"من سام بردويل إلى جويس منصور".. كتب تناولت السريالية في مصر - الهلال الإخباري

 السريالية في مصر تاريخ طويل وممتد بدا منذ بدايات  القرن الفائت كمشروع فني ظهر في أوج ألقه مع  جماعة الفن والحرية، يرى بعض الباحثين والفنانين انها دخلت في عزلة منذ السبعينيات، وكاد الحديث عن السوريالية ان يصبح جزء من الماضي، إلا ان اصوات من مترجمي وفناني مصر  يمكن القول انهم  قاموا ببعث السريالية من جديد عبر  ترجمة  مايتعلق بها وتقديم عروض وجاليرهات ونصوص راهنة تؤكد على  وجودها في راهننا  في التقرير التالي تعرف على ابرز الكتب التي تناولت السريالية في مصر.

 

سام بردويل السريالية في مصر.. الحداثة وجماعة  الفن والحرية 

قال الشاعر والمترجم عبد الرحيم يوسف، إن هذا الكتاب كما جاء على لسان بردويل "يقدم هذا الكتاب سردًا شاملًا للأعمال الفنية والنصوص الأدبية والكتابات النقدية لهذه الجماعة المصرية. إنه تحليل مبدع يدعونا إلى إعادة النظر في التعريفات وطرائق الفهم الموجودة للحركة السريالية، ويقيم توازنًا بين البحث التاريخي التفصيلي والتساؤل النظري المستفز." 

ويتابع: "إلى جانب تسليط الضوء على أنشطة جماعة الفن والحرية، يرسم بردويل خريطة اتصالات الجماعة الدولية بالسرياليين. كما يلفت المؤلف الانتباه إلى مناهضتهم للفاشية ورفضهم لفكرة ’الفن للفن‘ البورجوازية، لكنه أيضًا يؤكد على أن جماعة الفن والحرية لم تشارك في المشروع السريالي دون تغيير نسيجه فمن خلال تحليل مدقق لمراسلات لم تُنشر من قبل، يثبت بردويل أن جماعة الفن والحرية -على عكس مزاعم سابقة- نشأت من قلب هموم محلية معينة، أدت بهم إلى الاختلاف حول مسائل ثورية ملحة مع حركات منها الاتحاد الدولي للفن الثوري المستقل.

وبالمثل يقدم بردويل تأكيدًا مقنعًا على مفهومي "الواقعية الذاتية" لدى رمسيس يونان و"الفن الحر" لدى كامل التلمساني باعتبارهما جزءًا من جهود الجماعة للتفاوض مع الحدود المفاهيمية للسريالية وكذلك كتنشيط لدعوتها للثورة."

ومن مقدمة سام بردويل للكتاب:

كررت جماعة الفن والحرية مشروعًا اجتماعيًا معقدًا كانت تنادي به منذ منتصف ثلاثينيات القرن الماضي فصاعدًا، وستستمر في الدعوة إليه لأغلب ما بقي من العِقد التالي. في اللحظة الأخيرة من الوقت الضائع، قدمت هذه المجموعة من "اللامنتمين" -كما اعتادت المصورة الفوتوغرافية لي ميلر Lee Miller (1907-1977) أن تدعوهم- قناعةً بفن نابع من المسؤولية بدلًا من الامتياز (نجد أن من الواجب علينا)، ويؤكد انحيازه ضد أي شكل من القيود (ليعبر عن حريته وحيويته)، ويفعل هذا الآن، في الحاضر ذاته (في الوقت). رفضت جماعة الفن والحرية ما تصورته بالأكاديمية المستوردة التي أقرَّتها دولة/مَلَكية تسعى وراء الدعاية، وتمردت ضد سلطة استعمارية قمعية، وانفصلت عن الأخلاقيات البورجوازية المحافظة التي احتفت بالفن من أجل الفن. بعد عِقد من الزمان، دون أن يخلو الأمر من فضيحة، سينتهي الأمر بالعديد من أعضاء الجماعة في السجن أو في المنفى.

