في السعديات.. صمتت الكلمات ونطق الضوء - الهلال الإخباري

الخليج 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
في السعديات.. صمتت الكلمات ونطق الضوء - الهلال الإخباري, اليوم الثلاثاء 6 مايو 2025 08:21 مساءً

عزيزة الأحمدي

لم تكن ليلة افتتاح «تيم لاب فينومينا أبوظبي» تُشبه المساءات المُعتادة في المنطقة الثقافية بجزيرة السعديات، القلب النابض للثقافة في أبوظبي. كان الضوء يتموّج كما لو أنه يتنفس، والصوت لا يُسمع، بل يُحس، والمكان لا يُزار، بل يُعاش.
في تلك الليلة، لم نكن جمهوراً يُشَاهِد، بل شهوداً على ميلاد فصل جديد من حكاية أبوظبي الثقافية لتعزيز الاقتصاد الإبداعي، حكاية تكتبها مدينة قررت أن تكون قلباً نابضاً بثقافة تتجدد، وتخاطب المستقبل بلغته.
هذا المشروع، لا يعزز فقط حضور أبوظبي على خريطة الفنون العالمية، بل يترجم رؤيتها في أن تكون مركزاً للإبداع الإنساني والفكر الفني المتجدد.
وسط ذلك الانسجام بين الفن والتكنولوجيا، وقف لودوفيكو إيناودي أمام البيانو، تاركاً لأنامله حرية عزف ما لم يُحكَ. كل نوتة كانت تُضيء جداراً، توقظ شعوراً، وتُذيب الحدود بين ما هو حسي وما هو افتراضي. بدا وكأن الموسيقى والضوء قد وقّعا اتفاقاً أبدياً مع اللحظة، ليرسما طريقاً نحو تجربة لا تتكرر. لحظة فنية لا تُشبه ما قبلها ولا تتكرر، حوار مستمر بين الإنسان والمكان، بين الحواس والخيال.
يمثل «تيم لاب فينومينا أبوظبي» نموذجاً حيوياً للاقتصاد الإبداعي، حيث يتحوّل الزائر إلى فنان، والتجربة إلى محتوى وقيمة مضافة. هنا، تندمج الفنون مع التكنولوجيا لخلق فرص في قطاعات السياحة والتعليم والتوظيف الإبداعي، في وقت تمثل فيه السياحة الثقافية 40% من حجم السفر العالمي، وتُعد من أسرع القطاعات نمواً في العالم، وينفق سائحها أكثر بـ38%.
ومع استقطاب «تيم لاب» في طوكيو أكثر من مليوني زائر في عام 2022، وتوقعات بنمو سوق الفن الرقمي إلى 39.4 مليار دولار بحلول 2032، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 14.08% ​ مدفوعاً بالتطورات التكنولوجية وزيادة الاهتمام بالفنون الرقمية، ​يُجسد هذا المشروع مكانة أبوظبي كمنافس قوي في قطاع الصناعات الإبداعية العالمية، بما يدعم رؤية الإمارة لبناء اقتصاد مستدام، في قطاع بات مسؤولاً عن 6.1% من التوظيف العالمي، بحسب إحصائيات المنظمة العالمية للملكية الفكرية.
«تيم لاب فينومينا أبوظبي» ليس مجرد تجربة بصرية مذهلة فحسب، بل بيئة تفاعلية يُصاغ فيها الفن أمام الزائر، من خلال تداخل الضوء والحركة والتكنولوجيا مع الإنسان. تجربة تُعاش بكامل الحواس، تمنح كل زائر فرصة لاكتشاف معنى جديد للجمال، والمشاركة في لحظة إبداعية فريدة. لم تكن فيها التكنولوجيا خصماً للخيال، بل امتداداً له كأنها تتعلّم من الفن كيف تكون أكثر إنسانية، لا مجرد أداة.
وهنا يبرز تميز هذا المشروع، فهو ليس مجرد وجهة فنية، بل بنية مُحفزة للخيال، وبيئة حاضنة للمواهب والطاقات الإبداعية، تستقبل الفنان والمبرمج والمصمم والمبتكر على حد سواء، وتصنع من تلاقيهم نسيجاً جديداً من الفنون، مما يعزز رؤية أبوظبي في تنمية المواهب وخلق وظائف مستقبلية في القطاع الإبداعي.
قال لي صديق قريب: «افتتاح تيم لاب فينومينا هو خطوة نحو القمة»، أجبته بثقة: «نعم، لكنه طموح يتحدى القمم ولا يتوقف عندها، فكل نجاح يَبلُغُه، يتحول إلى شغف جديد ومنصة ينطلق منها، وليس مجرد محطة يتوقف عندها».
وفي لحظة صمت بين عرض وآخر، وبين إضاءة وانطفاء، شعرت أن أبوظبي لم تفتتح مجرد مَعْلَم ثقافي فني جديد، بل رفعت الستار عن ملامح عالم الغد.

متخصصة في الصناعات الإبداعية

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق