نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
كبح جماح الأثرياء! - الهلال الإخباري, اليوم الثلاثاء 18 مارس 2025 01:22 صباحاً
قال إيلون ماسك على منصته «هتلر لم يقتل ملايين الأشخاص، بل موظفو القطاع العام فعلوا ذلك!» ويبدو أنه لم «يرجّ» الجملة في رأسه قبل أن ينطق بها، لأنه لو «رجّها» جيدا، لاحتفظ بها لنفسه، فقد «رجّها» بعد فوات الأوان، واكتشف الكارثة، فقرر حذفها بسرعة، وكأن زر الحذف هو آخر اختراع ذكي توصل إليه!
والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا يصر بعض الأثرياء على ألا يكتفوا بجمع المال وزيادة الاستثمارات، بل يريدون لعب دور المثقف والسياسي والمفكر والفيلسوف... وربما قريبا عالم الفضاء والرياضيات والطب النووي؟! أعرف واحدا منهم حتى الأفلام دخل مجالها - وطبعا، بفلوسوو! بل وربما قريبا سيتصدرون نشرات الأخبار كمحللي طقس لمنافسة الزعاق والمسند على توقعات الأمطار، بل وكبار جراحي المخ والأعصاب لو فهموا قليلا في هذا الأمر!
يراهن الأثرياء على أن أموالهم قادرة على تحقيق أي شيء، وكأن المال عصا سحرية لا تنكسر! يؤمنون أنهم بمنأى عن أي رادع، وأن ثرواتهم تمنحهم حصانة ضد المساءلة وتنقذهم من العزلة، فكانوا محصورين بين موظفيهم الذين يكررون لهم عبارات «سم وابشر» فلا أشياء مثيرة يشتريها بأمواله من أجل فرض كلمته. وكلما تضخمت أرصدتهم، تضخم معها هوسهم الإعلامي، ليس حبا في الإعلام، بل لأنه الوسيلة المثلى لتعويض ما حُرموا منه!
فإن حُرموا من التعليم، نصبوا أنفسهم عباقرة زمانهم، وتكلموا كما لو كانوا حاصلين على شهادات عالمية أو وكأنهم سقراط في هيئة مصرفيّ متخم! وإن كانوا من أولئك الذين لا يعرفون الفرق بين التريث والتهور، تفننوا في ارتداء عباءة الحكمة، يخطبون كأن الجاحظ وابن المقفع أعادا بعثهما خصيصا لينطقا بلسانهم! المال عندهم لا يشتري الذكاء، لكنه يشتري أبواقا تهتف بعبقريتهم المزعومة، حتى يكاد الواحد منهم يصدق أنه فيلسوف، بينما هو في الحقيقة مجرد ملياردير يعاني من تضخم في «الأيجو» لا في العقل!
واحدة من أبرز أدواتهم هي الادعاءات القديمة التي تتكرر منذ أول ثري عرفه التاريخ حتى آخر ملياردير هبطت عليه الثروة كالمعجزة. وأشهرها: أنهم يملكون قدرة خارقة على استشراف المستقبل! فبما أنهم أصبحوا أثرياء، فلا بد أنهم قرأوا المستقبل بشكل صحيح، وكأن حساباتهم المصرفية جاءت نتيجة ذكاء مفرط لا مجرد سلسلة من الصدف السعيدة.
أما عن الحظ فلم تأتِ ثروتهم من حظ أبدا! فهم لا يؤمنون به أبدا! لأنهم - بزعمهم - «قاتلوا» من أجل هذه الثروة، رغم أن واقعهم كله، من رؤوسهم حتى أرصدتهم، ليس سوى كتلة من الحظ تمشي على الأرض، ترتدي ساعة من الألماس وتشتكي من ضرائب الأثرياء!
وإن فشل أحدهم؟ لا مشكلة! عندها ينطق لسان الحكمة الزائفة ليقول «كنت أريد استكشاف هذا النوع من الاستثمار» أو يلقي باللوم على أحد مديريه، وكأن الفشل مجرد لعبة تحليلية، لا دليلا على أن عبقريته المالية المزعومة لم تكن سوى فقاعات صابون مذهب.
وأخيرا، إليك حكمة عظيمة، لم يقلها أبو عثمان الجاحظ، ولم ترد في كتب عبدالله ابن المقفع، ولم يسمع بها آباؤهم ولا أجدادهم، لكنها تليق بزمننا هذا «إن أردت أن تعرف أخلاق إنسان، فلا تحكم عليه وهو فقير، بل انتظره حتى يغتني»، فالأدب والتواضع غالبا ما يكونان مجرد أزياء يرتديها الناس حتى تصلهم رسالة البنك بوجود أول مليون في الحساب! والخلاصة: أنت تاجر جيد، لكنك لست متحدثا جيدا، ولست إعلاميا جيدا، ولست مثقفا جيدا، ولست عالما جيدا!
Halemalbaarrak@
0 تعليق