نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
"تريند البنات الشعراء"..: تحوّل في بوصلة الإبداع وكواليس تُعيد رسم خريطة الكلمة - الهلال الإخباري, اليوم الاثنين 14 يوليو 2025 09:52 صباحاً
في زمن تغيّرت فيه خرائط التأثير الفني، واحتلت السوشيال ميديا مكانة مركزية في تشكيل الذوق العام، برز على السطح ما يمكن وصفه بـ "تريند البنات الشعراء"، وهو توجه جديد من شعراء الجيل الحالي الذين باتوا يوجّهون إبداعاتهم بشكل مباشر للفتيات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بدلًا من التعاون المعتاد مع المطربين والملحنين.
و هذه الظاهرة لم تأتِ من فراغ، بل هي نتاج طبيعي لتغيرات ثقافية وإعلامية سريعة، أعادت تشكيل العلاقة بين الشاعر والجمهور، وبين الكلمة ومنبرها، وبين النص والغاية منه. الكلمة التي كانت تنتظر صوتًا يغنيها، باتت اليوم تصل إلى القلوب من خلال "بوست"، أو "ستوري"، أو مقطع صوتي بسيط، لكنه نافذ.
لماذا يكتب الشعراء للفتيات وليس للمطربين؟
السؤال المحوري الذي بات يُطرح داخل الأوساط الفنية هو: لماذا يفضّل عدد متزايد من الشعراء الجدد كتابة كلماتهم للفتيات، عوضًا عن توجيهها إلى المطربين؟
الإجابة، وفق مراقبين للساحة، تتمثل في ثلاثة عوامل رئيسية:
أولًا، سهولة التفاعل والانتشار الرقمي؛ ثانيًا، شعور الشاعر برد الفعل الفوري من الجمهور النسائي؛ وثالثًا، تراجع فرص التعاون الفني نتيجة صعوبة الوصول إلى المطربين أو تأخر تنفيذ الأعمال الغنائية.
الناقد والمنتج الموسيقي نصر محروس أشار في أكثر من مناسبة إلى أن السوق لم يعد يتحرك بمنطق الأغنية الكاملة فقط، بل بمنطق "الجملة القاتلة" أو "اللازمة التي تتحول إلى حالة عامة".
وهذا ما يفعله الشعراء الجدد تمامًا: يصنعون الحالة، وينشرونها في شكل مقاطع قصيرة، تستهدف مشاعر الفتيات، فتجد صدى واسعًا وانتشارًا استثنائيًا.
رأي منه القيعي: "ده مش تراجع.. ده إعادة تموضع"
الشاعرة والكاتبة منه القيعي، المعروفة بلمستها الحسية في كتابة الأغنيات، علّقت سابقًا في أحد اللقاءات أن كتابة الشاعر للبنات أو للجمهور مباشرة "ليست بديلًا عن الأغنية، لكنها امتداد طبيعي لحالة الشاعر الإنسانية"، موضحة أن التفاعل المباشر لا يُلغي الأغنية بل يفتح مسارات إبداعية موازية، يكتشف الشاعر من خلالها مدى تأثير كلماته في الناس.
وأضافت: "أحيانًا يحتاج الشاعر أن يكتب دون وسيط. أن يختبر وقع كلماته بشكل فوري، وهذا لا يقلل من قيمة التعاون الفني، لكنه يمنح الكاتب مساحة حقيقية للتعبير."
أمير طعيمة: الكلمات التي تُحس.. لا تنتظر صوتًا
الشاعر الكبير أمير طعيمة أكد في حوار سابق أن الكلمة الصادقة تصل مهما كان الوسيط، مشيرًا إلى أن الشاعر المعاصر لم يعُد محكومًا فقط بمقاييس الصناعة التقليدية، بل أصبح جزءًا من منظومة تواصل حديثة فيها الجمهور ليس فقط متلقيًا، بل صانعًا للانتشار.
وأعرب عن تقديره لكل من يكتب من قلبه، سواء كانت وجهته فنانًا أو فتاة عادية على فيسبوك: "المهم أن الكلمة تُحس. أما المنبر، فقد تغيّر."
أيمن بهجت قمر: "ما يحدث طبيعي في ظل تغيّر الوسائط"
أما الشاعر والسيناريست أيمن بهجت قمر، فقد عبّر مرارًا عن إدراكه لمدى تغيّر طبيعة النشر والتواصل، مشيرًا إلى أن الجيل الجديد لا يعيش في عزلة عن التكنولوجيا، بل يُنتج شعرًا ضمن مناخ مختلف تمامًا، تحكمه الإيقاعية الرقمية وردود الفعل اللحظية.
وهو يرى أن هذا التوجه ليس خروجًا عن الفن، وإنما نوع من التعبير الشخصي الإبداعي السريع، الذي قد يتحول لاحقًا إلى أغنية مكتملة إذا لمس القلوب بالشكل الكافي.
مدحت العدل: الكلمة تعود إلى أصلها
الشاعر والكاتب الكبير مدحت العدل ذهب في أحد تصريحاته إلى أن "عودة الشعر إلى الشارع، عبر الفتيات أو وسائل التواصل، هو في الحقيقة عودة طبيعية للكلمة إلى أصلها الإنساني". وأضاف:
"الشعر لم يُخلق فقط للأغنية، بل للبوح، والمكاشفة، والمواجهة. وما يفعله الجيل الجديد الآن هو استرداد صوت داخلي ما دام حُبس في استوديوهات الإنتاج."
هل نحن أمام ظاهرة أم تحوّل دائم؟
وفق ما يرصده "الفجر الفني"، فإن "تريند البنات الشعراء" لم يعد حالة عابرة بل بات نموذجًا معترفًا به في عالم التعبير الفني، حيث تنتقل الكلمة مباشرة من وجدان الشاعر إلى قلوب البنات، دون انتظار لحن، أو توزيع، أو توقيع عقد.
المعادلة الجديدة تُعيد التفكير في أدوار الأطراف الثلاثة: الشاعر، المطرب، والجمهور.
فبينما ظل المطرب لعقود هو الواجهة الأولى للكلمة، بات الجمهور وتحديدًا الفتيات هو المقياس الحقيقي لصدقها وانتشارها.
0 تعليق