معلمون يكابدون الحياة بأجور متدنية - الهلال الإخباري

الخليج 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
معلمون يكابدون الحياة بأجور متدنية - الهلال الإخباري, اليوم الأحد 13 أبريل 2025 11:21 مساءً

تحقيق: أمير السني

لا يزال كثير من معلمي المدارس الخاصة يعانون تدنّي الأجور وأحوال العمل الصعبة، في مفارقة صارخة بين حجم المسؤولية الملقاة على عواتقهم، وما يتقاضونه من مقابل مادي، وعلى الرغم من الدور المحوري للمعلم في بناء الأجيال وتشكيل مستقبل المجتمعات، فإن الكثير من المعلمين، يعانون ما يسد حاجتهم وحاجات أسرهم من اجل أداء دورهم الرسالي.
ودعا تربويون إلى إعادة النظر في الرواتب المتدنية للمعلمين في المدارس الخاصة، وألاّ تنظر على أنها مؤسسات ذات طابع ربحي فقط، والاستثمار الحقيقي في التعليم ليس في المباني أو التسويق الفاخر، بل يبدأ من المعلم المؤهل والمحفّز، الذي يشعر بالأمان الوظيفي والتقدير المادي والمعنوي.
رصدت «الخليج» تفاوت رواتب المعلمين في القطاع الخاص، ووجدت أن هنالك معلمين لا تتجاوز رواتبهم 4000 درهم، فيما أقر معلمون حصولهم على رواتب تصل 5000 درهم فقط، وقد تصل رواتب معلمين في المدارس الخاصة ذات المنهاج الأجنبي إلى 15 ألف درهم. ويشكو كثير من المعلمين بأن معيار الخبرة قد لا يكون محل اهتمام لدى مدارس خاصة، فيما يؤكد آخرون يعانون ازدياد عدد أفراد أسرتهم ولديهم 4 إلى 5 طلاب في المراحل الدراسية المختلفة ومنهم في الجامعات، لجوءهم إلى الدروس الخصوصية لتغطية نفقاتهم.
متطلبات
أكد عدد من المرشدين الأكاديميين: فاطمة ربيع، وداليا المطبعجي، وسامي كساب، وأسعد الطويل، أن الرواتب التي يتقاضونها لا توازي حجم الجهد المبذول ولا متطلبات المعيشة اليومية، من إيجار البيت وفواتير الكهرباء والإنترنت، ناهيك بالطعام والمواصلات. وأوضحوا أنهم يؤدون مهام متعددة تتجاوز نطاق التدريس، مثل الإشراف، وتنظيم الأنشطة، أو حتى الأعمال الإدارية، وهي تزيد الضغوط النفسية، مقارنة بالرواتب. وفي كثير من الحالات، لا يتمتع المعلمون في المدارس الخاصة بأي تأمين صحي.
وأشاروا إلى أن المعلم المرهق مالياً ونفسياً لا يمكن أن يُعطي بأقصى طاقته، مهما بلغ من الإخلاص، ففي كل صباح، يدخل المعلم إلى فصله بابتسامة مرهقة، يخفي خلفها أعباء ثقيلة لا يعلم عنها طلابه شيئاً، يشرح الدروس، ويكتب على السبورة، ويتفاعل، ويُقيّم، لكنه في داخله منشغل بهموم أخرى تتعلق في تدبير الحياة اليومية للأسرة.
وقالوا إن بعض المدارس الخاصة غالباً ما يكون آخر تفكيرها تحسين وضعه، على الرغم من أن المعلم أساس العملية التعليمية، وهذا التناقض بين الدور المحوري للمعلم، وواقعه المالي الصعب، يخلق حالة من الإحباط والضغط النفسي، التي تدفع كثراً للبحث عن العمل الإضافي والدروس الخصوصية.
وأضافوا أن جودة الراتب المناسب والحوافز الحقيقية هي التي تشجعهم على منح الطلبة أقصى ما لديهم من معرفة. وهناك طرائق وأساليب كثيرة لا بد من اتباعها في إطار التحفيز التعليمي، خاصة أن المعلم ليس سلعة تخضع للعرض والطلب.
تأثيرات
أوضح التربوي إلياس إبراهيم، أن المعلمين لا ينقصهم الإخلاص، ولا تقل رغبتهم في العطاء عن أي مهنة نبيلة، لكنهم بشر في نهاية المطاف، يعيشون في عالم تزداد فيه تكاليف الحياة يوماً بعد يوم، فيما تبقى رواتبهم جامدة، غير منصفة، وأحياناً مجحفة.
وقال إن المعلم يواجه ضغوطاً حياتية كبيرة بسبب تدني الراتب وضعف التدريب، ما يعيق تطويره. مؤكداً أن الواقع الذي نعيشه بحاجة إلى وقفة جادة وإعادة نظر خاصة في المردود المادي الذي لا يرقى بالناحيتين المعنوية والمعيشية للمعلم.
وأضاف أن معلمي المدارس الخاصة يكابدون الحياة، لتوفير لقمة العيش وسط الارتفاعات المتتالية في الأسعار التي عمت كل مستلزمات الحياة، وفرضت على المدرس الذي يعمل في مدرسة خاصة ضرورة البحث عن مصادر رزق أخرى. لأن الضغط الذي يتعرض له في عمله، كبير بالزيادة الكبيرة في نصاب الحصص.
وأكد أن ما يحتاج إليه معلمو المدارس الخاصة، تطوير البيئة الإدارية والتدريسية التي تعتمد مباشرة على غرس الثقة الحقيقية في نفوس المديرين والموظفين وإبراز تميزهم، بدعمهم المادي والمعنوي، وخلق روح التنافس الشريف بين أقسام وإدارات العمل، للحصول في النهاية على أفضل النتائج المتوقعة.
وقال إن المعلم ليس مجرد ناقل للمعلومة، بل صانع للوعي، ومهندس لبناء المجتمع، فمن المعيب أن يُعامل صاحب أقدس مهنة على أنه موظف يمكن الاستغناء عنه بسهولة. كما أنه ليس آلة تُنتج المعرفة، بل إنسان يحتاج إلى الدعم، والعرفان، وبيئة تحترم جهده. وإن لم نتدارك أوضاعه المادية والنفسية، فإننا نخسر جودة التعليم من جذورها.
أعباء
أكدت التربوية نجاح صفي الدين، أن المدرّس الذي يشعر بالراحة المادية والنفسية ناجح قادر على تنشئة جيل ناجح من الطلبة أيضاً.
وقالت إن ضعف الرواتب يدفع بالمعلمين إلى الاهتمام بالدروس الخصوصية على حساب الحصة الرسمية، ما يؤثر في مجمل التحصيل داخل الفصل، ويخلف تميزاً بين الطلبة الذين يتلقون دروساً خصوصية والذين تمنعهم إمكانات ذويهم المادية من ذلك. وأوضحت أنه وسط موجات الغلاء المعيشي المتصاعد والارتفاع في رسوم الدراسة والعلاج وغيرها من مستلزمات الحياة، بات المعلمون العاملون في التعليم الخاص محاصرين بالهموم وزيادة الأعباء، عاجزين عن مواجهة التحديات الكبيرة التي فرضها هذا الواقع الصعب، في ظل ضآلة الرواتب التي تتقاضاها الشريحة الأكبر منهم، ولا تتجاوز ألفي درهم شاملة كل البدلات.
وقارنت بين تفاوت أوضاع المعلمين في المدارس الحكومية والمدارس الخاصة، فبينما لا تزداد الحصص الأسبوعية للمدرسين على 14 أسبوعياً يتجاوز ذلك عند المعلم الذي يدرس للمرحلة نفسها في بعض المدارس الخاصة وتصل مرحلة الضعف، وقد يتحمل مدرس آخر أعباء النصاب نفسه موزعاً على فروع المادة الواحدة، وعلى أكثر من مرحلة دراسية، ما يتسبب في إرهاق المعلم الذي يتعين أن يحضّر الدرس في أكثر من مادة لمرحلتين أو ثلاث مراحل دراسية ليوم دراسي واحد.
مسؤوليات
قال التربوي عبد المحسن راضي: إن كثيراً من المدرسين يقبلون برواتب متدنية نوعاً ما، تحت أوضاع الحاجة الملحّة أو تدنّي مستواهم التدريسي أو عدم إلمامهم بالمنهاج الذي يدرسونه، ما يؤدي إلى ظهور مشكلات أخرى مثل انتقال المعلمين السريع بين المدارس وخلوّ المدارس من المعلمين في أوقات حرجة.
وأضاف أن الرواتب المتدنية إجحاف بحق المعلمين، ولها أثر بالغ في عرقلة عجلة التعليم، حيث يضطر كثر إلى اللجوء إلى إعطاء دروس خصوصية لسد احتياجاتهم المالية، خاصة أنه لا يتناسب حالياً مع غلاء المعيشة والزيادة في أسعار السلع والتزامات الحياة.
وطالب المدارس الخاصة بتحمل مسؤولياتها والعمل للحفاظ على كادرها التعليمي الكفء بما يضمن استقرار العملية التعليمية للطلاب أهمية الاهتمام بالمعلم.
وشرح أن كثيراً من المدارس الخاصة تشهد هجرة لمعلميها الأكفاء أخيراً، إلى مدارس أخرى تعطي رواتب أعلى، الأمر الذي يتزامن مع ندرتهم في السوق، وصعوبة استقطابهم، خصوصاً في التخصصات الأساسية.
«بطاقة المعلم» توفر خصومات نوعية

