نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
المولود بهوية «ثنائية الجنس» - الهلال الإخباري, اليوم الأربعاء 5 فبراير 2025 12:30 صباحاً
وقبل أن أتناول أسباب هذه المشكلة أود أن أشير في البداية إلى نقطة مهمة وهي عدم الخلط بين الحالات المرضية التي تولد بثنائية الجنس وتستوجب من الناحية الطبية تحديد وتصحيح الجنس وتثبيته، وفقا لجميع المعطيات والتحاليل والفحوصات التي تجرى لها، وبين الحالات التي تلجأ إلى طلب تغيير الجنس بدوافع ورغبة شخصية، وهي حالات سليمة ولكنها تلجأ لذلك بدوافع ورغبة نفسية، ومثل هذه العمليات لا شك محرمة شرعا وغير جائزة.
والواقع أن هناك عدة أسباب رئيسية لحدوث حالات «ثنائية الجنس» ومنها الوراثة بنسبة كبيرة، وتناول أدوية أو وجود اختلال في هرمونات الأم تسبب خللا في تكوين الأجهزة التناسلية أثناء الحمل، لذا ينبغي تجنب زواج الأقارب في حال تسجيل مثل هذه الحالات داخل المنظومة الأسرية، لأن ذلك يزيد من فرص حدوث هذه المشكلة، كما ينبغي للسيدات الحوامل عدم تناول الهرمونات وغيرها من الأدوية التي قد يكون لها تأثير هرموني على الجنين، وتؤدي إلى خلل في تكوين الأجهزة التناسلية، وإضافة إلى ذلك تجنب استخدام المبيدات الحشرية نهائيا طوال مدة الحمل.
وللتوضيح أكثر من الناحية الطبية فإن ثنائية الجنس تنتج عن اضطرابات مختلفة في النمو الجنسي، والتي قد تحدث بسبب عوامل وراثية أو بيئية تؤثر على تكوين الأعضاء التناسلية والهرمونات الجنسية، وتشمل اضطرابات الكروموسومات الجنسية، ومتلازمة XX الذكرية، إذ يولد الشخص بتركيب كروموسومي أنثوي (XX) لكنه يتطور كذكر بسبب انتقال جين SRY إلى أحد كروموسومات X، وأيضا اضطرابات الغدد الصماء، وفرط التنسج الكظري الخلقي أي خلل في إنتاج الهرمونات الكظرية، مما يؤدي إلى زيادة إنتاج الأندروجينات، وقد يسبب تضخم الأعضاء التناسلية عند الإناث، وبجانب ذلك مقاومة الأندروجينات أي عدم استجابة الجسم لهرمون التستوستيرون، مما يؤدي إلى تطور خصائص أنثوية رغم وجود كروموسومات XY، وأيضا اضطرابات تطور الأعضاء التناسلية بمعنى وجود خلل في تكون الخصيتين أو المبايض أثناء النمو الجنيني، مما قد يؤدي إلى وجود أنسجة تناسلية مختلطة، وأخيرا اضطرابات في إنزيمات تحويل الهرمونات الجنسية والتي تؤدي إلى ضعف تحويل التستوستيرون إلى ديهدروتستوستيرون، مما يؤثر على تطور الأعضاء التناسلية الذكرية.
أما الأمراض والمضاعفات المرتبطة بثنائية الجنس فتعتمد على نوع الاضطراب ومدى تأثيره على الجسم، إذ تشمل المضاعفات المحتملة التأثير على الخصوبة، فقد تؤدي بعض الحالات إلى العقم بسبب ضعف وظيفة الغدد التناسلية، والاضطرابات الهرمونية مثل نقص أو فرط الهرمونات الجنسية، مما قد يؤثر على البلوغ والصحة العامة، وأيضا المشكلات النفسية والاجتماعية، فقد يعاني الأفراد من القلق والاكتئاب بسبب تحديات تحديد الهوية الجنسية أو التمييز المجتمعي، وإضافة إلى ذلك زيادة خطر الإصابة بالأورام، فبعض الحالات، مثل عدم نزول الخصيتين تزيد من خطر الإصابة بسرطان الغدد التناسلية.
ويتمثل التشخيص في حالات «ثنائية الجنس» على الفحص السريري عند الولادة أو في أي مرحلة عمرية لاحقا، حيث يقوم الطبيب بفحص الأعضاء التناسلية لدى الفرد لاكتشاف التغيرات والأمور غير الطبيعية، بجانب فحص الهرمونات لرصد مستويات هرمونات الذكورة والأنوثة، وأيضا التشخيص النفسي فقد يتم توجيه المريض إلى الطبيب النفسي فربما يحتاج إلى تهيئة نفسية لمرحلة العملية وما بعدها، حتى تكون نفسيته مهيأة ومتقبلة لتثبيت الجنس الحقيقي في ذاته وشخصيته.
وقد لا تظهر المشكلة خلال فترة الولادة، وقد يتم ملاحظتها عندما يكون هناك شك لدى الوالدين في الصفات الجسدية مما لا يتلاءم مع جنس الطفل، فهنا عليهم مراجعة الطبيب المختص دون إشعار الطفل بذلك حتى لا يتأثر الطفل بمثل هذه الشكوك وتنعكس على نفسيته، لذا يشكل التشخيص المبكر من أهم العوامل في نجاح علاج الفرد.
وما يشار ذكره هنا إلى أن بلادنا الغالية تحتضن مركزا لتحديد وتصحيح الجنس بمستشفى جامعة الملك عبدالعزيز بجدة والذي يعد - ولله الحمد - من أهم المراكز العالمية في تحديد وتصحيح الجنس ويتوافق مع الشريعة الاسلامية، إذ أجرى إلى الآن 2000 عملية تصحيح للجنس لحالات من داخل السعودية وخارجها، وذلك منذ افتتاحه قبل نحو 40 عاما وحتى الآن.
الخلاصة «ثنائية الجنس» هي حالة تخص الأطفال الذين يولدون بصفات بيولوجية جنسية (كروموسومات، غدد تناسلية، أو أعضاء تناسلية) لا تتناسب مع التعريف النموذجي للذكر أو الأنثى، وقد تكون هذه الحالات واضحة عند الولادة أو قد تصبح ملحوظة خلال مرحلة لاحقة من العمر أو البلوغ، فيما يعتمد العلاج على السبب الأساسي، وقد يشمل العلاج الهرموني أو الجراحي عند الضرورة، ويصاحب ذلك الدعم النفسي والاجتماعي للأفراد وأسرهم لضمان حياة صحية ومتوازنة، والوقاية من هذه الحالات تكون بمنع تناول أي أدوية خلال فترة الحمل دون استشارة الطبيب المعالج، وتجنب زواج الأقارب في حال تسجيل مثل هذه الحالات في منظومة العائلة، وعدم استخدام المبيدات الحشرية طوال فترة الحمل.
0 تعليق