فك شفرة هجاء اللغة الإنجليزية - الهلال الإخباري

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
فك شفرة هجاء اللغة الإنجليزية - الهلال الإخباري, اليوم الأحد 23 فبراير 2025 05:43 مساءً

«هجرت مقاعد الدراسة في السنة السادسة بسبب الالتهاب الرئوي:(Pneumonia) لا لأني كنت مصابا به ولكن لعجزي عن كتابة مفردته بالهجاء الصحيح...» (جرازيانو).

يعتبر الهجاء الإنجليزي أول عقبة تواجه الإنجليزي في رحلة تعلمه للغته قبل أن تشكل عقبة أكبر أمام متعلم اللغة الإنجليزية من خارج المحيط الإنجليزي، وتزداد مشقة الأمر حينما يكون المتعلم من المحيط الأقصى لتعلم اللغة أو ما يسمى بـ: Expanding Circle، حيث لا لغة يمارسها في حراكه اليومي ولا معلم يلقنه الإنجليزية بالإنجليزية الصرفة. ومن هنا يبدأ صراع متعلم اللغة الإنجليزية مع الهجاء، فما سبب هذا الصراع وكيف ينتصر المتعلم؟

لا بد أن نفهم أولا بأن هناك قانونا صوتيا يختصر بـ GPC وهو: Grapheme-phoneme correspondence ويقصد به: «انسجام الصوت والحرف» والذي يذهب بأن هناك فجوة - في أغلب اللغات - بين ما يُكتب وما ينطق، بصورة أسهل ليس كل ما يُكتب يُنطق وليس كل ما يُنطق يُكتب، ولعلي أضرب مثلا لذلك: ففي الإنجليزية كلمة bridge «جسر» حيث يوجد الـd ضمن حروفها لكنه يكتب ولا ينطق. وكلمة أسهل مثل: «ball» ينطق بها الصائت بتدوير الشفتين أشبه بالواو الساكنة، ولكنه يكتب بحرف لا يتطلب التدوير. من هنا ينبع صراع الإنجليزي وغير الإنجليزي مع الشفرة التي تشكلت بالحروف وما يدركه الدماغ لفك تلك الشفرة. وهذا الأمر ليس وقفا على الإنجليزية فحسب بل يتفشى في أغلب لغات العالم حتى العربية التي نتحدثها نجد صعوبة في هجائها، ولكن الأمر يتفاوت من نظام لغوي لآخر.

لنعود للإنجليزية التي تشكلت كلغة منفصلة عبر حقب زمنية متتالية ووفق أنظمة لغوية مختلفة ولجت للبيئة اللغوية ثم نفثت بتأثيرها اللغوي فأثرت في أسلوب النطق والكتابة. ولعل أول تأثير لعب دورا مهما في اللغة الإنجليزية هو ذلك الذي جلبه معهم القساوسة السكسونيون في القرن السابع حينما غزت قبائل الـ Anglo-Saxon إنجلترا وجلبوا معهم منظومة لغوية دخيلة أثرت في المنظومة اللغوية لأهل البلد ولكنها كانت إيجابية نوعا ما. ومن الإيجابيات التي وضعها القساوسة السكسونيون في القرن السابع الميلادي هي محاولة التقريب بين النطق والرسم (الكتابة)، ففي زمنهم كانت الفجوة ما بين الكتابة والنطق أقل اتساعا من اليوم، فكلمة: Queen «ملكة» على سبيل المثال كانت تكتب: cwen حيث أربعة أحرف تمثل النطق الكامل للمفردة. نلفت هنا إلى أن الـc هو ما يعادل الآن الـk، والحرف e كان كافيا ليمثّل الصائت الطويل. لكن الأمر لم يبقَ على ما هو عليه بعدما غزت وتوغلت القبائل النورمانية في إنجلترا عام 1066، ودخل الكتاب الفرنسيون وبجعبتهم أسلوبهم الهجائي للغة، فأثروا تأثيرا بالغا في المفردات وكتابتها ومن جملة ما أحضره الفرنسيون - على سبيل المثال - المركب اللفظي: qu وكذلك بدأ تمثيل الصائت الطويل في النطق بحرفين لا بحرف واحد، فنشأت الزيادة الكتابية للمفردات فتغيرت كلمة: cwen السابقة إلى: queen. ومن ضمن الدخائل اللغوية توظيف الـc والذي كان مقتصرا نطقه بـk في عهد القساوسة السكسونيين، فأصبح الـc بديلا للـs بعكس ما كان معهودا عليه. وزاد الطين بِلَّةً - كما يقال - بدخول الطباعة على يد «كاكستون» تحديدا عام 1476، حيث وظّف في مطبعته مجموعة من شمال أوروبا كالدنمارك، فجلبوا معهم أسلوبا هجائيا أثر في المنظومة اللغوية، من ذلك دخول المركب: gh للغة ككلمة: ghost «شبح» المستقاة من أصلها الدنماركي: gheest، على الرغم من أن الحرف: g في القرن السابع كان يفي بالغرض. ومن إيجابيات القرن السابع أو قرن القساوسة السكسونيين أن حرف الـk كان ينطق في مستهل الكلمات التالية: know وknight ولكن بتدخلات «كاكستون» وطباعته بقي الرسم (الحرف) وذهب نطقه اعتمادا على الحرف الذي يليه، وهو الـn. ومن هنا بدأت رحلة اللغة الإنجليزية مع كثرة ما يكتب ولا ينطق أو ما يعرف بـSilent letters «الحروف الصامتة»، ففي القرن السادس عشر للميلاد توغلت كلمات جديدة ككلمة: debt «دَين» والتي كانت تكتب في القرن الأوسط كـ dett أو det، لكن أضاف لها الكتاب: b لتصبح: debt كإشارة إلى أنها ليست إنجليزية بل مولّدة من اللاتينية، لكن للأسف استقرت في العقول بأنها إنجليزية، واستقرت كتابة حرف الـb ولم يستقر نطقه. من ثم بدأت الرحلات الاستكشافية للإنجليز فدخلت كلمات من لغات أخرى كالبرتغالية والإيطالية والعربية وغيرها، ومن ثم تغير أسلوب كتابتها عن ما كانت معهودة عليه في لغتها الأم، فأصبحت تحمل طابعا جديدا يشكل صعوبة أمام أهل اللغة ومتعلميها.

ختاما، لا بد أن يقوم المتعلم بإحصاء المفردات المتواترة التي تستقيم بها كتابته وهو بحاجة لها، والتي تضم مركبات صوتية أو حرفية عويصة حتى يتسنى له تذكر كتابتها، ولا بد من الاستعانة بالمعاجم المتخصصة بالهجاء كمعجم «Lewis»: Dictionary of Correct Spelling وغيره الكثير، ومن الأمور التي ينبغي أن يلتفت لها المتعلم الابتعاد عن التصحيح التلقائي للنصوص في الأجهزة المحوسبة بأنواعها، فهي لن تكون حاضرة أثناء الكتابة في ورقة الامتحان أو على السبورة أمام الطلبة، ولها أثر سلبي على الكتابة الصحيحة على المدى الطويل. ولا بد أن يلازم الشخص الورقة والقلم في كل مراحل عمره، فـ»العقل لا يخون صاحبه إلا إذا خانه صاحبه واتكل على غيره». وأخيرا أتذكر مقولة جميلة ذكرها «W.Raspberry»: «الفصاحة في اللسان والإبداع في الكتابة يفتحان أبوابا أكثر مما تفتحه الدرجة العلمية...».

أخبار ذات صلة

0 تعليق