نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
توتر الميدان.. "اللهم إني صائم" - الهلال الإخباري, اليوم الثلاثاء 4 مارس 2025 05:52 مساءً
والطبيعة البشرية في رمضان وخلال ساعات الصيام تختلف في سلوكياتها من فرد لآخر، فمنهم من يدرك ويحسن تصرفاته في مواقف المشاحنات والمشاجرات التي لا يخلو منها الميدان، فيتعامل بكل حكمة وهدوء أعصاب بعيدا عن النرفزة والتوتر والعصبية الزائدة والمد والجزر إيمانا واحتسابا من صومه ومستشهدا بـ "اللهم إني صائم"، وفي الاتجاه الآخر هناك من يتوتر ولا يستحمل أي موقف طارئ وقد ينسى أنه صائم فيكون رد فعله مؤثرا وجارحا لصيامه وقد يصل به الحال إلى عدم القدرة على سيطرة النفس والأعصاب فيبدأ سيناريو الشجار بالملاسنة وصولا إلى مد الأيادي.
والواقع أن الصوم بريء من كل تلك التصرفات السلبية الهوجاء التي قد تسجلها الميادين وهي بالطبع حالات فردية، وقد يعلل بعضهم أنه لم يستطع تحمل الموقف لأن مزاجه متقلب لعدم تناوله القهوة التي تتضمن الكافيين الذي يمنحه نشوة المزاج أو عدم تدخينه السيجارة التي اعتاد عليها بشراهة، فأصبحت أعصابه خارج السيطرة والتحكم، وجميع تلك الحجج غير مبررة وتكشف أن الشخص لم يدرك أهمية الاستفادة من دروس الصوم التي من أهمها الصبر وتهذيب النفس وضبطها، وفوائده العديدة للصحة النفسية، فإذا أصبحت الغرائز تحت سيطرة الإرادة وقوة الإيمان فهنا لا غبار أن يشعر الصائم بالطمأنينة والراحة النفسية والسكون الداخلي.
لقد جعل الله سبحانه وتعالى العبادات وسيلة راحة وتهدئة للمشاعر، والصيام بلا شك فرصة للتخلص من المشاعر السلبية والتصالح مع النفس، والارتقاء بالنفوس وصفائها وطمأنينتها، والتدريب على الصبر والتحمل، وتنمية القدرة على التحكم في الذات، وتجنب كل التصرفات المرفوضة وغير المقبولة.
ومن المؤسف أن نشاهد بعض التصرفات والسلوكيات الخاطئة التي قد تصدر من بعض الأفراد وهم صائمون وتحديدا عند قرب موعد الإفطار، وكل ذلك من أجل أن يلحق الشخص وقت آذان المغرب والفطور الذي ينتظره مخاطرا بحياته والآخرين، فبعض الأفراد - للأسف - يضاعف سرعة سيارته في اللحظات الحاسمة وخصوصا إذا كان معزوما للإفطار، والبعض الآخر قد يتشاجر من أجل شراء الفول أو السوبيا بسرعة قبل الآخرين ودون مراعاة لطابور النظام حتى يكسب الوقت وينجز مطلبه بسرعة، وكل ذلك بالطبع لا يبرر تلك التصرفات الخاطئة والمؤذية للآخرين، فكل ذلك يُفقد الصوم معناه السامي، ولذلك يجب على كل فرد أن يحرص على صيامه ويتحلى بالصبر والأخلاق والمبادئ والقيم السليمة، ويحرص على ضبط النفس والاستفادة من حكمة الصوم وعدم إفساده في أمور هامشية.
ومن كل ما سبق طرحه أود أن أؤكد هنا على الجميع ومنهم تحديدا مرضى السكر بضرورة تجنب التوتر نهائيا سواء في ساعات الصيام أو غيره، وذلك تفاديا لحدوث اختلال نسبة سكر الدم، فهذه الفئة الغالية تحتاج إلى الاستقرار النفسي أكثر من غيرها، إذ يجب عليهم تجنب جميع مواقف المشاحنات والمشاجرات فسلامة صحتهم أهم من جميع الأمور، وحتى يكون صيامهم آمنا وموفقا ومتقبلا وبعيدا عن التجريح.
والواقع أنه عندما تغمر هرمونات التوتر الجسم، فإنها يمكن أن تتداخل مع عمل الإنسولين، ذلك الهرمون المسؤول عن تنظيم نسبة السكر في الدم، إذ يسمح الإنسولين للجلوكوز بدخول الخلايا، حيث يتم استخدامه للطاقة، ومع ذلك يمكن لهرمونات التوتر أن تقلل من فعالية الإنسولين، مما يؤدي إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم، بالإضافة إلى ذلك يمكن أن يحفز التوتر إنتاج الجلوكاجون، وهو هرمون آخر يرفع مستويات السكر في الدم، وهذه التأثيرات مجتمعة يمكن أن تجعل من الصعب على مرضى السكري الحفاظ على مستويات السكر في الدم ضمن النطاق المستهدف، فخير نصيحة للجميع ومرضى الأمراض المزمنة وغيرها بتجنب كل ما يعرضهم للتوتر لتعزيز سلامة الصحة النفسية.
الخاتمة: تتضاعف مسؤولية الجميع ومنهم مرضى السكري في شهر رمضان الفضيل بتجنب مواقف التوتر والمشاحنات والمشاجرات التي قد تحدث في الميدان (لا قدر الله) ولأتفه الأسباب، فذلك يؤدي إلى حدوث اختلال في سكر الدم وقد يترتب على ذلك مضاعفات غير متوقعة، فالأولى والأجدر للأصحاء ومرضى السكري عند تعرضهم لأي موقف سلبي ترديد "اللهم إني صائم" والابتعاد عن المشهد، فذلك يساعد على استقرار النفس وبث الطمأنينة والمحافظة على روحانية الصيام، وكل رمضان والجميع بخير.
0 تعليق