قوة من نوع مختلف: رحلة أرديرن من الشك إلى القيادة العالمية - الهلال الإخباري

في عالم يواجه تحديات سياسية واجتماعية غير مسبوقة، يبرز كتاب «قوة من نوع مختلف» لرئيسة وزراء نيوزيلندا السابقة، جاكيندا أرديرن، كمصدر إلهام وقصة شخصية مفعمة بالأمل والتغيير. يقدم الكتاب، الصادر حديثاً عن دار «كروان» في 352 صفحة، مذكرات عميقة وشخصية تكشف عن تفاصيل حياتها وقيادتها، مسلطاً الضوء على القيم التي جعلتها رمزاً عالمياً للقيادة القائمة على التعاطف.

جاكيندا أرديرن، ابنة ضابط شرطة من بلدة صغيرة في نيوزيلندا، واجهت الشكوك الذاتية منذ صغرها لكنها حولت هذه الشكوك إلى قوة دافعة جعلتها واحدة من أبرز الشخصيات السياسية في العالم.

في عام 2017، أصبحت أصغر رئيسة وزراء لنيوزيلندا منذ أكثر من 150 عاماً، وثاني امرأة في العالم تنجب أثناء توليها المنصب. لم تكن قيادتها مجرد عنوان إعلامي، بل مثلت تحولاً في مفهوم القيادة العالمية.

يروي الكتاب التجارب التي شكلت مسيرتها، ومن أبرزها استجابتها الإنسانية لهجمات كرايستشيرش الإرهابية عام 2019، حيث تبنت إصلاحات شاملة لقوانين الأسلحة، ما أكد قدرتها على المزج بين الحزم والتعاطف. قادت بلادها أيضاً خلال كارثة بركانية مدمرة، وخروقات بيولوجية تهدد الأمن الغذائي، وجائحة عالمية غيرت شكل الحياة. وعلى الرغم من هذه التحديات، تمكنت من تحقيق إنجازات بارزة، مثل سياسات مبتكرة لمكافحة تغير المناخ، وخفض معدلات فقر الأطفال، وتأمين اتفاقيات تجارية تاريخية.

يعكس الكتاب فلسفتها في القيادة، حيث تؤمن بأن اللطف والتعاطف يمكن أن يكونا أداتين فعالتين في صنع القرار. تقدم المذكرات رؤية جديدة للقيادة تركز على التوازن بين القوة والإنسانية، ليجعلها نموذجاً ملهماً لجيل جديد من القادة. من خلال قصتها، تسعى إلى تحدي الصور النمطية عن القيادة وإثبات أن القادة يمكن أن يكونوا فعالين دون التخلي عن قيمهم الإنسانية.

تكشف المذكرات عن جوانب من حياتها الشخصية، من تجربتها كأم لأول مرة وسط ضغوط الحياة العامة، إلى قرارها المفاجئ بالتنحي عن منصبها بعد ست سنوات من الخدمة. لأول مرة، تشارك القارئ الأسباب التي دفعتها إلى هذا القرار، وكيفية توازنها بين أدوارها المختلفة كزعيمة، وأم، ومواطنة نيوزيلندية فخورة.

منذ مغادرتها المنصب، لم تتوقف عن العمل من أجل التغيير. أسست «زمالة الحقل» لدعم القيادة القائمة على التعاطف، وأصبحت زميلة بارزة في جامعة هارفارد، حيث تواصل جهودها في قضايا تغير المناخ وتعزيز المساواة. كما أنها راعية لمبادرة «نداء كرايستشيرش» التي تهدف إلى مكافحة المحتوى الإرهابي والمتطرف عبر الإنترنت.

يشكّل هذا الكتاب إعادة تعريف القيادة وإلهام أولئك الذين يشكون في قدراتهم. من خلال قصتها، تطرح جاكيندا أرديرن سؤالاً عميقاً: «ماذا لو كنت قادراً على أكثر مما تتخيل؟» تجمع بين القوة والإنسانية في قيادتها، وتقدم شهادة فريدة على إمكانية تحقيق التغيير من خلال الإيمان بالقيم والعمل من أجلها. مذكراتها هي دعوة للتفكير، والإلهام، والتحرك نحو مستقبل أفضل.