نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أحمد ياسر يكتب: التوقيت والسيناريوهات والتداعيات العالمية - الهلال الإخباري, اليوم الجمعة 13 يونيو 2025 11:40 مساءً
شهدت الأسابيع الأخيرة تصعيدًا حادًا في التوترات بين إيران وإسرائيل، اتسم بتبادل التهديدات العسكرية، والهجمات الإلكترونية، والعمليات السرية في جميع أنحاء المنطقة، حتى وصلنا إلى الضربات المتبادلة منذ صباح الأمس.
أولا: لماذا الآن؟ التوقيت الاستراتيجي وراء التصعيد
1. إعادة تنظيم ما بعد غزة
خرجت إسرائيل من صراع غزة بحزم متجدد، مستهدفةً الشبكات المدعومة من إيران في سوريا ولبنان.
تحاول إيران، التي تواجه تراجعًا في مكانتها الإقليمية، إعادة تأكيد قوتها الردعية من خلال التصعيد غير المتكافئ (الميليشيات، والتهديدات الإلكترونية، والتهديدات البحرية في الخليج).
2. الأزمة الداخلية الإيرانية
يتعرض الاقتصاد الإيراني لضغوط شديدة بسبب العقوبات، والتضخم، وتزايد المعارضة الداخلية.
الخطاب القومي والمواجهة الخارجية يساعدان النظام على صرف الانتباه عن الاضطرابات الداخلية.
3. التنافس على النفوذ الإقليمي
يهدد التطبيع السعودي الإسرائيلي، المدعوم سرًا من واشنطن، استراتيجية إيران الإقليمية للعزلة.
ترى طهران حاجة ملحة لتوضيح خطوطها الحمراء وتعطيل أي تحالف محتمل بين الدول العربية وإسرائيل.
4. حسابات الانتخابات الأمريكية
قد تختبر إيران عزيمة الولايات المتحدة في عهد ترامب الثاني، بينما تسعى إسرائيل للحصول على ضمانات قبل أي تحول في الموقف الأمريكي نحو "ضبط النفس أولًا".
ثانيا ً: التداعيات والسيناريوهات
السيناريو الأول: تصعيد مُحكم (الأكثر ترجيحًا)
هجمات سرية، وضربات مُستهدفة في سوريا والعراق، وربما البحر الأحمر.
لا حرب شاملة، بل حالة من عدم الاستقرار المطول تشمل حزب الله، ووكلاء الحرس الثوري الإيراني، والعمليات الخاصة الإسرائيلية.
تستمر الهجمات الإلكترونية واضطرابات الشحن في الارتفاع.
التداعيات:
ضعف الثقة التجارية في ممرات الشحن في الخليج وشرق البحر الأبيض المتوسط، وارتفاع تكاليف التأمين والطاقة، خاصةً في حال استهداف ناقلات النفط.
السيناريو الثاني: حرب إقليمية (عالية المخاطر، منخفضة الاحتمالية)
سوء التقدير أو حادثة الراية الكاذبة حيث تُشعل مواجهة شاملة، قد تشمل لبنان وسوريا وحتى العراق…إسرائيل تهاجم منشآت رئيسية للحرس الثوري الإيراني؛ وترد إيران بوابل من الطائرات المسيرة/الصواريخ.
التداعيات:
اضطراب تدفقات النفط العالمية من مضيق هرمز، وتدفقات لاجئين هائلة في لبنان وسوريان وذعر في السوق، وارتفاع أسعار النفط إلى أكثر من 150 دولارًا للبرميل.
السيناريو الثالث: خفض التصعيد الاستراتيجي عبر أطراف ثالثة
تركيا، وقطر، وعُمان، أو حتى روسيا تتوسط لتهدئة جزئية.
تهدئة مؤقتة، لكن التوترات الجذرية لا تزال قائمة.
التداعيات:
هدوء قصير المدى، مع إعادة تسليح طويلة المدى من جميع الأطراف.
انفتاح محدود للدبلوماسية، وخاصةً بشأن القضايا النووية.
ثالثا: التأثير على السياسة الداخلية الإيرانية
تزايد عسكرة النظام: الحرس الثوري الإيراني يكتسب نفوذًا أكبر، مستغلًا الأزمة لقمع المعارضة.
رد فعل اقتصادي: تشديد العقوبات، وتراجع قيمة العملة، وتزايد استياء الطبقة الوسطى.
رد فعل قومي: قد تُعزز المسيرات حول العالم شرعية النظام مؤقتًا، لكن المواجهة المطولة ستزيد من عزلة الشعب وتشعل فتيل احتجاجات جديدة.
رابعا: التأثير على إسرائيل
خطر الاستنزاف العسكري: عمليات متزامنة في غزة ولبنان وسوريا.
استقطاب سياسي داخلي وعودة الانقسامات حول الاستراتيجية (الاعتدال مقابل الردع الشامل) في الكنيست.
هشاشة اقتصادية حيث يعاني قطاعا التكنولوجيا المتقدمة والسياحة وسط مخاوف أمنية.
خامسا: رد الفعل الأمريكي: معضلة استراتيجية
تبدو إدارة ترامب منقسمة:
يُفضل المتشددون (على غرار بومبيو) إعطاء الضوء الأخضر للضربات الإسرائيلية واستغلال الأزمة لتشديد الضغط على إيران.
يُفضل الواقعيون تجنب الحرب الإقليمية التي قد تُعيق الانتعاش الاقتصادي وشراكات الولايات المتحدة مع دول الخليج.
الإجراءات الأمريكية المُحتملة:
1- خطاب داعم لإسرائيل، ولكن ضغوط خفية من أجل الاعتدال.
2- توسيع الوجود البحري في الخليج (القيادة المركزية الأمريكية).
3- التواصل الهادئ مع دول الخليج وتركيا للحد من التصعيد.
4- استخدام العقوبات كـ "صمام ضغط" - على سبيل المثال، استهداف وحدات الإنترنت والطائرات المُسيّرة الإيرانية.
سادسا ًَ: الآثار العالمية والاقتصادية
النظرة الاستراتيجية
تعكس المواجهة بين إيران وإسرائيل في منتصف عام 2025 تحولات منهجية أعمق، من خلال انهيار معايير الردع، وإعادة ترتيب التحالفات الإقليمية، وبيئة دولية تُثبط فيها منافسة القوى العظمى الوساطة، في حين أن تجنب الحرب الشاملة لا يزال ممكنًا، فإن مخاطر التصعيد حقيقية.
التوصيات الاستراتيجية:
1- بالنسبة للولايات المتحدة: الموازنة بين الردع والإشارات الدبلوماسية؛ وتجنب تمكين المتشددين في الحرس الثوري الإيراني من خلال رد الفعل المبالغ فيه.
2- بالنسبة للاتحاد الأوروبي: تعزيز الوجود البحري في البحر الأحمر؛ واستكشاف دبلوماسية القنوات الخلفية.
3- بالنسبة لإسرائيل: تجنب المبالغة في التدخل؛ وإعداد القطاعات المدنية للرد السيبراني.
4- بالنسبة لإيران: تهدئة التوتر وإلا خاطرت بانهيار اقتصادي وعزلة أعمق.
0 تعليق