 

      

                                                                                                   

"كتاب الفن الحر.. بالألوان الطبيعية وكتابات أخرى"

قال الكاتب الروائي علي قطب: "كتاب الفن الحر.. بالألوان الطبيعية وكتابات أخرى" الصادر عن بيت الحكمة للثقافة والذي تشرفت بالعمل على جمعه. يبدأ ببورتريه كتبه جورج حنين على كامل التلمساني.

وتابع: يضم الكتاب عملي كامل التلمساني المنشورين "سفير أمريكا بالألوان الطبيعية، وعزيزي شارلي"، بالإضافة إلى  ومجموعة منتقاة من أهم مقالاته المواكبة لحركة تطور الفنون عبر الثقافات.، وبعضا من رسومه، ومسودات من سيناريو فيلم مجرم في أجازة.

وأشار “قطب” إلى أن كامل التلمساني يعد أحد المنظرين للسيريالية في الفن التشكيلي مع جورج حنين وفؤاد كامل، وهي مذهب فني تحرر من التقليد المنطقي الصارم الذي يفرض القواعد المعيارية على العمل الفني، وهذا يعني أن التلمساني ينظر إلى الفن بوصفه مجال حر يخرج الطاقة الشعورية والفكرية من روح المبدع ولا يسجن المشاعر في صور جاهزة طبقا لعلاقات محددة بين المفردات في اللوحة، والنمطية ترضي الذوق الاستهلاكي الذي يتاجر بالفن على حساب تحرير العقل في الإبداع. 

وأكد قطب، أن التلمساني هنا يدعم الفن الحر الذي انطلق مع محمود سعيد في مصر، وسيلفادور دالي على المستوى العالمي وهذا في وقت مبكر كانت المعيارية فيه هي الأساس الذي تبني عليه الكلاسيكية والرومانسية والواقعية دعائم الإبداع في الفنون التشكيلية.

وختم قطب هذا التوجه من المبدعين المصريين الذين يتابعون التيارات الجديدة في العالم يدل على رغبة المثقف الفنان أنذاك في نقل أحدث طرق التعبير، واضعا في اعتباره أن التجديد في الفن هو أساس تجديد العقل والمفاهيم وأساليب الحياة.

محسن البلاسي: "راية الخيال" كان بوابتي الأولى للسريالية 

قال الكاتب والفنان التشكيلي محسن البلاسي: بدأت اهتماماتي بالكتابة عن السريالية في مصر أو اكتشافي لبوابة هذا السحر الأرضي مع قراءاتي الأولى لكتاب "السريالية في مصر" للأستاذ الكبير سمير غريب، بالإضافة إلى ترجمات الأستاذ بشير السباعي وأعمال الشاعر والمفكر العراقي الفرنسي العظيم عبد القادر الجنابي. لكن الحقيقة أن كتاب "راية الخيال" للأستاذ سمير غريب كان هو بوابتي الأولى للانجذاب لتقنيات النصوص الأدبية السريالية أو فعل الكتابة السريالية بشكل عام، وبين أروقة هذا الكتاب الرائد اكتشفت شعراء سرياليين عظماء من مؤسسي ومخترعي السريالية في بداية القرن الماضي مثل أندريه بريتون وتريستان تزارا وبنجامان بيريه ولوي آراجون وبول إيلوار، بعدها بدأت أكتب نصوصًا شعرية مستلهمًا تقنياتي الشعرية الأولى من هؤلاء الشعراء السرياليين الأوائل.

وتابع البلاسي: كان عمري عشرين عامًا أعتقد حينها أدركت أنني ولدت سرياليًا مثل غالبيتنا، بعدها بسنوات بدأت أطور تقنياتي الشعرية الخاصة وأتعرف أكثر وأكثر على عوالم السريالية اللانهائية، وبالطبع جزء كبير منها كان السريالية في مصر وجماعة الفن والحرية وصالون ماري كافاديا في الزمالك، هذا الكهف الغامض والحاسم والرئيسي في تطور حركة الفنون والآداب في مصر في النصف الأول من القرن الماضي.

