الفاية في الشارقة يكمل 11 عاماً من التعاون مع «التطور البشري» - الهلال الإخباري

الخليج 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الفاية في الشارقة يكمل 11 عاماً من التعاون مع «التطور البشري» - الهلال الإخباري, اليوم الثلاثاء 3 يونيو 2025 02:39 مساءً

الشيخة بدور القاسمي: الاعتراف بأهمية الموقع شهادة على التزام الإمارات بحماية تراثها

عادة عيسى يوسف: يتحدى الفرضيات السائدة حول الجزيرة العربية في التجربة الإنسانية

يواصل «الفاية» في الشارقة، أحد أقدم وأهم المواقع الأثرية في شبه الجزيرة العربية، ترسيخ مكانته مركزاً عالمياً في دراسات تطور الإنسان، من خلال تعاونه المستمر منذ 11 عاماً مع برنامج «التطور البشري: التكيف والانتشار والتطور الاجتماعي» (HEADS) التابع لمنظمة «اليونسكو».
ويقدّم الموقع، الذي يعود تاريخه إلى أكثر من 210 آلاف عام، سجلاً نادراً للوجود البشري المبكر في البيئات الصحراوية، ما يجعله مرجعاً رئيسياً لفهم الهجرات الأولى والتكيف مع المناخ القاسي.
وجعل هذا التعاون الطويل بين الشارقة وبرنامج «اليونسكو» موقع «الفاية» أحد المراجع العلمية الدولية في علم الإنسان القديم والآثار، ووضع الإمارات بين أبرز المساهمين في الجهود العالمية الرامية إلى إعادة رسم خريطة نشأة الإنسان وتطوره. ويُعد هذا السجل الأثري الاستثنائي إحدى الركائز البارزة لتطوير الأدبيات العلمية المتعلقة بالحياة البشرية المبكرة في جنوب شرق شبه الجزيرة العربية.
وقالت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، سفيرة ملف الترشيح الدولي «المشهد الثقافي لعصور ما قبل التاريخ في الفاية»: «إن الاعتراف بأهمية الموقع في برنامج «التطور البشري» لأكثر من عقد، يعكس التزام الإمارات، خاصة الشارقة، بالحفاظ على تراثها العريق وتعزيز حضورها العلمي والثقافي على الساحة الدولية».


وأكدت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي أن «الشارقة لم تتعامل مع الآثار باعتبارها ماضياً فقط، بل كعنصر حي من عناصر هويتنا الوطنية، ومحور استراتيجي لبناء الجسور بين الثقافات والشعوب. ويُعد «الفاية» دليلاً على قدرة الإمارة على الجمع بين الرؤية الثقافية والبحث العلمي، إذ وظّفت الشارقة إمكاناتها ومؤسساتها البحثية والأثرية والأكاديمية لترسيخ مكانة هذا الموقع بوصفه شاهداً على إحدى أقدم المحطات في مسيرة الإنسان. ويعزز الموقع هويتنا الثقافية، ويدعم البحوث العالمية، ويدعو العالم لاكتشاف عمق جذور منطقتنا الممتدة في قصة التاريخ البشري، ويؤكد أن الشارقة مركز حضاري معاصر، وفي الوقت نفسه، مرجع أساسي في دراسة بدايات الإنسان وتطور المجتمعات».
من جهته، قال عيسى يوسف، مدير عام هيئة الشارقة للآثار: «موقع «الفاية» لعب دوراً محورياً في الحوار العلمي حول تطور الإنسان، وقدّم دليلاً أثرياً استثنائياً يعيد تشكيل فهمنا لمراحل نشوء المجتمعات البشرية في البيئات الصحراوية».


وتابع: «السجل الأثري الذي يمتد لأكثر من 210 آلاف عام يوثّق تفاعلات الإنسان مع المناخ القاسي، من خلال طبقات جيولوجية تكشف عن تطور الأدوات، وطقوس الدفن، وأنماط المعيشة. وتبرز هذه المكتشفات أن «الفاية» لا يعيد رسم خرائط الهجرات البشرية فقط، بل يتحدى الفرضيات السائدة منذ عقود، ويؤكد أن الجزيرة العربية لم تكن مجرد ممر للهجرات، بل مهداً للتطور البشري بحد ذاته، إذ كانت موطناً لمجتمعات نشأت وتطورت، وأسست لأساليب معيشية واجتماعية وثقافية تعكس عمق التجربة الإنسانية وقدرتها على التكيف والابتكار في وجه التحديات البيئية».
التاريخ المحلي والسجل العالمي
كواحد من أندر المشاهد الصحراوية الموثقة من العصر الحجري على مستوى العالم، يقدّم «الفاية» دليلاً فريداً على قدرة الإنسان المبكر على التكيف مع البيئات القاحلة، عبر سجل أثري يمتد لعشرات آلاف السنين. ويكشف هذا السجل تطور المجتمعات البشرية من الصيد وجمع الثمار إلى الرعي والتنقل، ويوثق مراسم جنائزية وغيرها من الممارسات التي تعكس جوانب اجتماعية وروحية وتقنية متقدمة.
ويعزز الموقع فهمنا لكيفية إدارة الموارد والتأقلم مع التغيرات المناخية القاسية، بفضل الطبقات الرسوبية والخصائص البيئية التي وثّقت توافر المياه وتوزع النباتات والتحولات المناخية خلال العصر البليستوسيني المتأخر والهلوسيني. وتقدّم هذه الاكتشافات رؤى معمّقة حول نشأة الحضارات المبكرة.


ويُعد «الفاية» جزءاً من مجموعة محدودة من المواقع التي يتعاون معها برنامج «التطور البشري» التابع لـ«اليونسكو»، إلى جانب مواقع مثل «كهوف نهر كلاسيس» التي تتضمن كهفي «بوردر» و«وندرورك» في جنوب إفريقيا، وصخور «تشيتوندو هولو» في أنغولا. ما يميز «الفاية» موقعه في شبه الجزيرة العربية، المنطقة التي لطالما غابت عن الأدبيات المتعلقة بالهجرات البشرية. واليوم، يسهم الموقع في إعادة رسم تلك الأدبيات وترسيخ مكانة المنطقة في التاريخ المشترك للإنسانية.
وفي هذا الإطار، شارك د.كنوت بريتسكي، أحد الباحثين الرئيسيين في موقع الفاية، في اجتماع برنامج «التطور البشري» الذي عقد في القاهرة مؤخراً، وقدّم عرضاً مفصلاً حول أهمية الموقع ونتائجه العلمية، مؤكداً الدور القيادي للشارقة في مجال البحوث التراثية عالمياً.
ومع استمرار دعم ترشيحه للانضمام إلى قائمة مواقع التراث العالمي، يرسخ «الفاية» مكانته مصدراً أساسياً للبحث العلمي، والتعاون الدولي، والاعتزاز الوطني، موفراً للعالم أدلة حية على بدايات الإنسان، محفوظة في طبقات هذه الأرض التي أصبحت موطننا.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق