الهلال الإخباري

الخوارزميات بين الحياد والانحياز - الهلال الإخباري

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الخوارزميات بين الحياد والانحياز - الهلال الإخباري, اليوم الأحد 23 فبراير 2025 05:43 مساءً

نحن في عصر تسيطر فيه الخوارزميات على كل ما نراه ونسمعه، وكلنا ندرك ذلك. قد يبدو المشهد ظاهريا كأنه مساحة حرة للنقاش والتعبير برعاية التكنولوجيا. غير أن الادعاءات المتكررة لعمالقة التكنولوجيا والمنصات الرقمية بشأن التزامها بالحياد في القضايا والأزمات والصراعات؛ أكذوبة تلاشت أمام الواقع.

لإنشاء تجربة مخصصة لكل مستخدم على حدة، تعتمد خوارزميات المنصات الرقمية على تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، حيث تقوم بتحليل سلوك المستخدم (ما الذي ينقر عليه، مدة المشاهدة، التعليقات، التفاعلات، إلى جانب نوعية المحتوى الذي يثير اهتمامه وتفضيلاته السابقة. وفي المقابل فإن المحتوى الذي يظهر لنا ليس عشوائيا، بل مدروسا بعناية وفقا للأهداف التي تطمح لها هذه المنصات.

وتشكل قدرة الخوارزميات على توجيه الأفكار والتأثير في المواقف مصدر قلق أخلاقي عميق، إذ تتمثل إحدى المخاوف الرئيسية في احتمالية التلاعب واستغلال المستخدمين. فعندما تُبرمج هذه الخوارزميات لدفع الأفراد نحو محتوى أو منتجات أو أفكار محددة دون إدراكهم، تصبح أداة خفية للتحكم في توجهاتهم واختياراتهم، وآرائهم في قضايا معينة.

إن الخوارزميات ليست مجرد أداة تقنية، بل أصبحت قوة مؤثرة دون مبالغة في الوصف، وتشكل رؤيتنا للعالم وتتحكم في أنماط تفكيرنا اليومية. وبينما توفر لنا هذه الأنظمة تجربة مخصصة وسهلة، فإنها تساهم أيضا في عزلنا عن التنوع الفكري وتعزز الانقسام المجتمعي. وهنا تبرز التساؤلات: هل نحن بالفعل من يختار المحتوى الذي نستهلكه، أم أن الخوارزميات تختار لنا؟ وهل تتوفر حلول لمعالجة هذا الانحياز الخوارزمي؟

تتطلب معالجة التحديات الأخلاقيّة المرتبطة بالتلاعب الخوارزمي نهجا مختلفا، وبدأت مؤخرا تزداد المطالب لإنشاء منصات تحكمها سياسات عربية بعيدة كل البعد عن التحيز الخوارزمي، وخلق بيئة رقمية أكثر شفافية، تضمن للمستخدمين محتوى متوازنا يعكس التنوع الثقافي والفكري في المجتمعات العربية، وفقا لقيمهم وقضاياهم وتوجهاتهم. هذه الخطوة تساهم بتعزيز الانفتاح الفكري، كما تساهم في بناء فضاء رقمي خالٍ من التضليل والتوجيه غير الواعي للرأي العام بعد هيمنة السلطة الغربية على هذه المنصات في الوقت الحالي.

وفي النهاية، المسؤولية لا تقع على المنصات الرقمية فحسب، بل على المستخدمين أيضا، حيث يتطلب الأمر وعيا أكبر بأساليب عمل هذه الخوارزميات، والتفاعل مع المحتوى بذكاء، والبحث عن الحقيقة خارج حدود الفقاعات الرقمية المغلقة، فالعالم أوسع بكثير مما ترسمه لنا خوارزميات مواقع التواصل الاجتماعي

أخبار متعلقة :