1976 أثناء اغتيال الرئيس مرتلا محمد، فضلاً عن قرار إعادة الاعتبار العسكري لغاوون عندما أصبح رئيساً.
ومن أكثر الجوانب المثيرة للجدل التي يعالجها الكتاب قضية اغتيال الصحفي ديلي جوا عام 1986 باستخدام قنبلة بريدية، وإعدام صديقه المقرب مامان فاتسا بتهمة التآمر على الانقلاب، إضافة إلى التصدي لانقلاب غيديون أوركار عام 1990.
إلا أن الحدث الأكثر تأثيراً الذي يناقشه بابانجيدا هو إلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية في 12 يونيو/حزيران 1993، والتي فاز بها موسهود كاشيموو أبيولا. وللمرة الأولى، يعترف بابانجيدا في كتابه بأن أبيولا كان الفائز الشرعي، معرباً عن ندمه على قراره، قائلاً: «لو أتيحت لي الفرصة لفعلت الأمور بشكل مختلف»، وهو اعتراف نادر يسلّط الضوء على لحظة تاريخية لا تزال تثير الجدل في نيجيريا.
على الرغم من هذا الاعتراف، فإن بابانجيدا يدافع عن سياساته الاقتصادية، بما في ذلك برنامج التكيف الهيكلي الذي أطلقه عام 1986، والذي كان يهدف إلى تحرير الاقتصاد النيجيري، لكنه واجه انتقادات حادة بسبب تأثيره السلبي في الفئات الفقيرة. كما يناقش الكتاب صورة بابانجيدا المتناقضة في التاريخ النيجيري، إذ يُعرف لدى بعضهم بمهاراته السياسية ولقبه «مارادونا»، بينما يعتبره آخرون شخصية «العبقري الشرير» نظراً لطريقته في إدارة الحكم والتعامل مع القوى السياسية المختلفة.
يمثل هذا الكتاب أول شهادة تفصيلية من بابانجيدا منذ مغادرته السلطة، مقدماً رؤيته للأحداث الكبرى التي شكلت تاريخ نيجيريا الحديث. وبينما يسعى الكتاب إلى وضع قراراته في سياقها التاريخي، إلا أنه لا يزيل الغموض عن الجدل المستمر حول إرثه السياسي، ما يجعله مصدراً قيماً لفهم حقبة مهمة من التاريخ النيجيري.
0 تعليق