مسلسل يفتح دهاليز الماضي - الهلال الإخباري

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مسلسل يفتح دهاليز الماضي - الهلال الإخباري, اليوم الثلاثاء 11 مارس 2025 12:37 صباحاً

لم أتخيل في حياتي أن أشهد مسلسلا يحكي عن قصة الخليفة معاوية!

وهي شخصية جدلية تشكلت حولها تعرجات الهيكل العظمي للتاريخ الإسلامي منذ عداء آل سفيان للدعوة الإسلامية، ومعارك بدر وأحد والأحزاب، ويوم فتح مكة واعتبار بيت أبي سفيان منطقة الثقة والأمان.

وقفزا على مفصلية أحداث سقيفة بني ساعدة وحروب الردة، وفتوحات عمر بن الخطاب، وتعيين معاوية واليا على الشام، وخلافة عثمان بن عفان وحادثة حرق القرائين ما أدى لمقتله، وتولي علي بن أبي طالب الخلافة مزامنة مع نشوء انزياح فكر فرقة الخوارج وما تلاها بين معاوية وعلي ونسلهما من خلافات ومعارك دموية رسخت في الضمير الإسلامي وشكلت وحورت معظم أسباب التحولات الانشطارية في الأمة الإسلامية، تسيرها أفكار وتأويلات وطقوس دامت على مدى القرون الماضية، وأنتجت التباين والتناحر والعداء بين المسلمين حد هدم الكعبة واستحلال المدينة المنورة، وجنوح كل فرقة بمعتقداتها مهما قتلت من الصحابة والمبشرين بالجنة، طوائف تبغي على الأخرى، والمسلم يقابل أخيه المسلم بالسيف، والكل يحتكم للمصحف!

في الماضي لم يكن مسموحا بفتح دهاليز التاريخ الإسلامي لأقلام المنظرين وصناع الدراما بأهوائهم، خشية تنامي الروايات الضعيفة والمدسوسة بأنواع التجني والإنكار، ووسط مرئيات قش قابلة للاشتعال، تحرق الحاضر والمستقبل بشذوذ أفكار ونقض وتعنت، وتحريف، يزيد لهيب العقول والضمائر ويعاظم تشويه التاريخ الإسلامي.

المتفائلون بالمسلسل يستبشرون حدوث صدمة وعي جماعية شافية ووقفات تعقل وتفاهمات تعيد لضمائر الفرق الإسلامية حسن الرؤية والمناقشات الهادئة العقلانية، واستجلاء الغموض واستنكار منازعات فكرية وإرهابية لم تفد المسلمين يوما.

والأكثر تفاؤلا يؤكدون على أن المسلسل سيحفز مراكز البحوث العلمية والجامعات الإسلامية على كحت جلخ الماضي، ووضع الخطط والمنهجيات الواضحة المعتدلة لترميم التراث وتحييد أضراره، والسعي لاعتماد وتحقيق المصداقية العلمية واستخدام يقين الدراسات الأركيولوجية بعيدا عن الميول والنزوات والعاطفة العمياء والروايات الضعيفة للخروج برؤية إسلامية إنسانية موحدة طال زمن انتظارها، تقفز على العوج والزيادات، وتفتح بوابات مشرقة تجمعنا وتجنبنا أسباب الخلافات!

ولعلها فرصة إسلامية سانحة لمنع نشوء الفرق المستحدثة التي تسكب الوقود على النار، مثل القرآنيين والإبراهيميين، وغيرهم.

المسلسل لا شك يمثل قذيفة في الظلمة، إما أن تصيب عين الخلاف وترديه لصالح الرؤية السليمة، وأما أن تحرق ما تبقى للعالم الإسلامي من خيوط مصالحات رثة ضمنية وحدود وأمنيات بالخروج من عنق الزجاجة الخانق.

المملكة العربية السعودية تعمل حاليا على مد الجسور، وعقد مؤتمرات السلام في مكة المكرمة، للتقريب بين شتى الفرق الإسلامية مهما كانت أقلية، وهي تراهن على حراك العقول المعتدلة المحبة النورانية، وعلى جاهزية الوعي الإسلامي، فكريا وسياسيا واجتماعيا ودينيا للقفزة، وبما يواكب التغيرات الكونية والحضارية من حولنا، ويدفعنا لسلام ونماء وتقدم بعد قرون من التخلف والمرويات المهلكة أورثتنا عوامل الجهل والخوف، وعظيم التشظي.

ورابطة العالم الإسلامي ناشطة تهدف لجمع عقول المثقفين المنطقيين المعتدلين، الراغبين في انتشال الشعوب الإسلامية من حياة بؤس واقتتال مستعاد، أفسد العقول وطحن الشباب، وقتل وهجر الملايين من أوطانهم، وحرمهم من الأمن والسلام والنماء وسط عجائب دهاليز الظلمة والعسر والحقد وجنون الانتقام من أشباح الماضي.

أخبار ذات صلة

0 تعليق