26 يناير 1952 «3-3» - الهلال الإخباري

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
26 يناير 1952 «3-3» - الهلال الإخباري, اليوم الخميس 6 فبراير 2025 09:33 مساءً

مَنْ حرق القاهرة فى ٢٦ يناير؟ ما زال هذا السؤال يتردد منذ عام ١٩٥٢ وحتى الآن، دون إجابة دقيقة ومحددة، على الرغم من الإفراج عن العديد من الوثائق السرية، وأيضًا صدور العديد من الدراسات التاريخية حول هذا الحادث المثير والغامض.

حاول البعض تطبيق قاعدة أن «الجانى» هو المستفيد دائمًا من الجريمة، وهذا هو المنحى الذى ذهبت إليه معظم الدراسات المصرية، لا سيما كتابات محمد أنيس وأحمد حمروش وغيرهما. وهو ما نراه أيضًا فى المعالجة السينمائية لهذا الحدث، لا سيما من خلال أفلام «رد قلبى» و«الله معنا» و«الباب المفتوح» و«شروق وغروب»؛ إذ وُجه الاتهام إلى «السراى» الملك وأيضًا الإنجليز. وكان المبرر أن الملك فاروق كان قد وصل إلى حال نيرون الذى أحرق روما، وأن إنجلترا كان من صالحها تدبير هذا الحادث لكبح جماح الحركة الوطنية، وأيضًا إقالة حكومة الوفد.

لكن الوثائق على اختلاف مصادرها وتوجهاتها، فضلًا عن الدراسات الحديثة، تتحفظ كثيرًا حول الاتهام السابق، بل وتكاد تبرئ الملك والسراى؛ إذ توضح أن السراى فى ذلك الوقت كانت أضعف من أن تقوم بمثل هذا العمل، وأن الملك فقد مصادر قوته، حتى الحرس الحديدى الذى شكّله من قبل، كان قد تم اختراقه، حتى من الضباط الأحرار، بل وتلاشت قوته. ومع ذلك تشير المصادر السابقة إلى أنه ربما استثمر القصر هول الحادث فى سرعة إقالة عدوه اللدود «حكومة الوفد».

أما بالنسبة لإنجلترا، التى انحصر وجودها آنذاك فى قاعدة السويس، فإن المصادر السابقة تكاد تنفى عن الإنجليز شبهة القيام بمثل هذا الحادث، وترى أنه لم يكن هذا الأمر فى صالح إنجلترا آنذاك، وأن إنجلترا كان يهمها عدم تصاعد الأمور فى مصر، خوفًا على وجودها، وخشية من ازدياد صعود القوى الفاشية والمتطرفة، بل والشيوعية فى مصر. كما أن المبانى والمؤسسات التى تم حرقها، كانت مؤسسات أجنبية، وإنجليزية على وجه الخصوص. ولم توجه أى دولة أجنبية، أو حتى الوثائق الأجنبية المختلفة أصابع الاتهام إلى السلطات الإنجليزية.

وتكاد المصادر السابقة تجمع على حدوث أمرين مهمين وخطيرين فى أحداث حريق القاهرة، أولهما وهى أحداث جماهيرية عفوية، نتيجة تصاعد الحركة الوطنية المصرية، والحادث المؤسف فى ٢٥ يناير، والمواجهة بين الشرطة المصرية والقوات البريطانية، وما تبعه من إضراب جنود الشرطة فى القاهرة فى اليوم التالى، وخروج مظاهرات سلمية فى مجملها. والأمر الثانى والأخطر هو وجود خطة منظمة سابقة على الأحداث، للقيام بأعمال تخريب وشغب فى وسط القاهرة، وأن هذه العناصر المتطرفة استغلت تصاعد الأحداث لتنفيذ هذه الخطة.

هنا تشير المصادر السابقة إلى أن عدم التنسيق بين وزارتى الداخلية والحربية ساعد بشدة على عدم مواجهة تصاعد الأحداث، والوقوف أمام الخطة المنظمة السابق الإشارة إليها.

كما تشير هذه المصادر إلى فرضية مهمة وخطيرة وهى فرضية أنه ربما قامت أكثر من جهة داخلية وخارجية فى تنظيم ما حدث فى القاهرة، وأن هذا الأمر ربما هو السبب الرئيسى فى عدم القدرة على توجيه أصابع الاتهام لجهة محددة. وبالقطع تؤكد هذه المصادر اشتراك جماعة أحمد حسين الفاشية فى هذه الأحداث، ولكنها ترى أن الاشتراك كان بشكل أفراد، وأنه لم يتم الكشف عن أوامر علوية. والشىء نفسه يُوجه لجماعة الإخوان المسلمين؛ إذ ترى هذه المصادر أنه مثلما كان الحال مع جماعة أحمد حسين، لم يتم التوصل إلى أدلة على وجود أوامر من جماعة الإخوان بالقيام بذلك، لكن من الثابت اشتراك أفراد من الإخوان فى القيام بأعمال التخريب. وكذلك الأمر فى اشتراك جماعات اشتراكية متطرفة فى الأمر، ولكن بشكل فردى. والأكثر من ذلك الإشارة إلى اشتراك عناصر من الضباط الأحرار فى الأحداث، وهو ما تم بالفعل، لكن أحمد حمروش يرى أن الضابط المذكور كان من الضباط الأحرار، لكنه أكثر ميلًا إلى جماعة أحمد حسين. وتذكر المصادر السابقة أن الحرائق الكبرى تمت بأسلوب محترف وباستخدام بودرة خاصة شديدة الاشتعال لا تتوفر إلا لدى جهات عسكرية معينة، بالإضافة إلى أن القاهرة آنذاك كانت ساحة شد وجذب بين مختلف أجهزة المخابرات العالمية لا سيما الأمريكية والسوفيتية!

الأمر المؤكد أن حريق القاهرة كان بمثابة إعلان سقوط نظام، والتمهيد لنظام جديد.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق