الهلال الإخباري

«عام على رحيله ظل فلسطين الثقيل» الذكرى الأولى لاستشهاد القائد محمد الضيف | حكاية العمر المعلق بين الميدان والقرآن والقدس - الهلال الإخباري

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
«عام على رحيله ظل فلسطين الثقيل» الذكرى الأولى لاستشهاد القائد محمد الضيف | حكاية العمر المعلق بين الميدان والقرآن والقدس - الهلال الإخباري, اليوم الاثنين 14 يوليو 2025 08:13 صباحاً

عام على الشهاده..مهندس الكمائن والأنفاق والطائرات الورقية

الذكرى الأولى لرحيل "أسطورة الظل".. محمد الضيف، في مثل هذه الأيام من العام الماضي، أعلنت كتائب الشهيد عز الدين القسام استشهاد قائدها العام محمد الضيف، بعد نحو 30 عامًا من الملاحقة والاغتيالات الإسرائيلية الفاشلة التي شكّلت فصلًا دراميًا نادرًا في تاريخ الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
استشهد الضيف خلال معركة "طوفان الأقصى"، وهو في ذروة عطائه العسكري والتخطيطي، وقد ترك خلفه إرثًا كبيرًا من البطولة، ووجعًا دفينًا في قلب كل فلسطيني حر.

 من هو محمد الضيف؟

  • الاسم الكامل: محمد دياب إبراهيم المصري
  • الاسم الحركي: "أبو خالد" أو "محمد الضيف"
  • تاريخ الميلاد: عام 1965 في مخيم خان يونس جنوب قطاع غزة
  • الانتماء: كتائب عز الدين القسام – الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"
  • الموقع القيادي: القائد العام للكتائب منذ عام 2002

نشأ الضيف في أزقة المخيم، ابنًا لعائلة لاجئة هجّرتها نكبة 1948 من بلدة "القبيبة" شمالي فلسطين المحتلة، ومنذ شبابه الأول، حمل همّ الوطن وارتبط اسمه بالكفاح والنضال، حتى أصبح أحد أبرز العقول العسكرية في تاريخ المقاومة المعاصرة.

الشهيد محمد الضيف 

 حياة في الظلال.. ورجل بسبعة أرواح

أُطلق عليه لقب "الضيف" لأنه لا يستقر في مكان، لا يمكث في بيت واحد، ولا يبيت في الموقع نفسه ليلتين متتاليتين.
وقد نجا من 7 محاولات اغتيال إسرائيلية على الأقل، أدت إحداها إلى إصابته بعاهات جسدية، إذ فقد إحدى عينيه، وتعرض جسده لإعاقات دائمة.
ورغم ذلك، بقي يتنقل، يخطط، يُوجّه، ويقود أعقد العمليات من خلف الكواليس.

 مهندس الكمائن والأنفاق والطائرات الورقية

منذ توليه قيادة كتائب القسام، تحوّلت البنية العسكرية للمقاومة الفلسطينية تحولًا جذريًا.

  • أشرف على تطوير الأنفاق الهجومية التي اخترقت حدود القطاع
  • قاد برنامج الصواريخ المحلية التي طورت قدرات المقاومة من مديات قصيرة إلى تغطية معظم الأراضي المحتلة
  • أشرف على كمائن بيت حانون وخانيونس وعمليات أسر الجنود
  • ابتكر آليات مقاومة نفسية مثل "الطائرات الورقية الحارقة" التي شكلت كابوسًا لمزارعي مستوطنات غلاف غزة

 "الأب القائد".. بين المأساة الشخصية والمعركة الكبرى

رغم حياة الملاحقة، استطاع الضيف أن يتزوج، وأن يكون أبًا، وفي إحدى محاولات اغتياله عام 2014، ارتكبت إسرائيل مجزرة بحق عائلته، حيث استشهدت زوجته وطفله الصغير،
لم يظهر الضيف بعدها لسنوات، لكن الكلمة الصوتية التي بثها في بداية معركة "سيف القدس" عام 2021 أكدت أنه حيّ يُرزق، ثابت ومقاتل رغم الجراح.

المجزرة: 2014.. ليلٌ لن يُنسى

في العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2014، استهدفت طائرات الاحتلال منزلًا في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة، كانت تقيم فيه زوجة الضيف مع اثنين من أطفاله.
النتيجة كانت مأساوية:

  • استُشهدت زوجته وداد
  • استُشهد ابنه الرضيع "علي محمد الضيف" (7 شهور)
  • واستُشهدت طفلته "سارة" (حسب مصادر متقاطعة، لم يتم تأكيد الاسم من حماس رسميًا)
  • وأُصيب هو نفسه بجروح خطيرة في محاولة اغتيال نجا منها.

الاحتلال آنذاك زعم أنه "أصاب الضيف إصابة قاتلة"، لكنه عاد ليظهر مجددًا بعد سنوات عبر تسجيل صوتي، ليؤكد أنه ما زال على قيد الحياة، وأن الجراح لم تُنهِ عزيمته.

صمت ما بعد الفاجعة.. لكنه واصل القتال

رغم الفقد، لم يظهر محمد الضيف علنًا أو يصدر أي تعزية شخصية بعد استشهاد أسرته. لكن ظهوره اللاحق، لا سيما في رسائل القتال، حمل لهجة أكثر إصرارًا وألمًا دفينًا، وباتت معاركه أكثر شراسة.

يقول مقاتل سابق في القسام:

"حين فُجّر بيت الضيف على من فيه، قال لنا: "سأُعيد لهم البيت مقلوبًا على رؤوسهم." ومن يومها تغيّرت قواعد الحرب."