أطلقت هيئة الشارقة للتعليم الخاص «بطاقة المعلم» التي توفر مزايا وعروضاً وخصومات وخدمات نوعية من شأنها تعزيز قدراته وخبراته، وصولاً به إلى مرحلة التميز وتأمين بيئة تعليمية ذات جودة عالية في إمارة الشارقة، وذلك إدراكا منها بأن المعلم ركيزة مجتمع.

وشملت «بطاقة المعلم» خصم التأمين الصحي والبرامج التدريبية والأكاديمية والمواد الغذائية وخصم باقات الإنترنت وتسهيلات في المعاملات الحكومية.

وتأتي إطلاق الخدمات التي أطلقتها الهيئة ضمن مبادرة «قُم للمعلم» التي تهدف إلى الارتقاء بجودة وكفاءة منظومة التعليم الخاص في الإمارة، ودعم البيئة التعليمية المحفزة للإبداع والابتكار، وتعزيز مكانة المعلم، وتقدير جهوده في بناء جيل واعٍ ومُبدع، بتقديم مزايا وخدمات تسهم في تحسين الحياة للكوادر التعليمية في المدارس الخاصة، كما تعكس رؤية الهيئة في دعم وتمكين المعلمين عبر شراكات استراتيجية مع الجهات الحكومية والخاصة وعقد اتفاقيات عمل، ما يتيح للمعلمين الاستفادة من مزايا متعددة.

انعكاس سلبي

رأى التربوي عبد المحسن راضي: أن تدني راتب المعلم، يشكل تحدياً كبيراً ينعكس سلباً على أموره الحياتية، ويعد معوقاً أساسياً أمام تطويره المهني. وأوضح أن واقع رواتب بعض المعلمين العاملين في مدارس خاصة بالدولة، يحتاج فعلياً إلى إعادة النظر من قبل الجهات المختصة في وزارة التربية والتعليم للارتقاء بالمعلمين معيشياً ومعنوياً، وبالتالي تحقيق استقراهم الأسري.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق