الفهم العميق: مهارة المستقبل في التطوير المهني - الهلال الإخباري

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الفهم العميق: مهارة المستقبل في التطوير المهني - الهلال الإخباري, اليوم الخميس 22 مايو 2025 01:04 صباحاً

يتسم القرن الحادي والعشرون بالتغيرات السريعة في المجالات كافة، والتي تستدعي امتلاك الأفراد عددا من المهارات من أبرزها التفكير الناقد، والتشارك والتعاون، وفي زمن تتسارع فيه التغيرات وتتشابك فيه المهام، لم يعد الاكتفاء بالفهم السطحي كافيا لصنع قرارات ذكية أو بناء أثر مهني مستدام. ولعل التقدم العلمي الذي تم إحرازه في مجال فهم طبيعة تفكير البشر، ونظرية تكوين المعرفة، والتأثير المباشر لهذين العاملين على استعداد الإنسان للتعلم، قد سلط الضوء لأخذ عامل الإدراك للصلة بين ما يعرض من معلومات مستجدة، وما تم اكتسابه من خبرات سابقة. فالفهم العميق أداة إدارية جوهرية، لا تقتصر على تحليل المعلومات، بل تمتد إلى القدرة على الربط، التأمل، وقراءة السياقات الواقعية والثقافية والمجتمعية خلف كل قرار أو موقف.

كما يُشير الفهم العميق إلى أنه عملية معرفية ذهنية واعية يقوم بها الفرد لتوليد معنى أو خبرة مع ما يتفاعل معه من مصادر، بحيث يعطي معنى للموقف، ويشرح ويفسر العلاقات. وهو مستوى متقدم للمعرفة العميقة، وهنا تكمن أهميته في قدرة الفرد على نقل ما اكتسبه من معارف إلى مواقف مختلفة في مجتمعه. وتظهر أهميته في التحليل العميق للسياق أثناء اتخاذ القرارات، سواء بالتعامل مع الفرق، أو إدارة التغيير أو في حل النزاعات. وفي بيئة العمل لا نتعامل مع ملفات ومهام فقط؛ بل مع بشر يحملون ثقافات ومعلومات متعددة وصادرة من خلفيات متنوعة وتجارب ومشاعر، والتعامل مع ذلك يتطلب إدراكا إنسانيا يتجاوز التعليمات والمهام المجردة.

ويتجلى الفهم العميق من خلال مجموعة من الخصائص الجوهرية التي تمنح الفرد بصيرة تتجاوز المألوف، وتمكنه من قراءة الواقع بأبعاده المختلفة، ومن أبرزها: الربط بين الظاهر والخفي، حيث يستطيع الفرد رؤية العلاقة الخفية بين ما يظهر على السطح من أداء وسلوكيات، وما يكمن خلفه من تحديات بنيوية أو ثقافية أو اجتماعية أو نفسية، الاستماع لما وراء الكلمات إذ لا يكتفي بالإنصات للمحتوى الظاهر، بل يلتقط النبرة، والمشاعر، والدوافع غير المعلنة خلف الحديث، مستشعرا ما يقال بالصمت أكثر مما يقال بالكلام. كذلك التحليل متعدد الأبعاد فلا يفسر المعطيات تفسيرا خطيا، بل يربط بين البيانات والإشارات الثقافية والنفسية والتنظيمية، ليصل إلى فهم أكثر تكاملا وواقعية. والمرونة الإدراكية وتتمثل القدرة على تغيير زاوية النظر، وتجاوز الأحكام المسبقة، وتقبّل تعدد التفسيرات والاحتمالات دون انغلاق أو تسرع. لا تُكتسب هذه الخصائص دفعة واحدة، بل تُصقَل بالملاحظة الواعية، والتجربة المتأملة، والرغبة الحقيقية في أن يكون الفرد مرآة للواقع لا مجرد صدى له.

أخبار ذات صلة

0 تعليق