نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الدكتورة نجوى عبد المجيد لـ "الفجر": لا تتجاهلوا الفحص قبل الحمل.. بعض الأخطاء تتكرر وراثيًا - الهلال الإخباري, اليوم الثلاثاء 15 يوليو 2025 10:55 مساءً
في ظل اهتمام الدولة المصرية المتزايد بصحة الطفل، وفي إطار المبادرة الرئاسية للكشف المبكر عن الأمراض الوراثية للأطفال حديثي الولادة، والتي تهدف إلى الوقاية من نحو 19 مرضًا وراثيًا قد تُصيب الطفل في مراحله الأولى من الحياة، كان لنا هذا اللقاء الخاص مع الدكتورة نجوى عبد المجيد محمد، أستاذ الوراثة والاحتياجات الخاصة بـالمركز القومي للبحوث، أحد أكبر وأهم الصروح العلمية والطبية في الشرق الأوسط وإفريقيا.
من معهد بحوث الوراثة البشرية ومعهد البحوث الطبية والدراسات الإكلينيكية التابع للمركز، تحدثت إلينا د. نجوى عن أبرز الأمراض الوراثية التي تُصيب الأطفال، وارتباطها بالعوامل البيئية مثل الملوثات والبلاستيكات، كما تناولت العلاقة بين الوراثة والاضطرابات العصبية النمائية كالتوحد وفرط الحركة، وخطورة زواج الأقارب، إضافة إلى دور المركز القومي للبحوث في دعم الأسر والفحص قبل الحمل، والدمج التعليمي للأطفال.
بدايةً.. ما مدى ارتباط الأمراض الوراثية بذوي الاحتياجات الخاصة؟
د. نجوى عبد المجيد: هناك ارتباط وثيق. العديد من الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة يعانون من أمراض ذات خلفية وراثية، خاصة في حالات زواج الأقارب. لكن لا يمكن إغفال العامل البيئي أيضًا، فالأمراض لا تنتج عن الوراثة وحدها. هناك تفاعل بين الجين والبيئة. في العقود الأخيرة، زادت نسبة الإصابة بهذه الأمراض بسبب التلوث البيئي، والملوثات الكيميائية، والممارسات الصحية الخاطئة.
ما أبرز هذه الاضطرابات الوراثية التي ترصدونها في المركز؟
نحن نعمل على الاضطرابات العصبية النمائية، ومن بينها:
- اضطراب التوحد
- فرط الحركة وتشتت الانتباه
- صعوبات التعلم
- مرض نادر وخطير يُعرف باسم هشاشة كروموسوم X (Fragile X Syndrome).
الأخير لا يحظى بالاهتمام الكافي رغم خطورته. هو مرض وراثي خالص، ينتقل من الأم الحاملة للجين إلى أبنائها الذكور، نظرًا لارتباطه بالكروموسوم X. الذكور يحملون X واحد فقط، لذا يُصاب الطفل تلقائيًا إذا حمل الجين. البنات يحملن نسختين من X، لذا تكون الواحدة منهن ناقلة فقط، ما لم تكن الطفرة مزدوجة.
هل تظهر أعراض هشاشة كروموسوم X بشكل واضح؟
المشكلة أن أعراضه تشبه اضطراب التوحد تمامًا، ما يؤدي إلى تشخيص خاطئ. لكن الفارق أن التوحد ليس وراثيًا بحتًا، بل يتطلب وجود عامل بيئي أيضًا. التوأم المتطابق قد يُولد أحدهما مصابًا بالتوحد، بينما الآخر سليم، رغم تشابه الجينات. أما هشاشة الكروموسوم X فمرض متنحٍّ يرتبط بقوانين مندل، ويورّث عبر الأجيال بشكل محدد وواضح.
وما المقصود بالعوامل البيئية التي تساهم في ظهور التوحد؟
العوامل البيئية متعددة، وتشمل:
- ظروف الولادة المتعسرة
- تعرض الطفل لأمراض كثيرة في أول سنة من عمره
- تناول المضادات الحيوية بشكل مفرط
- سوء التغذية
- التلوث الكيميائي
بل إن الاختلاف البسيط في تغذية التوأم، أو الضغط على أحدهما أثناء الولادة، يمكن أن يُحدث فارقًا في ظهور الأعراض. الجين قد يكون موجودًا لدى الطفلين، لكن الظروف البيئية ترجح كفة ظهور المرض عند أحدهما دون الآخر.
