نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مهرجان الفجيرة للمونودراما يستعرض تجارب ريادية عربية - الهلال الإخباري, اليوم السبت 12 أبريل 2025 09:06 مساءً
الفجيرة: محمد الوسيلة
ناقش مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما في يومه الثاني تجارب ريادية عربية في فن المونودراما، ضمن أجندة ندوات المهرجان تحدث فيها اثنان من أبرز وجوه المسرح العربي: الفنان السوري زيناتي قدسية ونظيره اللبناني رفيق علي أحمد، والكاتبة الكويتية فتحية حداد التي تناولت تجربة الممثل الكويتي الراحل عبد العزيز الحداد.
أدار الندوة الناقد المسرحي الدكتور عجاج سليم، الذي قدّم اللقاء برؤية فلسفية أضاءت على جوهر هذا الفن.
وطرح زيناتي قدسية جملة من الأسئلة الجوهرية حول مفهوم «الآخر» في المونودراما: «من هو المتلقي؟ هل هو جمهور تقليدي، أم كائن مفترض في النص؟ هل نحن أمام حوار مع الغائب، أم مع الذات المقسّمة داخلياً؟» وقال: «نص المونودراما لا ينهض فقط من الحدث، بل من التوتّر الكامن في التجربة، ومن الأسئلة التي تظل مفتوحة بلا إجابات».
واعتبر أن هذا الفن، في شكله الأكثر صدقاً، لا يسعى إلى تمثيل الواقع، بل إلى مساءلة الذات فيه، وتفكيك علاقتها بالعالم واللغة والذاكرة. ورأى أن المونودراما، لفرط ما تبدو فردية، إنما تستبطن الآخر بوصفه مرآة مضطربة، أو خصماً متخيلاً، أو شريكاً في الصمت.
وتحدّث رفيق علي أحمد من موقع التجربة الطويلة، مستعيداً بداياته من الهامش الاجتماعي، حين قادته المصادفة والفقر إلى المسرح، بعد أن كان يحلم بالغناء والموسيقى. وأثار عميقاً حول طبيعة المونودراما بوصفها فنّاً قائماً على الالتباس.
وخصّصت الندوة لحظة وفاء للفنان الكويتي الراحل عبد العزيز حداد، أحد رواد المونودراما في منطقة الخليج، وقدّمت الكاتبة فتحية حداد شهادة مؤثرة استعرضت فيها تجربته الريادية، وذكّرت بعمله التلفزيوني «الدكتور» (1979)، الذي صوّر وحدة المهرّج الذي يُضحك الجميع بينما يعاني عزلة داخلية لا تُرى. وأكدت أن حداد كان مسكوناً بهاجس التنويع والتجريب، واستطاع أن يعمّق المونودراما إلى أقصى درجاتها النفسية.
وطرحت المداخلات لاحقاً تصوراً للمونودراما كفنٍّ يشتبك مع الواقع من خلال «المنفرد»، لكنه لا يُختزل في الذات، بل يكشف توترها مع الآخر، مع الذاكرة، مع القيم السائدة، وحتى مع اللغة ذاتها. وأجمعت الأطروحات أن هذا الفن قادر على إنتاج أثرٍ هادئ ومستمر يشبه أثر الفراشة، يتسلل إلى الوعي بعيداً عن صخب العروض الجماعية، ويترك ندبة صغيرة لا تُمحى.
وشكّلت الندوة، بما تضمّنته من شهادات وأسئلة ونقاشات، فضاءً فكريًا نابضًا أعاد الاعتبار للمونودراما باعتباره فناً لا يزال في طور البحث، لا بوصفه «عرضاً منفرداً»، بل بوصفه مختبراً لرؤية الذات في لحظتها العارية، وصوتاً جريئاً في مسرح عربي يفتّش عن ذاته في المرايا المكسورة.
0 تعليق