براءات اختراع جامعة الملك فيصل وصياغة العلاقة بين الفكر والواقع - الهلال الإخباري

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
براءات اختراع جامعة الملك فيصل وصياغة العلاقة بين الفكر والواقع - الهلال الإخباري, اليوم السبت 15 مارس 2025 05:16 مساءً

عندما تأسست جامعة الملك فيصل قبل نحو أكثر من نصف قرنٍ من الزمان؛ جعلت من نفسها منارة اشعاعٍ للعلم والمعرفة؛ وكانت نقطة الانطلاق بإنشاء كلية العلوم الزراعية والأغذية، وكلية الطب البيطري والثروة الحيوانية؛ حيث كانت أعداد منسوبي الجامعة آنذاك "170" طالبًا و"46" من أعضاء الهيئة التدريسية؛ لتتصدر اليوم وفي ظل رؤية المملكة 2030 جامعات العالم بحصيلة 631 براءة اختراع؛ مختطفة المركز الأول عالمياً؛ ومتفوقة على جامعات أمريكية عريقة مثل: جامعة كاليفورنيا ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.

وبمتابعة من رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور عادل بن محمد أبوزناده؛ وبرؤية عبقرية من وكيل الجامعة للدراسات العليا والبحث العلمي الأستاذ الدكتور عبدالرحمن الليلي؛ حققت الجامعة هذا الزخم البحثي والطفرة المعرفية والغزارة العلمية؛ وأعادت صياغة العلاقة بين الفكر والواقع؛ والمضي نحو الابتكار كنتاج لتراكم المعارف؛ بعيداً عن قيود الإدراك التقليدي، وتجاوز لما هو قائم، وايجاد لما لم يكن موجودًا من قبل.. كما يقول الفيلسوف الألماني مارتن هايدغر، فعلُ كشفٍ للحجاب عن الوجود؛ حيث تصبح الأشياء أكثر وضوحًا في علاقتها بالإنسان؛ فعندما تتصدر جامعة الملك فيصل قائمة الابتكار، فإنها لا تقدم مجرد أرقام وإحصائيات؛ بل ترسخ فلسفة إنتاج المعرفة، والإبداع العلمي. وهو النهج الذي دأبت عليه عمادة الدراسات العليا والبحث العلمي بالجامعة.

مع هذه الريادة العالمية استدل برؤية توماس كون في كتابه "بنية الثورات العلمية"؛ عندما أكد أن التقدم المعرفي لا يسير بخط مستقيم؛ بل عبر قفزات نوعية؛ حيث تتغير النماذج السائدة، ويولد فهم جديد للواقع.. فيما يرى ألبرت أينشتاين؛ وهو أحد أكثر العقول ابتكارًا في التاريخ؛ أن الخيال أهم من المعرفة؛ لأن المعرفة محدودة؛ بينما الخيال يحيط بالعالم بأسره. فما تحقق في جامعة "كفو" لم يكن نتيجة تراكم بيانات؛ بل هو إعلان بأن المراكز الفكرية ليست ثابتة؛ بل تتغير وفقًا لمن يمتلك القدرة على تجاوز أنماط التفكير خارج الصندوق.

إن تسجيل جامعة "كفو" 631 براءة اختراع ليس مجرد تفوقاً كمياً؛ بل هو تعبير عن تحول في الكيف؛ فمنذ عهد أفلاطون كان السؤال الجوهري في الفلسفة هو: ما الذي يجعل المعرفة حقيقية؟؛ وهنا تجيب الجامعة عملياً على السؤال؛ حينما تصبح المعرفة ذات قيمة عندما تتحول إلى قوة مؤثرة تقود إلى تغيير ملموس في العالم؛ فقد تجاوزت الجامعة النموذج التقليدي للبحث الأكاديمي؛ لتجعل من الابتكار مشروعًا ديناميكيًا يسعى لربط الفكر بالمجتمع، والمختبر بالاقتصاد، والعلم بالحياة اليومية.

لكن التحدي الحقيقي لا يكمن في تسجيل الأرقام القياسية؛ بل فيما يلي ذلك؛ فكان إيمانويل كانط يرى أن "التنوير هو خروج الإنسان من حالة القصور التي فرضها على نفسه"، والابتكار لا يكون فعليًا إلا إذا أدى إلى تحولات عميقة في البنية الاجتماعية والاقتصادية؛ فإذا كانت جامعة الملك فيصل قد كسرت القواعد التقليدية؛ فإن هذا لا يعني فقط تحويل الأفكار إلى تقنيات؛ بل إيجاد بيئة تفكر بطريقة مختلفة؛ حيث يصبح الابتكار ليس مجرد أداة للتنافس الأكاديمي؛ بل فلسفة حياة، ومنهجًا لرؤية العالم.

وكان العالم نيتشه يرى أن "العظمة ليست في الوصول، بل في تجاوز الذات باستمرار"؛ وهذا هو التحدي الحقيقي للابتكار، ألا يكون غاية في حد ذاته؛ بل أن يكون نقطة انطلاق لمرحلة جديدة من التفكير والتجديد؛ فإن تصدّر جامعة سعودية لمشهد الابتكار العالمي؛ لا يعني فقط تفوق مؤسسة أكاديمية؛ بل يمثل لحظة فارقة في مسيرة المعرفة البشرية، ولحظة تعيد تعريف مواقع القوة الفكرية، وتثبت أن الإبداع ليس حكرًا على مكان أو زمان؛ بل هو فعل تحرر من كل ما هو مألوف.. بحث لا نهائي عن الحقيقة، واستعداد دائم لإعادة القوة الناعمة في عالم المعرفة.

أخبار ذات صلة

0 تعليق