الإعلام السعودي: من مشهد تقليدي إلى منصة عالمية للابتكار والنمو - الهلال الإخباري

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الإعلام السعودي: من مشهد تقليدي إلى منصة عالمية للابتكار والنمو - الهلال الإخباري, اليوم الأربعاء 28 مايو 2025 01:22 صباحاً

في المشهد العالمي المتسارع، حيث تتحول المعايير وتتغير قواعد اللعبة الإعلامية كل يوم، يبرز قطاع الإعلام السعودي كمثال حي على التحول المدروس والنمو المتسق مع مستهدفات رؤية 2030. لم يعد الإعلام في المملكة مجرد وسيلة اتصال، بل تحوّل إلى صناعة استراتيجية تُسهم في الناتج المحلي، وتوفر آلاف الوظائف، وتُعزز صورة المملكة إقليميا ودوليا.

هذا التحول لم يأتِ من فراغ. بل هو نتاج حزمة من التحولات الجوهرية في ستة محاور مركزية أعادت رسم المشهد الإعلامي في المملكة: من ارتفاع معدلات الطلب على المحتوى المحلي، إلى البنية التحتية المتطورة، مرورا بالدعم التمويلي للمشاريع، ووصولا إلى استقطاب المواهب، وتبني أحدث التقنيات، وأخيرا إطار تنظيمي حديث وواضح.

طلب على الهوية قبل الترفيه

في خضم التدفق العالمي للمحتوى، اختار الجمهور السعودي أن يرى نفسه على الشاشة. فكان التحول الأول في معدلات الطلب، حيث برز المحتوى المحلي كخيار أول للمستهلك السعودي. هذه الرغبة الدافعة دفعت منصات كـ»شاهد» و» تلفاز11» إلى إنتاج محتوى سعودي ينافس عالميا، في حين بدأت الأفلام السعودية تحصد جوائز دولية. هذا ليس مجرد ترفيه، بل استعادة للهوية الثقافية من خلال الشاشة.

الاستوديو السعودي: منصة إنتاج إقليمي

إذا كانت الصورة هي مرآة الفكرة، فإن البنية التحتية هي محركها. اليوم تمتلك المملكة أكثر من 35 استوديو حديثا، بمواصفات دولية. رفع الحظر عن دور السينما قبل أعوام لم يكن قرارا ترفيهيا بقدر ما كان بداية لعصر إعلامي جديد، يتكامل فيه العرض مع الإنتاج، وتُبنى فيه السردية من داخل البلاد، لا من خلف البحار.

التمويل.. من دعم إلى تمكين

ما يُميّز تجربة السعودية الإعلامية أن التحول فيها ليس تنظيميا فحسب، بل تمويلي أيضا. الدعم الموجه لقطاع الإعلام بات جزءا من استراتيجية تنموية تُعزز من توطين الإنتاج الإعلامي، وتستقطب الشركات العالمية لنقل عملياتها إلى المملكة، مما يخلق بيئة عمل حيوية ويوفر آلاف الفرص الوظيفية.

الموهبة السعودية:

من المستهلك إلى المُنتج

في خطوة لافتة، أنشأت المملكة ثلاث أكاديميات متخصصة في الإعلام، لتدريب آلاف السعوديين على أحدث المهارات الإعلامية. لا تقتصر البرامج على نظريات الإعلام، بل تتعاون الأكاديميات مع جامعات عالمية لتقديم تعليم تطبيقي. هذه الأكاديميات تمثل جسرا بين التعليم وسوق العمل، بين الموهبة الخام والمنتج النهائي القابل للتنافس عالميا.

تقنية تُسرّع الحكاية

قد تكون سرعة الإنترنت أو تغطية الجيل الخامس مجرد أرقام في بعض الدول، لكنها في السعودية أصبحت قاعدة للابتكار الإعلامي. بسرعة تفوق المعدل العالمي بنسبة 59%، وبتوسع كبير في الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي، أصبحت المملكة بيئة رقمية مواتية لتجريب وتطوير أحدث المنتجات الإعلامية.

تنظيم يتحدث بلغة السوق

في عالم الإعلام، التنظيم ليس قيدا بل هو الممكن الحقيقي للاستثمار. الهيئة العامة لتنظيم الإعلام لعبت دورا محوريا في توفير إطار تشريعي يحمي المستهلك ويُحفّز المستثمر. هذا التنظيم المتزن مكّن الجهات المحلية والدولية من العمل في سوق أكثر شفافية، وأعلى تنافسية، وأوضح شروطا.

قطاعات إعلامية تنهض من جديد

التحول لا يقتصر على الإعلام المرئي. بل يمتد إلى الإعلام المسموع، الذي بات يخطو نحو العالمية عبر البودكاست والموسيقى الحية. كذلك النشر، الذي يتجدد عبر المنصات الرقمية، وقطاع الألعاب الذي يتحول إلى أحد أعمدة الترفيه الوطني، وقطاع الإعلانات الذي يستفيد من النمو الرقمي وموجة التحول الذكي في التسويق.

الفرص الذهبية في تفاصيل المشهد

المملكة باتت حاضنة لفرص استثمارية لا تُعد في القطاع الإعلامي، بدءا من الدعم المالي للمشاريع الناشئة، مرورا بتشجيع المحتوى الرقمي، وانتهاء باستضافة فعاليات عالمية مثل «موسم الجيمرز»، الذي اجتذب أكثر من 1.2 مليار مشاهدة عالميا.

كما أسهم قطاع الإعلام بنحو 4 مليارات دولار في الناتج المحلي عام 2023، ومن المتوقع أن يقفز الرقم إلى 12 مليارا بحلول 2030. أما التوظيف، فقد ارتفعت فرص العمل من 60 ألفا إلى توقعات تبلغ 150 ألف وظيفة خلال أقل من عقد، ما يعكس زخم القطاع واتساعه.

إعلام برؤية وطن

ما يحدث اليوم ليس مجرد نمو قطاع، بل هو نهوض بسردية وطن. الإعلام السعودي لم يعد ناقلا، بل أصبح صانعا للرسالة، ومرآة للهوية، وشريكا في التنمية. الرؤية واضحة، والخطوات محسوبة، والنتائج تتحدث بلغة الأرقام.

إن ما نشهده في الإعلام السعودي هو لحظة تحول نادرة. لحظة يتم فيها بناء المستقبل لا على أنقاض القديم، بل على قاعدة متينة من التنظيم، والتمكين، والاستثمار في الإنسان. إنها قصة إعلام يُروى لا فقط بالكاميرا، بل بالعقل والسياسة والاقتصاد، وبرؤية لا تقبل إلا بالمركز الأول.

وهكذا، لم يعد السؤال: هل سيتطور الإعلام في المملكة؟ بل أصبح: كيف سيفاجئنا مستقبل الإعلام السعودي؟

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق