نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
«إلغاء الإمسات» يعيد تشكيل خريطة القبول الجامعي - الهلال الإخباري, اليوم الاثنين 5 مايو 2025 01:36 صباحاً
تحقيق: محمد نعمان - ريد السويدي:
تسير الجامعات الإماراتية نحو مزيد من المرونة في أنظمة القبول، خاصة بعد إلغاء اختبار «الإمسات»، وبدء سريانه هذا العام، وهو ما شكّل نقطة تحوّل في آليات التقديم للمرحلة الجامعية، واعتبر خبراء وأكاديميون أن هذا التغيير أتاح فرصاً أوسع للطلبة، وسهّل معادلة شهادات الثانوية العامة، لكنه في الوقت ذاته يستدعي من الجامعات وضع ضوابط دقيقة تتناسب مع طبيعة كل تخصص أكاديمي، لضمان الاستمرارية والنجاح.
بات التنوع في شروط قبول الطلبة في الجامعات ضرورة ملحّة، في ظل اختلاف المتطلبات المعرفية والمهارية للتخصصات المختلفة، وقد يؤدي توحيد المعايير إلى إخفاق أكاديمي وهدر مالي وجهد غير مثمر، حيث إن التوازن بين المرونة والتقييم الدقيق، يضمن عدالة الفرص وجودة مخرجات التعليم العالي.
أكثر مرونة
قال الدكتور حسين الأحمد، نائب رئيس جامعة دبي للشئون الأكاديمية، إن الجامعات تبدأ بإجراء اختبارات القبول السنوية ابتداءً من شهر إبريل، إلا أن هذه المواعيد تختلف من جامعة لأخرى، إذ تعتمد كل جامعة على جدولها الخاص دون وجود تقويم موحّد.
وأوضح أن الجامعة لا تشترط الحصول على شهادة «التوفل» أو ما يعادلها ضمن شروط القبول، ما يُعد تسهيلاً للطلبة ويعكس التوجه نحو تبسيط إجراءات التسجيل والانفتاح على مختلف الكفاءات، وأشار إلى أن إلغاء «الإمسات» أثّر بشكل إيجابي في عملية التقديم، وأسهم في تسهيل إجراءات القبول ومعادلة شهادات الثانوية العامة.
ورأى أن القبول الجامعي أصبح أكثر مرونة بعد إلغاء اختبار الإمسات، لافتاً إلى أن بعض الجامعات قد وضعت اختبارات بديلة وليست معقدة، بهدف تقييم مستوى الطالب ومساعدته على اختيار التخصص الأنسب لقدراته.
واتفقت معه في الرأي صالحة المهيري، مديرة القبول والتسويق في جامعة دبي، والتي أوضحت أن الجامعات تعتمد جدولاً زمنياً خاصاً يتناسب مع خطتها الأكاديمية وأسلوبها في التقييم، ولا يتم الإعلان عنها ضمن إطار موحّد على مستوى الدولة.
وأوضحت أن جامعة دبي لا تشترط على المتقدمين الحصول على شهادة «التوفل» أو ما يعادلها من اختبارات اللغة الإنجليزية، ما يعكس التزامها بتوفير بيئة تعليمية مرنة وشاملة، وقالت إن الجامعات اعتمدت اختبارات قبول بديلة، تهدف لقياس مستوى الطالب الأكاديمي وتوجيهه نحو التخصص المناسب لقدراته وميوله.
قدرات مختلفة
أكد الدكتور واثق منصور، عميد كلية الهندسة بجامعة دبي، أهمية أن تضع الجامعات ضوابط خاصة بها لضمان جودة القبول، مشيراً إلى أن هذه الضوابط يجب ألا تكون موحّدة لجميع التخصصات، بل ينبغي أن تراعي خصوصية كل مجال دراسي ومتطلباته الأكاديمية.
وقال إنه من غير المنطقي أن يتم التعامل مع القبول في تخصصات مثل الطب والهندسة والآداب والإدارة بالمعايير ذاتها، فكل تخصص يتطلب مهارات وقدرات مختلفة، ويحتاج إلى استعداد أكاديمي ونفسي معين.
وأكد أن من مسؤولية الجامعات أن تضمن قبول الطلبة الذين يمتلكون الحد الأدنى من الجاهزية لتلك التخصصات، حتى لا نجد أنفسنا أمام نسبة كبيرة من الطلبة يواجهون صعوبات في استكمال الدراسة، وهو ما يؤدي إلى إخفاق أكاديمي وخسائر مادية.