عائلة الشهيد محمد الضيف 

العائلة.. الحزن الصامت خلف قناع الحديد

كان آخر عهد القائد بأسرته قبيل انطلاق معركة "طوفان الأقصى" بساعات. احتضن أبناءه مودّعًا دون أن يعلموا أن تلك اللحظة ستكون الأخيرة.
قال لزوجته في ذلك اللقاء:

"علينا أداء الواجب تجاه الأسرى والمسجد الأقصى، فثمن النصر لا يُدفع بالكلمات."

وبعد بدء العدوان، نزحت أسرته كما الآلاف، لتعيش في مراكز الإيواء، تفترش الأرض وتلتحف الدعاء، بعد أن فقدت منزلها وأمانها.
كان الضيف يشرف بنفسه على حفظ أبنائه للقرآن الكريم، ويربيهم على الصبر والرجولة والإيمان بالقضية.

أسرة الشهيد محمد الضيف 

فقدٌ مضاعف.. دفن في القلب لا في الأرض

لم يُكتب لمحمد الضيف أن يُلقي النظرة الأخيرة على جثامين أبيه وأمه وزوجته الأولى وبعض أبنائه الشهداء.
كان بعيدًا، يطارد العدو ويخطط للردّ، فيما قلبه ينزف، لكنه دفنهم في قلبه، وواصل الطريق.

 الأقصى.. وجع الضيف المستمر

كان اقتحام الاحتلال للمسجد الأقصى جرحًا مفتوحًا في قلب القائد، وكان يرى أن ما بعد الأقصى لا يحتمل صمتًا.
وقد دفع بروحه في معركة طوفان الأقصى، وكان دائمًا يقول:

"القدس تُسترد، لا تُفاوض."

أحلام القائد.. وطن أكبر من الحياة

كان الضيف يحلم دومًا أن:

  • يشهد تحرير المسجد الأقصى ويؤم الناس فيه.
  • يبني بيتًا في القدس بعد زوال الاحتلال.
  • يُشرف على تربية أبنائه على حفظ القرآن والكرامة.
  • يأكل من أرض بلاده ويقاتل بسلاحٍ صنعه بيديه، فكان دائم القول:

"يجب أن نأكل مما نزرع، ونقاتل مما نصنع."

بوصفه الأب الروحي للتصنيع العسكري في كتائب القسام منذ نشأتها، لم يكن قائدًا فقط، بل عقلًا مهندسًا جعل من الحصار فرصة للإبداع.

 اللحظة الأخيرة.. طوفان الأقصى وموعد الرحيل

في 7 أكتوبر 2023، كانت إسرائيل على موعد مع ضربة قاسية، خُطط لها على مدار شهور. أعلن الضيف بنفسه بدء عملية "طوفان الأقصى" عبر تسجيل صوتي، معلنًا بدء اقتحام غير مسبوق لمستوطنات غلاف غزة.
وقد شكّلت العملية، حسب محللين، أعنف اختراق أمني وعسكري في تاريخ الاحتلال.

في ذروة المعركة، وبسبب تطور هائل في المعلومات الاستخباراتية الإسرائيلية ومساعدة أميركية، تم قصف مقر كان يتواجد فيه الضيف، ليُعلَن بعد أيام استشهاده رسميًا، رغم تحفظ كتائب القسام في  البدايةً.

 شهادة من عرفوه:

"لم نره كثيرًا، لكنه كان حاضرًا في كل الميادين"
يقول أحد مقاتلي القسام:
"كان القائد الضيف شخصًا بسيطًا، متواضعًا إلى درجة أنك قد لا تعرف أنه هو القائد، ينام معنا في الميدان، يحمّل الصواريخ، ويتناول معنا الطعام في الأنفاق. لكن حين يتحدث، يصمت الجميع."

 إرثه الخالد.. هل يمكن ملء الفراغ؟

يقول محللون إن فقدان محمد الضيف لا يعني نهاية القسام، لكنه شكّل صدمة تنظيمية ورمزية.
لقد مثّل الضيف مدرسة عسكرية مستقلة، لا ترتبط بشخصه فقط بل برؤية أمنية متكاملة، وقدرة على تحويل أدوات بدائية إلى أسلحة استراتيجية.

لكن كتائب القسام، في بيانها في الذكرى الأولى لاستشهاده، أكدت أن "خلف الضيف ألف ضيف"، وأن مدرسة المقاومة باقية، وأن الراية ستنتقل لمن هم على الدرب.

 محمد الضيف.. الصورة التي لا يملكها العدو

لم تُعرف له صورة حديثة مؤكدة، ولم تستطع إسرائيل طوال 3 عقود نشر صورة دقيقة له بعد إصاباته.
حتى المخابرات الإسرائيلية اعترفت مرارًا بأن الضيف "شبحٌ يتحرك بلا ظل"، وأن تحديد مكانه من أعقد التحديات التي واجهتها وحدات التجسس الإسرائيلية.

 في الذكرى الأولى.. فلسطين تفتقدك يا أبا خالد

  • عام مضى على غياب الرجل الذي أرعب دولة كاملة..
    عام مضى منذ أن فقدت غزة قائدها الذي لم تعرف وجهه أغلب الجماهير، لكنها آمنت بخطاه.
  • وفي زمنٍ كثُر فيه القادة المتحدثون، بقي محمد الضيف زعيمًا بصمتِه، وحاضرًا بظله، ومقاتلًا بعقيدته حتى النهاية.

 

أخبار متعلقة :