هل من الممكن علاج هذه الحالات؟
بالنسبة لفرط الحركة، يمكن علاجه من خلال الأدوية والسلوكيات. أما التوحد، فالعلاج لا يُزيل المرض تمامًا، لكنه يُحسّن الأعراض بشكل كبير.
أثبتت الأبحاث أن 75% من حالات التوحد تتحسن سلوكياتها بشكل ملحوظ مع تعديل النظام الغذائي. استخدام الغذاء المناسب يُقلل من السلوكيات غير السوية مثل:
- الصراخ المستمر
- ضرب الرأس
- الدوران حول الأشياء
- سحب الأدوات بشكل عنيف
كما نستخدم برامج التخاطب وتنمية اللغة، لأن اللغة بدورها تتأثر بالجينات أيضًا، ويُعد تطويرها جزءًا أساسيًا من خطة العلاج.
هل يدخل الصرع ضمن هذه الأمراض الوراثية؟
بالفعل، الصرع أحد الأمراض الوراثية البيئية أيضًا. لا يمكننا القول إنه وراثي خالص، فهو أيضًا يحتاج لوجود ظروف بيئية تؤدي إلى ظهوره، رغم وجود الجين الوراثي المسبب له.
ما دور المركز القومي للبحوث في تقديم الدعم لهذه الحالات؟
المركز يقدم خدمات متكاملة للأسر، تشمل:
- الفحص الجيني قبل الحمل
- تشخيص مبكر للحالات الوراثية
- إصدار شهادات الدمج للأطفال القابلين للالتحاق بالتعليم النظامي
- عقد ورش ودورات تدريبية للأسر
نحن نؤمن بأهمية الدمج، ولكن بشروط. لا يجوز دمج طفل لا يمتلك مهارات النطق، لأنه قد يتعرض للسخرية، ما يؤثر على صحته النفسية. لذلك نحدد شدة المرض ومستوى اللغة قبل إصدار توصية بالدمج.
كيف يتم توعية الأسر بهذه الأمور؟
عبر تنظيم ندوات دورية، مثل الندوة التي نظمناها مؤخرًا عن أسباب التوحد وطرق الوقاية. نُشدد على أهمية تجنب العوامل البيئية، ونُسلّط الضوء على مخاطر البلاستيك، خاصة الميكروبلاستيك الذي يُستخدم في الأواني، الزجاجات، وأدوات الطعام.
خلال فترة كورونا، زاد استخدام البلاستيك بشكل غير مسبوق، ما ساهم في ارتفاع معدلات التوحد. المواد الكيميائية الموجودة في البلاستيك تُحدث خللًا في الجهاز العصبي، وتؤدي إلى أمراض عديدة، من بينها:
- التوحد
- الزهايمر
- الشلل الرعاش (الباركنسون)
ما نصيحتك للأمهات لتجنب إصابة الأطفال؟
أهم النصائح:
- الفحص الجيني قبل الحمل، خاصة إذا كان لدى الأسرة طفل سابق مصاب.
- تجنب البلاستيك والعطور والمكياجات، خصوصًا أثناء الحمل.
- الحرص على البيئة النظيفة، وعدم إعادة تدوير البلاستيك الضار.
- الابتعاد عن زواج الأقارب، أو على الأقل إجراء فحوصات ما قبل الزواج وتفهم مخاطر الوراثة.
للأسف، رغم تكرار التحذيرات، ما زالت بعض العادات الاجتماعية تفرض نفسها، لذلك نحاول تقديم المعلومة بشكل واقعي للأسر، ونُريهم أمثلة حقيقية لحالات مرضية حتى يفهموا خطورة التكرار.
يمثل الحوار مع الدكتورة نجوى عبد المجيد نافذة علمية وإنسانية لفهم الواقع الوراثي الذي يواجه الأطفال في مصر، وتأكيدًا على أهمية التكامل بين العلم والوعي المجتمعي.
فالأمراض الوراثية لم تعد فقط مسألة جينات، بل أصبحت نتاجًا لتفاعل مع بيئة مليئة بالمخاطر الخفية. والوقاية تبدأ من البيت، ومن الوعي الأسري، ومن مؤسسات مثل المركز القومي للبحوث الذي لا يدخر جهدًا في توعية المواطنين وإنقاذ الأجيال القادمة.
أخبار متعلقة :