وشدّد د. منصور، على أن تنويع معايير القبول بحسب التخصص لا يعني التعقيد أو الإقصاء، بل يمثل آلية علمية عادلة تسهم في توجيه الطلبة نحو المسارات التي تتناسب مع قدراتهم وميولهم، ما يعزز فرص تخرجهم بنجاح، ويحقق الاستثمار الأمثل في التعليم العالي.
مصير مهني
مع اقتراب نهاية الفصل الدراسي الثالث والاستعداد للامتحانات، تتصاعد مشاعر القلق والتوتر بين طلبة الصف الثاني عشر، إذ لا يقتصر الضغط النفسي على رهبة الامتحانات النهائية فحسب، بل يمتد ليشمل مصيرهم الجامعي والمهني، الذي يتحدد بناء على نتائج هذه المرحلة المصيرية.
وجاءت القرارات الأخيرة التي أعلنتها وزارة التربية والتعليم، ووزارة التعليم العالي، بشأن إلغاء اختبار «الإمسات» لتثير تساؤل العديد من الطلبة وأسرهم.
ومع أول عام دراسي يتم فيه تطبيق القرار، تحولت الأحاديث داخل الصفوف الدراسية وفي المجالس الأسرية إلى تحليل القرار ومآلاته، حيث إن بعض الطلبة تنفسوا الصعداء بعدما شعروا بأن عبئاً كبيراً أزيح عن كاهلهم، خاصة أولئك الذين عانوا تكرار الرسوب أو الحاجة إلى إعادة الامتحان، فيما شعر آخرون بالقلق من غموض المرحلة المقبلة وطبيعة معايير القبول الجديدة التي تختلف من جامعة إلى أخرى.
ومنحت الوزارة الجامعات مرونة كبرى في تحديد معايير القبول بما يتماشى مع توجهاتها الأكاديمية وقدرتها على استقطاب الطلبة وفق اهتماماتهم وتطلعاتهم وهو ما فسره بعضهم بأنه خطوة نحو تخصيص أكثر عدالة وواقعية، لكنه في الوقت نفسه ألقى بالمسؤولية على الطالب في ضرورة التحري المبكر والتخطيط الجاد لاختيار التخصص والجامعة الأنسب.
ووجد طلاب المدارس الخاصة التي تتبع المنهاج الأمريكي أنفسهم أمام تحديات إضافية، حيث بات لزاماً عليهم التقديم لاختبارات معيارية بديلة عن «الإمسات»، مثل «السات» في الرياضيات و«التوفل» في اللغة الإنجليزية.
تباين آراء
استطلعت «الخليج» آراء عدد من أولياء الأمور حول أنظمة القبول بالجامعات، حيث أبدوا تبايناً في الآراء حول قرار إلغاء اختبار «الإمسات» واعتماد اختبارات دولية بديلة، خصوصاً في ظل اشتراطات بعض الجامعات للقبول في التخصصات العلمية والأدبية.
ويرى بعضهم أن الاعتماد على «التوفل» يضيف عبئاً جديداً على الطالب، خاصة أنه اختبار دولي يتطلب استعداداً لغوياً خاصاً، ما يعمّق الفجوة بين المستويات الأكاديمية، ويؤثر سلباً في فرص الطلاب المتفوقين بتخصصات غير لغوية.
ويؤكد آخرون أن النظام الجديد يجب أن يراعي العدالة والتكافؤ، بحيث لا تتحول الاختبارات إلى عقبة جديدة في طريق الطالب، بل يجب أن تكون أداة تقييم واقعية لقدراته، ورحبوا بالخطوة باعتبارها تخفف من الضغوط النفسية التي كان يفرضها «الإمسات».
وطالب أولياء الأمور بوضع آلية قبول تفرّق بين المتطلبات الأكاديمية لتخصصات الأدب والعلوم، معتبرين أن إخضاع الجميع لاختبارات موحدة أمر غير منصف، ويفقد النظام مرونته.
تخصص الطالب
وقال منصور بطي الشامسي، إن امتحانات القبول يجب أن تكون متضمنة لجوانب التخصص، وأن نكتفي بامتحان لغة إنجليزية ميسر لجميع الفئات بدلاً من امتحانات عامة لا ترتبط بتخصص الطالب وتربك مستقبله.
