نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أيديولوجية اليمين واليسار بين الراديكالية والليبرالية - الهلال الإخباري, اليوم الاثنين 3 مارس 2025 04:22 صباحاً
بدء تداول هذين المصطلحين في بداية نشوء الثورة الفرنسية عام 1789، عندما أدى الاختلاف في وجهات النظر بين أعضاء الجمعية الوطنية ما بين مؤيد ومعارض للملك لويس السادس عشر، وأدى اختلافهم لتفريقهم في أماكن الجلوس داخل البرلمان الفرنسي، حيث كان مؤيدو الملك يجلسون على يمينه، بينما جلس معارضوه على يساره، ويفصل بينهم الأعضاء المعتدلون.
بعد ذلك تطورت هذه التصنيفات لوصف الفروقات الأيديولوجية بين الأحزاب، حيث تعتبر الأيديولوجية هي المحرك الأساسي لمعتنقي فكر معين، وتعرف بأنها العقيدة الفكرية التي توجه سلوك معتنقي فكر ما لسلوك معين، وهذا ما يفسر الأسس الأخلاقية والسلوكية لمعتنقي بعض الأفكار العقائدية أو الحزبية، حيث إن هذه الأيديولوجية تعمل على تبرير هذا السلوك وإضفاء الشرعية عليه وبالتالي دفاعهم عنه، ونتيجة للواقع الحالي سريع التغير، فإن الأيديولوجيات أصبحت متغيرة لتأثرها على مر السنين بالأحداث الجارية محليا ودوليا.
مع مرور الوقت وتطور علم السياسية، بالإضافة للاستقرار العام للأحزاب على أيديولوجيتها، فقد صنفت بعضها بأنها ذات توجه يميني أو يساري، فعلى سبيل المثال في الولايات المتحدة يصنف الحزب الجمهوري بأنه حزب اليمين، ويصنف أتباعه بالتقليديين، بينما يصنف الحزب الديموقراطي بأنه حزب اليسار ويطلق على أتباعه بالمستقلين، أما المعتدلون فقد أطلق عليهم الدستوريين.
يعرف عن حزب اليمين اهتمامه بمواضيع كالتقاليد والقومية والنظام، ومن اتباعه المحافظون والفاشيون، بينما يركز حزب اليسار على مواضيع مثل الحرية والمساواة والحقوق، ومن أتباعه الاشتراكيون والشيوعيون والليبراليون، الجدير بالذكر أنه وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ظهرت بعض الأحزاب نتيجة للأيديولوجيات المنهزمة، مثل الأحزاب الاشتراكية، وأحزاب اليمين المتطرف أو أقصى اليمين، وتشمل الفاشية والنازية، والتي تميل للتفضيل العرقي، أما حزب اليسار المتطرف أو أقصى اليسار فقد ظهر مع تنامي قوة الاتحاد السوفيتي ومناداته بالعنف الثوري.
سياسيا، يعرف عن التيار اليميني الوسط أو التقليدي بتدخله في الشأن العائلي بصورة معتدلة للمحافظة على التقاليد والأعراف، أما التيار اليميني المتطرف فيعمل على التدخل القسري لفرض تطبيق القيم والتقاليد بالإجبار بدعوى المصلحة العامة والحفاظ على المجتمع، وبادعاء المباركة من تابعيه.
أما تيار اليسار الوسط أو التقليدي فيعمل على تغير المجتمع والقوانين بطريقة معتدلة لضمان التساوي في الحقوق للجميع، بينما يعادي بعنف تيار اليسار المتطرف التقسيمات الطبقية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بين أفراد المجتمع، ويسعى لمقاومة ومعارضة هذا التقسيم بكل عنف ومحاولة منع استمراره.
اقتصاديا، يعرف عن حزب اليمين مناداته بعدم تدخل الحكومات في الاقتصاد وتشجيع الأسواق الحرة وفرض ضرائب أقل، بينما يعرف عن أحزاب اليسار مناداتها بتدخل الحكومات في الاقتصاد وفرض ضرائب أكثر على التجار لاستخدام هذه العائدات في قطاعات كالتعليم والصحة لمصلحة ذوي الدخل المحدود.
تاريخيا، كان الانتماء لحزب اليمين مرتبطا بذوي الطبقات العليا في المجتمع، وذلك لقربها من صنّاع القرار وتحقيق مصالحهم الاقتصادية والحزبية، بينما شكل أغلب المنتمين لحزب اليسار الطبقات المجتمعية الكادحة التي رغبت في تحقيق تغير كبير يضمن حقوقهم، ويساعدهم في الحصول على فرص أفضل.
أيضا على المستوى التاريخي، فقد واجهت الأحزاب في بدايات نشأتها محاولات للقضاء عليها تجنبا لما قد يحصل لاحقا من انقسامات حزبية وتباين في آراء الشعوب مما يعيق نمو الدول وتقدمها.
من جهة أخرى تعرف الليبرالية الكلاسيكية بأنها فلسفة أو توجه سياسي مبني على أفكار الحرية والمساواة، منها أيضا الليبرالية الاجتماعية والاقتصادية والإسلامية وغيرها، جميعها تدعم الحريات، كل في مجاله، كحرية الدين والصحافة والاقتصاد وغيره. يوجد اعتقاد بأن الليبرالية جزء من حزب اليسار فقط، والذي يدعم التغيير، لكن في حقيقة الأمر فإن هذا الأمر نسبي طبقا لأهداف الأحزاب بشكل عام، حيث إنه وفي الولايات المتحدة يوجد استثناء لهذا الاعتقاد لأن الليبرالية جزء من حزبي اليمين واليسار، الجمهوري والديموقراطي، حيث ينتمي الليبراليون اليمينيون لحزب اليمين، بينما ينتمي الليبراليون اليساريون والليبراليون الاجتماعيون لحزب اليسار.
بالإضافة لهذا، تعرف الراديكالية بأنها تعمل على إحداث تغير جذري باستخدام أساليب ثورية لعمل تغير جوهري، وعكسها هو الفكر الرجعي، بصفه عامة يتم وصف الأحزاب اليسارية بالراديكالية لما تحتويه هذه الأنظمة من تغيرات ثورية، إلا أنه وفي الولايات المتحدة يتم إلصاق صفة الراديكالية في حزب اليمين أيضا لما له من بعض الأفكار الثورية التي تهدف لإحداث تغير جذري في بعض القوانين السائدة، حيث يوجد اليمين الراديكالي واليسار الراديكالي.
ختاما، طبقا لقوانين العلوم السياسية، فعند الحديث عن الأحزاب السياسية يتوجب تحديد توجهاتها إما باليمين أو اليسار، لأن التصنيف السياسي العام لا يكفي لوصف أهدافها وتوجهاتها، إلا أن العديد منها يرفض هذا التقسيم لعدة أسباب، مثلا لا تود بعض الأحزاب الانتماء لليمين أو اليسار لوجود أهداف مشتركة لها في التوجهين، لذا ترى أن هذا التصنيف لا ينطبق عليها، كما تقف بعضها في الحياد وترى أن كلا التوجهين يمارسان بعض الأهداف المتطرفة بما يخدم قضايا فئة دون الأخرى، لذا لا تريد أن تصنف معهم، بينما البعض الآخر يرى أن في وصف اليمين واليسار الشيء الكثير من العنصرية والتمييز العرقي لتحديد فئة المنتمين للحزب حسب الطبقة الاجتماعية أو العرق.
g_alyazidi@
أخبار متعلقة :