نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
جينوم قديم يكشف علاقات مصرية عابرة للثقافات - الهلال الإخباري, اليوم الخميس 3 يوليو 2025 07:09 مساءً
يقدم الحمض النووي المُستخلص من بقايا رجل عاش في مصر القديمة في فترة بناء الأهرام تقريباً دليلاً على الروابط بين ثقافتين مهمتين في تلك الفترة، إذ يعود خُمس أصوله الجينية إلى بلاد ما بين النهرين. ورغم أن تلك النتائج تستند إلى جينوم واحد، فإنها تقدم رؤية فريدة للتاريخ الجيني للمصريين القدماء، وهي مهمة صعبة بالنظر إلى أن مناخ مصر الحار لا يساعد على حفظ الحمض النووي.
استخرج باحثون الحمض النووي من جذور اثنتين من الأسنان، وهي جزء من بقايا الهيكل العظمي للرجل الذي دُفن لآلاف السنين داخل وعاء خزفي كبير محكم الغلق داخل مقبرة محفورة في الصخر. ثم تمكنوا بعد ذلك من تحديد تسلسل الجينوم الخاص به بالكامل، وهي المرة الأولى التي يتم فيها إجراء هذا النوع من المسح الجيني لشخص عاش في مصر القديمة.
وقال الباحثون إن الرجل عاش منذ ما يتراوح تقريباً بين 4500 و4800 عام في بداية فترة ازدهار واستقرار ما سمي بالمملكة القديمة، والمعروفة ببناء الأهرام الضخمة باعتبارها مقابر فرعونية. وعثر على الوعاء الخزفي في عام 1902 في موقع النويرات بالقرب من قرية بني حسن على بعد 270 كيلومتراً من جنوب القاهرة. وقال الباحثون إن الرجل كان يبلغ من العمر نحو 60 عاماً عندما توفي، وإن بعض بقايا هيكله العظمي تشير إلى احتمال أنه كان يعمل صانع خزف.
وأظهر الحمض النووي أن الرجل ينحدر في الغالب من السكان المحليين، إذ يعود نحو 80 في المئة من أصوله الجينية إلى مصر أو الأجزاء المجاورة من شمال إفريقيا، لكن 20 في المئة تقريباً كانت تعود إلى منطقة الهلال الخصيب في الشرق الأدنى القديم، والتي كانت تشمل بلاد ما بين النهرين.
وقالت عالمة الوراثيات السكانية أدلين موريز جاكوبس من جامعة ليفربول جون مورز في إنجلترا، ومعهد فرانسيس كريك في لندن والتي قادت الدراسة التي نُشرت، الأربعاء، في مجلة نيتشر «يشير هذا إلى وجود روابط وراثية جوهرية بين مصر القديمة وشرق الهلال الخصيب».
وتضيف تلك النتائج إلى الأدلة الأثرية على التبادلات التجارية والثقافية بين مصر القديمة وبلاد ما بين النهرين، وهي منطقة تمتد إلى ما هو حالياً العراق وأجزاء من إيران وسوريا.
وخلال الألفية الثالثة قبل الميلاد، كانت مصر وبلاد ما بين النهرين في طليعة الحضارة الإنسانية، إذ حققت إنجازات في الكتابة والعمارة والفنون.
وتحدث الباحثون عن ظهور روابط ثقافية لمصر مع بلاد ما بين النهرين، وذلك استناداً إلى بعض الزخارف الفنية المشتركة والعمارة والواردات مثل اللازورد، وهو حجر شبه كريم أزرق.
وظهرت عجلة الفخار التي تعود إلى بلاد ما بين النهرين لأول مرة في مصر في نفس الفترة التي عاش فيها الرجل، وهي الفترة التي بدأ فيها أول الأهرام في الظهور بالقرب من القاهرة الحديثة بدءاً من هرم زوسر المدرج في سقارة، ولاحقاً هرم خوفو في الجيزة.
وعثر على نحو 90 في المئة من الهيكل العظمي للرجل. والذي كان طوله 1.59 متر تقريباً ببنية نحيلة. وكان يعاني حالات مرضية تتوافق مع تقدمه في السن مثل هشاشة العظام والتهاب المفاصل، بالإضافة إلى خراج كبير غير ملتئم ناتج عن التهاب في الأسنان.
وقال بونتوس سكوجلوند عالم الوراثيات السكانية في معهد فرانسيس كريك والمشارك في إعداد الدراسة «شكلت استعادة الحمض النووي القديم من البقايا المصرية تحدياً استثنائياً نظراً لمناخ مصر الحار الذي يسرع تدهور الحمض النووي، إذ تؤدي درجات الحرارة المرتفعة إلى تحلل المادة الوراثية بمرور الوقت مقارنة بالبيئات الأكثر برودة واستقراراً».
وأضاف سكوجلوند «في هذه الحالة، من المرجح أن دفن الشخص في وعاء خزفي داخل مقبرة منحوتة في الصخر ساهم في الحفاظ على الحمض النووي بخلاف المعتاد في المنطقة».
وربما ساعد دفنه قبل أن يصبح التحنيط ممارسة شائعة في مصر على تجنب تدهور الحمض النووي، لأن رفاته نجا من تقنيات الحفظ المعقدة.
وأشار عالم وراثة الحفريات لينوس جيرلاند فلينك من جامعة أبردين في اسكتلندا، والذي شارك في إعداد الدراسة إلى أن العلماء واجهوا صعوبة في استخلاص الجينومات من المصري القديم.
وربما كان الرجل يعمل صانعاً للخزف أو في مهنة تتطلب حركات مماثلة، لأن عظامه بها علامات عضلية نتيجة الجلوس لفترات طويلة بأطراف ممدودة.
وقال عالم الآثار الحيوي والمشارك في إعداد الدراسة جويل أيريش: «جميع المؤشرات تتوافق مع حركات ووضعيات صانع الخزف، كما هو موضح في الصور المصرية القديمة».
0 تعليق