وتتفق معه علياء السويدي، التي أكدت أن الوضع الحالي يفتقر إلى خطة واضحة وميسرة للطلاب والطالبات، وأن تبسيط امتحانات القبول أمر ضروري لأن الطالب لا يظهر مستواه الحقيقي إلا إذا اختبر في مجال تخصصه، وأوضحت أن ما يعزز هذا الرأي أن الطالب نفسه في كثير من الحالات لا يتمكن من التعبير عن قدراته الحقيقية في اختبارات غير مرتبطة بمجال اهتمامه فيتساوى المجتهد مع المتوسط.
من جانبها أكدت إيمان الكردي، أن التعديلات المتسارعة في سياسات القبول الجامعي خلال الفترة الأخيرة، وخصوصاً مع إلغاء اختبار “الإمسات” واستبداله بأنظمة أخرى، أثرت بشكل كبير في استقرار الطلبة النفسي والأكاديمي، وأحدثت حالة من التشتت والارتباك داخل المجتمع المدرسي.
صعوبة كبيرة
وترى أن كثيراً من الطلبة، واجهوا صعوبة كبيرة في التكيف مع هذه التغييرات، وأن المدارس نفسها لم تكن مستعدة بالكامل لدعم الطلبة، خاصة تلك التي ما زالت حديثة التأسيس، وضربت مثلاً بالمدرسة الجديدة التي التحقت بها ابنتها والتي لم يكن لديها برامج تأهيل كافية، ولا خطة واضحة لمواكبة التغيير.
ولفتت إلى الأعباء المادية التي يتحملها أولياء الأمور في ظل تكرار الاختبارات واحتمال الإعادة، حيث إن الاختبار الواحد قد يتكلف ما يصل إلى 500 درهم، ومع احتمال الرسوب أو التكرار، ترتفع الكلف.
ورغم التحديات، إلا أنها رأت أن النظام الجديد يحتوي على جوانب إيجابية، منها إتاحة خيارات مرنة للطلبة في اختيار المسار الجامعي المناسب لهم، شريطة أن تكون هناك خطة واضحة وثابتة، ودعت لتثبيت نظام القبول الجامعي لعدة سنوات، وتوفير أدوات تحضير مجانية أو مدعومة داخل المدارس بالتعاون مع الوزارة، وتخفيض رسوم الامتحانات، أو تقديم خصومات للمتميزين، وتعزيز قنوات التواصل بين الوزارة وأولياء الأمور، وتدريب الطلبة من الصف العاشر على المهارات اللازمة لاجتياز هذه الاختبارات.
ارتباك وضغوط
وفي الوقت الذي يواجه فيه الطلبة ضغطاً نفسياً كبيراً بسبب اختبارات القبول الجامعي التي تفرضها بعض الجامعات أو الجهات الرسمية دون ارتباط واضح بتخصص، يرى تربويون أن هذا التغيير يتيح فرصة لإعادة بناء علاقة جديدة بين المدرسة والجامعة قائمة على الشراكة والتنسيق بدلاً من نظام يعتمد على الامتحانات المفاجئة للطالب.
وقال الطلبة، محمد الوكيل، وحسن الزيودي، وراشد محمد ل«لخليج»، إن معيار القبول يجب أن يكون مسار الطالب بالكامل منذ الصف العاشر وليس مجرد ورقة اختبار، لافتين إلى ضرورة تطوير نظام إرشاد مهني أكثر قوة داخل المدارس، بحيث يبدأ التوجيه منذ المراحل الدراسية المبكرة ويتابع تطور الطالب خطوة بخطوة ويساعده على فهم ميوله وقدراته واختيار التخصص والجامعة المناسبين.
وأضافوا أن الأسرة أيضاً مطالبة بدور أكثر فاعلية في مواكبة هذه التغييرات وليس فقط انتظار النتائج أو القرارات الأخيرة، لأن فهم نظام القبول الجامعي والاختبارات المطلوبة ومعايير المعادلة أصبح جزءاً أساسياً من مسؤوليات الأسرة في هذه المرحلة الحساسة.
وأوضحوا أن ما يحدث الآن ليس مجرد تعديل تقني في نظام القبول الجامعي، بل تحول ثقافي وتربوي في النظرة إلى التعليم العالي ومسؤولية الطالب في رسم مستقبله بنفسه، وهذا التحول رغم ما يحمله من ارتباك وخوف، إلا أنه يمثل فرصة لإعادة بناء مسارات أكاديمية أكثر مرونة وشخصية وإنسانية، تنظر إلى الطالب باعتباره شريكاً فاعلاً في رسم مستقبله، وليس مجرد رقم في قائمة انتظار الجامعات.
0 تعليق