الهلال الإخباري

"وذروا ظاهر الإثم وباطنه".. موضوع خطبة الجمعة اليوم 7 فبراير 2025 - الهلال الإخباري

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
"وذروا ظاهر الإثم وباطنه".. موضوع خطبة الجمعة اليوم 7 فبراير 2025 - الهلال الإخباري, اليوم الجمعة 7 فبراير 2025 07:34 صباحاً

حددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة اليوم 7 فبراير 2025 الموافق 8 شعبان من عام 1446 هـ، بعنوان: “وذروا ظاهر الإثم وباطنه”. 
وقالت وزارة الأوقاف: إن الهدف من هذه الخطبة هو: هو التحذير من باطن الإثم، وهو الكبر الذي يجعل الإنسان يتعالى على خلق الله، ويظن أنه خير منهم بتعبده، علما بأن الخطبة الثانية تتناول التحذير البالغ من كافة صور العنف ضد المرأة.

موضوع خطبة الجمعة اليوم 7 فبراير 2025

وذروا ظاهر الإثم وباطنه

الحمد لله رب العالمين، حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، ملء السماوات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد، حمدا يليق بعظمة جلاله وكمال ألوهيته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا وبهجة قلوبنا وقرة أعيننا  محمدا عبده ورسوله، أرسله الله تعالى رحمة للعالمين، وختاما للأنبياء والمرسلين، فشرح صدره، ورفع قدره، وشرفنا به، وجعلنا أمته، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فهذه دعوة قرآنية كريمة إلى اجتناب ما يحول بين الناس وبين خير الله تعالى ورزقه وتوفيقه، إنه أمر الله جل جلاله بترك الآثام والأوزار كبيرها وصغيرها، دقها وجلها، سرها وعلانيتها، يقول الحق سبحانه: {وذروا ظاهر الإثم وباطنه}.
وظاهر الإثم معلوم كالكذب والسرقة والزنا، أما باطن الإثم فهو الكبر كما بين علماؤنا الكرام، والكبر داء عضال ومرض نفسي مدمر، وهو ذنب إبليس الأول الذي عصى به الله جل جلاله، فإن إبليس {أبى واستكبر وكان من الكافرين}، والمتكبر يبغضه الله تعالى، فهو سبحانه {لا يحب المستكبرين}.
ولكن انتبهوا أيها الكرام، إن باطن الإثم أشد خطرا من ظاهره، فإذا كان ظاهر الإثم يمحوه الندم والإخبات والتوبة النصوح لله رب العالمين، فإن باطن الإثم خفي مستتر يدمر القلب ويهلك صاحبه وهو لا يشعر، حيث يظن صاحب التدين الظاهري الموهوم المعزول عن أنوار الشريعة وأخلاقها وآدابها نفسه أقرب الناس إلى رب العالمين، فيستصغر خلق الله ويحتقرهم، ويصيبه داء إبليس الذي قال: {أنا خير منه}، وإذا تضجر الناس من هذا الشخص ونالوا منه فإنه يزداد عنفا معهم، وغلظة عليهم؛ لأنه تصور أنهم يعادون الدين، وهم في حقيقة الأمر لا يطيقون العجب والكبر والتشدد!
أيها الناس، إن هذا الحال بائس بغيض، حيث يتحول التدين إلى حالة إيمانية زائفة، ونظرة استعلائية مقيتة، تزج بصاحبها في براثن الكبر والفوقية والعنصرية والعرقية، في سمت نفسي مقيت يؤصل في المتحقق به أنه هو وجماعته العصبة المؤمنة، والفرقة الناجية، والطائفة المؤيدة المنصورة، فيدخلون هؤلاء الجنة وأولئك النار، وقد صمت آذانهم عن هذا البيان الإلهي المهيب في الحديث القدسي الشريف: «من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان؟ إني قد غفرت له، وأحبطت عملك؟!».
أيها الناس، هل تستحق أمتنا المرحومة ومجتمعنا المسلم الذي تقام فيه الصلوات، وتعظم فيه شعائر الله، ويكرم فيه القرآن وأهله أن يوصف بأنه مجتمع جاهلي؟! ألا ترون أن فكرة الاستعلاء بالإيمان هي المادة الخام التي قام عليها نمط التكفير، وفي الوقت ذاته كانت البذرة الأولى لظاهرة الإلحاد المعاصر.
احذروا أيها السادة من كل عجب وكبر وتشدد في دين الله ينجرف صاحبه من حيث لا يدري إلى الإرهاب، ومن الغريب أن يظن في نفسه أنه على صواب؛ لأنه يأخذ بظاهر التدين، ويغيب عنه باطن السعة والرحمة والتواضع لخلق الله جل جلاله.
ويا أيها المستعلي على خلق الله، حنانيك، لا تكن صاحب فكر أهوج واندفاع طائش، بل استشعر نعمة التوفيق الإلهي  لطاعة رب العالمين، وتذوق حلاوة قوله تعالى: {الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله}، وليكن منهجك {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك}.
لا تكن صداميا، ولا متسارعا، ولا متعاليا، ولا متكبرا، ولا متغطرسا، تحقق- هداك الله- بمقام العبودية، طهر قلبك من باطن الإثم، وكن على مراد الله في الخدمة، وقرب الناس إلى ربهم باللطف والرفق والتودد، وليكن شعارك {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن}.
*
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فيا أيها النبيل، كن سلما سلاما، أمنا أمانا للدنيا كلها، كن كريما مكرما لخلق الله، لا سيما المرأة التي أحاطها الجناب الأكرم صلوات ربي وسلامه عليه بكل صور التقدير والإجلال والاحترام، وأوصى بالإحسان إليها، فقال: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي»، وقال صلى الله عليه وسلم: «أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائهم».
فهذه يا سادة حيثيات الخير ودلائل النبل؛ أن تكون رفيقا مع المرأة، رافضا للعنف والتعنف، فليس من حسن الخلق أن تكون عنيفا مع زوجتك أو ابنتك أو أختك، فتضرب هذه وتشتم هذه، وتقسو على هذه، وتسيئ فهم قيمة الرجولة، ويضطرب في ذهنك المراد من قول الله جل جلاله: {الرجال قوامون على النساء}، فليس الأمر كما ظننت، إن القوامة الحقيقية أن تكون سندا للمرأة ظهرا حاميا لها، القوامة معاملة بالمعروف، لا إتيان للمنكر من القول والفعل، القوامة تنفيذ الأمر الإلهي {وعاشروهن بالمعروف}، القوامة أن تكون جميل الصفات، سخي الأخلاق، ناشرا للخير،  ناثرا السعادة في أرجاء البيت.
أيها الكرام: ليس من المروءة أن يتعرض الجبناء الخبثاء للمرأة المكرمة بالتحرش والمعاكسة والمضايقة، إن هذا الفعل المشين لؤم وقبح، أين هذا الفعل القبيح المعيب من هذا البيان النبوي المهيب: «إن دماءكم، وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم».
وهذه وصية لكل امرأة: إذا تعرضت للعنف أو التحرش أو التنمر فإياك أن تظني أنك ضعيفة فتسكتي عن حقك، بل يلزمك أن تبلغي عن مثل هذه الوقائع، ليرجع الجبناء عن سوء صنيعهم، وينالوا جزاءهم، ويعيش المجتمع حياة كريمة آمنة مطمئنة، يسودها الأدب والاحترام والتوقير.

أخبار متعلقة :