"الخيال الحر " البحث عن تاريخ السريالية العالمية 

واشار البلاسي  بعد ثلاث مجموعات شعرية ونثرية صدر لي كتاب بحثي تحت عنوان "الخيال الحر" عام 2017 كان جزءًا كبيرًا منه محاولات بحثية سريعة لتسليط الضوء على بعض ما لم يُكتشف بعد في تاريخ السريالية في مصر، في نفس العام بدأت على مستوى الفن التشكيلي في التعرف وإقامة علاقات وطيدة مع فنانين سرياليين من الحركة السريالية العالمية المعاصرة وأسسنا مجموعة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا السريالية مع مجموعة كبيرة من فناني وكتاب الشرق الأوسط وأصدرنا مجلة سريالية عالمية من باريس جمعت كافة المجموعات السريالية في العالم ويشرفني رئاسة تحريرها بالعربية والإنجليزية والفرنسية وبهذا عادت السريالية حية قوية وفاعلة في الشرق الأوسط ثم نظمنا المعرض الدولي للسريالية في القاهرة باسمه الرسمي الممتد لمائة عام لأول مرة منذ مائة عام خارج أوروبا وأمريكا. بعدها صدر كتابي البحثي الحاصل على جائزة ساويرس في النقد الأدبي 2022: "رحلة كامل التلمساني/السريالي في مواجهة الواقعي" وفي هذا الكتاب عبر رحلة حياة كامل تناولتُ نتاج أعضاء جماعة الفن والحرية وعلاقاتهم المتشعبة ببعضهم البعض وبالحركة الأدبية في ذلك الوقت.

كان إحساسًا ساحرًا بالنسبة لي أن يكتب مقدمة هذا الكتاب أول من أرشدوني لهذا السحر الدائم والخالد والغامض الذي يسمى السريالية.

"جويس منصور طفلة مسك الروم"سيرة بحثية

أشار |البلاسي" إلى أن كتاب "جويس منصور طفلة مسك الروم " جاء كرحلة بحثية عبر650 صفحة يستكشف حياة جويس منصور الشاعرة السريالية المصرية الأعظم بمصاحبة حفر نقدي في مراسلاتها وحكاياتها وفعالياتها، مع مجموعة باريس السريالية، والفنانين والشعراء المحيطين بها". وقد أهدتني عائلة جويس كافة وثائق وخطابات وصور جويس وأرشيفها الكامل لأستعين به في الكتاب. لأول مرة بالعربية.

وأوضح: حفر الكتاب جوانب كثيرة مجهولة في حياة جويس الإنسانية والإبداعية، فهي لم تكن شاعرة فحسب كما يعتقد الكثيرون، بل مفكرة ومنظرة، نشرت أعمالًا سردية وقصصية، ونشطت في الحركة السريالية، ووقفت على خشبة المسرح وقدمت نصًا لفرجينيا وولف "المياه العذبة"، وشاركها التمثيل يوجين يونيسك.

وأكمل: جاء الكتاب بمقدمة لشعراء وسرياليين عالميين؛ فمن الشعراء الأمريكيين، كانت هناك مقدمات لكل من ويل ألكسندر الحائز على جائزة بوليتزر في الشعر، وريكي ديكورنيه، الحائزة على جائزة الأكاديمية الأمريكية للفنون والآداب وجورجيا بافليدو، والفرنسي لوران دوسيه مدير بيت "أندريه بروتون" التابع لوزارة الثقافة الفرنسية

 

جويس منصور و"قصص مؤذية" 

أما عن كتاب "قصص مؤذية" وترجمتي للأعمال النثرية والقصصية السريالية الكاملة لجويس منصور لأول مرة للعربية من إصدارات منشورات المتوسط/إيطاليا وهو كتاب يجمع بين غلافيه جميع ما كتبته نثرًا، وقصصًا تُترجم لأول مرة للعربية.

وتركت جويس 16 كتابًا في الشعر، بالإضافة إلى عدد من كتابات النثر والمسرح الهامة: "الراقدون الراضون"، و"يوليوس قيصر"، و"زرقة الصناديق" (مسرحية)، و"الذي/التي"، و"قصص مؤذية".

وهناك دراسة مطولة كتبتها في مقدمة الكتاب عن قصص جويس منصور وجويس القاصة وليس الشاعرة بالإضافة إلى مقدمة كتبها الشاعر الفرنسي بيير باتيو.