نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
اختبارات القدرات والتحصيلي وماذا تعني للأسرة والمجتمع - الهلال الإخباري, اليوم الثلاثاء 25 فبراير 2025 11:07 مساءً
تعتمد الجامعات حول العالم بشكل كبير على الاختبارات التحصيلية والقدرات كمعايير رئيسية لقبول الطلاب، مثل: SAT، وACT، أو اختبارات محددة حسب الدول. ومع الأسف الشديد؛ بسبب تمايز مدارس التعليم العام في بلادنا أصبحت الاختبارات التحصيلية إلزامية لدخول الجامعات، وما أخشاه أن هذه العدوى قد تنتقل إلى الوظائف لاحقا كشرط الزامي للتوظيف، وذلك بسبب اختلاف مخرجات التعليم الجامعي، وحصول الكثير منهم على معدلات عالية، فقد أصبحنا لا نميز الضعيف من القوي. وعلى الرغم من أن هذه الاختبارات تهدف إلى تقييم جاهزية الطالب للتعليم الجامعي، فإن لها إشكالات مثل: محدوديتها وتحيزاتها، والضغوط الكبيرة التي تفرضها على الطلاب وعائلاتهم.
غالبا ما تقيس الاختبارات التحصيلية والقدرات مجموعة ضيقة من المهارات، مثل: الرياضيات والفهم القرائي والاستدلال، بدلا من تقديم رؤية شاملة لإمكانات الطالب. فهي تتجاهل الصفات مثل: الابتكار والذكاء العاطفي والقيادة والمرونة، وهذه الصفات تُعد ضرورية للنجاح في الحياة والدراسة. كما تتطلب هذه الاختبارات تحمُّل تكلفة الدورات التدريبية، والمدرسين الخصوصيين، والمواد الدراسية المكلفة. وبالتالي، قد تعكس الدرجات مدى الوصول إلى الموارد أكثر من القدرات الفطرية؛ مما يؤدي إلى تفاقم الفجوات الاجتماعية والحد من الفرص للطلاب المحرومين. كما أن التحضير لهذه الاختبارات المصيرية يخلق ضغطا هائلا على الطلاب، وغالبا ما يؤدي إلى الإرهاق والقلق وتركيز محدود على الأداء في الاختبار بدلا من التعلم الحقيقي.
ويمتد تأثير هذه الاختبارات ليشمل العائلات، فمثلا: تستثمر العائلات بشكل كبير في التحضير للاختبارات، بما في ذلك تسجيل أبنائها في مراكز تدريب مكلفة، أو شراء مواد دراسية. بالنسبة للعائلات ذات الموارد المحدودة، يشكل ذلك عبئا ماليا كبيرا؛ مما يضطرها أحيانا إلى تفضيل التحضير للاختبارات على احتياجات تعليمية أو شخصية أخرى. كما يشعر الآباء غالبا بالضغط لدفع أبنائهم للتفوق في هذه الاختبارات؛ مما يؤدي إلى زيادة القلق وتوتر العلاقات داخل العائلة. بالإضافة إلى أنه غالبا ما تفتقر العائلات في القرى أو المدن الصغيرة إلى الموارد اللازمة للتحضير الفعّال؛ مما يخلق فجوة كبيرة في الفرص مقارنة بنظرائهم في المدن الأكبر. كما يعزز الاعتماد الكبير على الاختبارات الموحدة نهجا تعليميا «مقاس واحد يناسب الجميع»؛ مما يثبط التنوع في المواهب والمسارات.
لمعالجة هذه التحديات يمكن للجامعات تبنِّي عمليات قبول أكثر شمولية، بحيث تهتم بالأنشطة اللاصفية من خلال الاعتراف بالإنجازات في المجالات الفنية والرياضية والقيادية أو خدمة المجتمع، وفي الوقت نفسه تهتم بالحصول على نظرة معمقة لشخصية الطالب، وطموحاته، والتحديات التي واجهها من خلال المقالات الشخصية المكتوبة والمقابلات، والسماح للطلاب بعرض مواهبهم أو مشاريعهم الفريدة.
في الختام: على الرغم من أن الاختبارات التحصيلية والقدرات مفيدة إلى حد ما، فإنها تفشل في استيعاب النطاق الكامل لقدرات الطالب وإمكاناته، والاعتماد عليها يخلق ضغوطا مفرطة على الطلاب والعائلات، وغالبا ما تكون على حساب التعليم الشامل والمساواة. من هنا وجب على الجامعات إعادة التفكير في عمليات القبول الخاصة بها لتبنّي نهج أكثر عدالة وتنوعا؛ مما يمهد الطريق لنظام تعليمي عالٍ أكثر شمولية وتوازنا.
0 تعليق