نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
اختبار الديموقراطية الأمريكية - الهلال الإخباري, اليوم الأحد 16 مارس 2025 12:28 صباحاً
لم تعش الولايات المتحدة الأمريكية اختبارا صعبا لمتانة ديموقراطيتها كما هو الحال اليوم مع العهد الترامبي، الذي أخذ يستبد برأيه في كل شاردة وواردة، وبدأ في محاربة الحريات التي كفلها الدستور الأمريكي لكل الناس، وكانت الولايات المتحدة متميزة به طوال عهودها، لكنها اليوم تتراجع وتتحول إلى نظام ديكتاتوري مستبد إرضاء للحركة الصهيونية ودولة إسرائيل. والسؤال: هل تسقط المؤسسة الدستورية الأمريكية أمام مظاهر الاستبداد الترامبي؟
في السياق ذاته فقد اشتهرت الولايات المتحدة بمؤسساتها الديمقراطية المتنوعة، ودرجات قضائها المختلفة، ونظام ولاياتها المستقل في الإطار الفيدرالي، وكل ذلك قد شكل أعمدة في التجربة الديموقراطية التي حفظت للإنسان كرامته وحريته التي لا حدود لها في إطارها القانوني المسموح، والمسموح به كبير حتى أنه ليشمل انتقاد البيت الأبيض والتظاهر أمامه.
غير أن ذلك أخذ في التبدل بشكل مخيف، حين بدأت الأجهزة الفيدرالية باعتقال وطرد كل النشطاء الذين وقفوا في مواجهة جرائم الإبادة التي ارتكبتها دولة إسرائيل في حرب غزة الكارثية، ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل تم منح سفير دولة جنوب أفريقيا مهلة قصيرة ليغادر البلاد، وحتما فكلنا يعرف السبب الجوهري وراء ذلك وهو تبني دولته رفع القضية الجنائية ضد نتنياهو وجنرالاته الذين ارتكبوا أبشع المجازر وجرائم الإبادة بحق الفلسطينيين في غزة. وهو ما صدر في حقهم حكم جنائي دولي أغضب الرئيس ترامب كثيرا.
أمام ذلك فالديموقراطية الأمريكية في موقف صعب، وهي عمود ارتكاز الاتحاد الفيدرالي ورابطها المتين الذي أعطى للدولة حصانتها وقوتها، فهل تنتهي سمات تلك الديموقراطية في هذا العهد؟ أم ستدافع عن نفسها وتسقط كل ملامح الاستبداد القائم؟
واقع الحال فنحن أمام فترة رئاسية عصيبة ستواجه فيها أمريكا قبل غيرها صراعا مريرا بين مسارين متعاكسين، أحدهما يؤمن بالحريات، بل وأبعد فيه إلى درجة الاستبداد العقيم في فرض الشذوذ ومحاربة الجندرة؛ وآخر معاكس له تماما. وبالقدر الذي اكتسب المسار الآخر دعم كل شعوب الأرض المتزنة فيما يتعلق بمحاربة الشذوذ، لكنه أثار حنق كل المؤمنين بالحرية المسؤولة، وكل المؤمنين بالمسار الديموقراطي، بقراراته المستبدة، المنطلقة من رفضه لمواقف مبدئية أبداها عدد من النشطاء داخل حرم جامعة كولمبيا وغيرها، فقرر نفيهم من الوجود بالرغم من قانونية وجودهم، لمجرد أنه يعارضهم التوجه.
إذن نحن أمام مواجهة قائمة بين الحرية المسؤولة والديموقراطية التي تشدق بها الأمريكان، وشنوا باسمها حروبا على الآخرين، بل وأسقطوا حكومات باسمها، وبين الاستبداد الذي سيكون سمة لاسم الرئيس ترامب مستقبلا، لتصبح الترامبية كناية عن الديكتاتورية والاستبداد، فهل يدرك الرئيس ترامب ذلك؟ وهل يريد أن يجعل أثره في التاريخ الأمريكي والعالمي مرتبطا بأسوأ صفة في الوجود الإنساني؟
0 تعليق